الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
المفاعل النووي الإسرائيلي/ د.الياس عفيف سليمان
المفاعل النووي الإسرائيلي/ د.الياس عفيف سليمان

كتب الصحافي يوسي ميلمن يوم 4 ديسمبر 2012 في الموقع الالكتروني " واللا " للأخبار مقالا في اللغة العبرية تحت عنوان " الامم المتحدة : مراقبة المنشئات النووية الاسرائيلية – وفورا " يقول ميلمن ان 174 دولة عضو في الامم المتحدة طلبت من اسرائيل ان توافق وتنضم الى ميثاق الامم المتحدة المنادي بالحد من نشر اسلحة الدمار الشامل وان تسمح لمراقبي الامم المتحدة بتفقد منشآتها النووية. وقد عارضت: اسرائيل, الولايات المتحدة, كندا, مكرونيزيا وجزر المارشال. وامتنعت عن التصويت : الكاميرون, الهند, اثيوبيا, استراليا وساحل العاج.
اعادني هذا المقال بالذاكرة الى الماضي لأرجع الى التاريخ, الى ايام حكم دافيد بن غوريون (1886 -1973), يومياته ومذكراته المتعلقة بهذا الموضوع والى كتاب ميخائيل بار زوهار "السيرة الذاتية السياسية لبن غوريون" .ويقول بار زوهار " تعرض بن غوريون لضغوطات شديدة من قبل الامريكان الذين طالبوا بتفقد وفحص المفاعل النووي الاسرائيلي.
في العام 1963 ارسل الرئيس الامريكي جون كنيدي (1917 – 1963) رسالة شديدة اللهجة الى بن غوريون مطالبا اياه السماح للتقنيين والمتخصصين الامريكان بفحص المفاعل النووي للوقوف عن كثب عما يجري بداخله. قام بن غوريون بإجراء المشاورات والمحادثات الحثيثة مع اصدقائه, وكتب الى كنيدي ردا شديد اللهجة جاء فيه " لن توافق اسرائيل على اكثر من زيارة واحدة في السنة ".
لم تكن امريكا وحدها التي ضغطت على بن غوريون, بل حتى بعض اصدقائه في الحكومة وعلى رأسهم وزيرة الخارجية غولدا مائير (1898 – 1978) التي اعتقدت ان الخلاف مع امريكا بما يتعلق بالمفاعل النووي قد يؤدي الى تدهور العلاقات الاسرائيلية الامريكية. انضم الى غولدا وشاركها الرأي ايسير هارئيل (1912 – 2003) رئيس جهاز الموساد, اقترح هارئيل وغولدا على بن غوريون اتخاذ بعض الخطوات التي رأى بها بن غوريون بانها ستؤدي الى زوال البرنامج النووي الاسرائيلي. لم يكتفي هرئيل وغولدا بذلك, فابرقوا الى نائب وزير الدفاع شمعون بيرس (1923- رئيس الدولة الحالي ) الذي تواجد في السنغال بان يعود حالا الى سديه بوكر للتشاور بموضوع المفاعل النووي. لم يخضع بن غوريون للتحذيرات ولم يتقبل النصيحة, بل استمر في العمل من اجل انهاء بناء المفاعل.
وجاء في السيرة الذاتية لبن غوريون ان وزير المالية ليفي اشكول (1895 – 1969) لم يكن بمقدوره تمويل واكمال المفاعل النووي من ميزانية الدولة. قرر بن غوريون ان يرسل وبشكل سري مبعوثين من قبله للقاء اليهود الاغنياء في جميع انحاء العالم لطلب المساعدة المالية, واسند المهمة الى شمعون بيرس ومدير عام وزارة الدفاع ارتور( اشير ) بن ناتان (1921 - ). التقى بيرس وبن ناتان المئات من اغنياء اليهود الذين وافقوا على التبرع سرا بمبالغ مالية كبيرة.
لم يكتف بن غوريون بذلك, بل دعا هو ومساعديه العديد من رجال الاعمال والصناعة في اسرائيل وشرح لهم اهمية المفاعل النووي في ديمونا, وطلب مساعدتهم المالية: لم يطلب بن غوريون التبرع لمرة واحدة فقط, بل طلب التبرع والدفع بشكل دفعات شهرية ولسنوات عدة. وافق اصحاب رؤوس الاموال ورجال التجارة والصناعة على طلب بن غوريون.
عندما استقال بن غوريون في العام 1963 خلفه ليفي اشكول الذي اكمل مهمة بناء المفاعل النووي وبحسب الخطة الاصلية.

 

[email protected]