السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
(عند طبيبي النّفسيّ)..... شعر/هنيبعل كرم
(عند طبيبي النّفسيّ)..... شعر/هنيبعل كرم


استشرتُ اليومَ طبيبيَ النّفسيّ،
سألَني عن آخِر حلمٍ راوَدني؛
بيروتُ مدينةٌ تزدحمُ فيها الأحلام!
أخبرتهُ عن فراشةٍ حول شمعةٍ
تسخرُ من سأَمي، ومن المرورِ بهِ
كلَّ خميس قبلَ لقاءِ الأصدقاء...
كانت تحدّقُ في اللُّهبةِ... تومِئُ لي:
"وحدَه من يدخل النّارَ يعرفها،
فلا تنتظرْ أن يخرجَ من الشّجرِ
ما يدلُّكَ إلى الطّريق...
اِقلبْ ساعتَكَ الرّمليّةَ
يَرجعِ الزّمنُ إلى جدّك الذي ماتَ
في السّنة العاشرة من عمرِك..."
أحبسُ في رئتيَّ رذاذَ "الفنتولين"،
أَرسلَه أخي من "بونَ" الجميلةِ
بعد انفجارِ بيروتْ،
فيخرجُ صفيرٌ يسألني عنها،
بيروتُ،
المدينةُ التي لا تموتْ!
حطبٌ، دمعٌ رطبٌ
وجليدٌ على شِفاهِ الحليب...
وفي الحلمِ أحلامُ أمّةٍ
بين هلالٍ وصليبٍ
ضاعتْ في السُّحُبِ!
أقلبُ ساعتي على حربِ "فييتنام"،
لم يزلِ الموتُ رحلةً في حقيبة...
أحنُّ، أحيانًا، إلى قرى مشلوحةٍ
على جبالِ "النّيبالِ" البعيدة،
أستيقظُ في الصّحراء
فأرى نفسي في آياتٍ كثيرةٍ
قائدًا
قاتلَ الهواءَ والهباءَ والهَراء!
قربَ المدفأةِ عامٌ يمرُّ
كفاصلةٍ في كتابٍ يقرقعُ في الخشبِ:
كم تشيخُ فينا الطّفولةُ
في بحثٍ عن السّبَبِ!
بعيدًا عن الحبِّ أشجارٌ نحنُ...
نسعى، من موقدٍ إلى موقدِ!
بعيدًا عن الحبِّ، لا أملَ،
أسئلةٌ عن عدمٍ،
نملٌ تكاثرَ، وكثيرٌ من الحطبِ!
ثمّ... رأيتُ الأرضَ يبابًا-
أمامَ جدارٍ شامخٍ فوقَ التّراب،
واقفٍ عكسَ الطّبيعةِ
وعكسَ الخليقةِ
وعكسَ الزّمانْ-
ونقشًا بيدِ جدّي المكلومةِ في الحربِ الأولى:
"إلى أرضِنا نمشي، ابني يا حنظلة،
وراءَنا الخرابْ..."