الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
فلسطين معضلة في قلب معضلة !...د.ناجي شراب
   فلسطين معضلة في قلب معضلة !...د.ناجي شراب


لم تعد القضية الفلسطينية تشكل معضلة واحده تحتاج لحل محدد. فالقضية وهى قضية إستثنائية من بين كل القضايا والأزمات الدولية بتميزها وتفردها بمكوناتها ومحدداتها التي يجعل من الصعب إيجاد حل واحد أو محورى ، فهى أشبه اليوم بعقدة غوردون او الحبل الذى يتكون من العديد من العقد ما أن نفك عقدة حتى تبرز عقدة أخرى إلى أن أتى سيف الأسكندر فضرب العقدة القلب لتنفك كل العقد. وهنا السؤال ما هي العقدة القلب التي بها تنفك كل العقد؟.فالقضية ترتبط بسرديات فلسطينية ثابته تاريخيا، وسرديات صهونية تحولت لواقع بفضل القوة والدعم الدولى الذى وفرته الولايات المتحدة بالفيتو في مجلس الأمن ، ومن قبلها بريطانيا التي أنتزعت قرارا أمميا بقيام إسرائيل كدولة وقبولها في الأمم المتحده . وبعدم قيام إسرائيل كدولة وليس بسبب الرفض العربى ولكن بسبب القوة والسياسة المقصودة صهيونيا بقيام الحرب وضم الجزء الأكبر المخصص لهذه الدولة ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل قامت إسرائيل بإحتلال كافة ألآراضى الفلسطينية عام 1967 لتقتل أي بذرة في قيام الدولة الفلسطينية بإعتبارها المقاربة القلب التي من خلالها يمكن ان تنحل كل العقد التي ترتبت على عدم قيام الدولة الفلسطينية وإحتلالها لكل الأراضى ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فإسرائيل خلقت عقدا جديده بديمومة إحتلالها وعدم إعترافها أنها سلطة إحتلال لتقوم بالتهويد والإستيطان وتخلق واقعا جديدا يصعب حله.وهذا الواقع الإحتلالى وعدم قيام الدولة الفلسطينية دفع بالعديد لطرح مقاربات قلب جديده أبرزها مقاربة الدولة الواحده ودولة واحده لكل مواطنيها وهذا أمر مستبعد مع هوية الدولة وتخوفات إسرائيل من الإندماج في الجسد العربى وهو يتعارض مع المقولات الصهوينية واليهودية والتى تقوم في الحفاظ على نقاء العنصر اليهودى , وهناك من رأى الحل في مقاربة الحقوق وتوسيعها للمواطن الفلسطينى من خلال سلطة تتمتع بسلطات حقيقية لا ترقى لمستوى الدولة ، هذا الحلول تتجاهل العقد ألأخرى مثل عقدة اللاجئيين والقدس وعقدة الموارد الاقتصادية فلا معنى لدولة بدون مواردها الاقتصادية التي تمنحها السيادة والسلطة . والقضية الفلسطينية من ناحية أخرى وإلى جانب العقد الداخلية ، هناك العقد والمعضلات العربية والدولية والفلسطينية والإسرائيلية ، إذن نحن أمام نموذج مركب ومعقد من القضايا الدولية بسبب المعضلات الكثيرة والمتداخلة ، ولنبدأ بالمعضلة الإسرائيلية وهى المعضلة ألأم والتي تجسدها الصهيونية والأحزاب اليمينية في إسرائيل التي ترفض الدولة الفلسطينية وترفض أي حق للفلسطينيين في القدس وبعودة اللاجئيين وتنظر للفلسطينيين على أنهم مجرد أفوه مفتوحه للأكل ، وتتجاهل انها سلطة إحتلال وتعتقل اكثر من خمسة ألآف مناضل فلسطينى وتمارس كل اشكال العنصرية والحصار والعنف والتي من شأنها تولد مقاومة كبيره تتهدد معها كل المنطقة ، إسرائيل لا تعترف انها سلطة إحتلال، ولا تعترف للفلسطينيين بأى حق في ألأرض  فتقوم مصادرة الأرض المخصصة للدولة والإستيطان فيها لتدفن معها اى حلو بقيام الدولة. هذه هي العقدة ألأولى وحلها بإنهاء الاحتلال اولا وقيام الشعب الفلسطينى بممارسة حقوقه المشروعة وحقه في تقرير مصيره في قيام دولته السلمية المدنية الديموقراطية , والمعضلة الثانية فلسطينية أيضا ، فليس معنى ان الفلسطينيين تحت الاحتلال انهم لا يشكلون معضلة .وتقابل معضلة إسرائيل المعضلة الفلسطينية ، فمن منظور الصراع ومتغيراته يفترض ان المعضلة الفلسطينية في وزنها تماثل نفس المعضلة الإسرائيلية ، مع عدم المقارنة والمسؤولية فإسرائيل دولة وسلطة إحتلال والفلسطينيون شعب تحت الاحتلال ، ولا يمكن مقارنة المحتل ومن تحت الاحتلال. لكن المعضلة هنا في إنهاء الاحتلال وجعل له ثمنا ، وفى الرؤية الوطنية الواحده والتوافق على المقاربات ما بين مقاربة المقاومة ومقاربات السياسة ، ومسؤولية بناء نظام سياسى ديموقراطى توافقى وإنهاء الإنقسام وهى مسؤوليات فشل الفلسطينيون فيها مما ساهم في إدامة الاحتلال والتعامل معه كأنه حقيقه على ألأرض. فالقضية الفلسطينية والحفاظ على مصداقيتها وفعاليتها وشرعيتها هذه مسؤولية فلسطينية.
اما عربيا ، فالمكون العربى احد أهم مكونات القضية ويعتبر متمما للمتغير الفلسطيني ، وتاريخيا إرتبطت القضية الفلسطينية بالمتغير العربى في كل مراحلها وارتبطت كل الحروب بالدور العربى وهى من تحملت المسؤولية كلها ولم تتأخر الدول العربية في دعمها للقضية مدايا وبكل أشكال الدعم ،إلا ان كانت نقطة التحول غزو العراق للكويت وتراجع القضية وإنحسار مفهوم الأمن القومى العربى وإنسلاخ فلسطين منه وصولا لمعاهدات السلام الأن. وهو ما يعنى تحول القضية لصراع فلسطيني إسرائيلى , والمعضلة هنا انه لا يمكن إستئصال القضية من بيئتها ومكونها العربى وهذا يحتاج إلى تنسيق وتوافق عربى فلسطينى . والسؤال هنا هل تنجح قمةالجزائر في حل هذه المعضلة؟ ,اما المعضلة دوليا فأختصرها أولا في نشأة القضية والفشل في تحقيق السلام وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية رغم الدعم المالى والسياسى الذى يقدم دوليا للسلطة والشعب الفلسطينى. هذه المعضلات كل منها يشكل معضلة القلب وبقدر نجاح معضلة القلب عربيا ودوليا بقدر الوصول لحل القضية والصراع.ويبقى أن إسرائيل نجحت في أن تتحكم في المعضلات ألأخرى.
دكتور ناجى صادق شراب
[email protected]