الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مَنْ يُديرُ عجلةَ النارِ....عائد زقوت
مَنْ يُديرُ عجلةَ النارِ....عائد زقوت

يخطئ من يعتقد أنّ ممارسات الحكومة الصهيونية الإرهابية الفاشية الكولونيالية المتطرفة تأتي بمعزل عن الرؤية المسيحانية التي تحكم أحلام وطموحات الحركة الصهيونية، فالممارسات الممجوجة من تمديد لقانون الإرهاب بما يُعرف بقانون الطوارئ في الضفة الغربية، وإمعانها في القتل اليومي لأبنائنا في مدن الضفة المختلفة، وقرصنة الأموال، وتضييق الخناق على الأسرى بالمصادقة على قانون سحب الجنسية، وممارسة القمع بحق فلسطيني الداخل عبر الأحكام الجائرة بحق المشاركين في هبة الكرامة، والتوعد بالفصل من الوظيفة الحكومية أو المنع منها لمن يثبت مشاركته في فعاليات مناهضة لتلك الحكومة البغيضة سواء برفع العلم الفلسطيني أو إحياء المناسبات الوطنية فجميع هذه الاجراءات ما هي إلا خطوات مقصودة ومخطط لها على طريق تجسيد الحلم الصهيوني ببناء الهيكل المزعوم وإقامة اسرائيل الكبرى.

امتداد التأثير السلبي لحكومة التطرف على الوضع السياسي الداخلي الاسرائيلي، ونشوء حالة من الجدل الداخلي المصحوب بتظاهرات صاخبة، لا يمكن التعويل عليه أو الإرتكان إليه، فقد شهدت اسرائيل تظاهرات حاشدة عام 1982 في أعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا، وكذلك عام 1995 تأييدًا لمسار السلام والتي أسفرت عن مقتل رابين. التجربة التظاهرية في تاريخ اسرائيل لم تُحدث تحولات دراماتيكية، ولم يكن لها تأثير على مسار الحكومات الإسرائيلية المختلفة، إنما شكلت ستارًا تختفي خلفه القيادات الاسرائيلية المعارضة لإعفاء نفسها من مواجهة النهج التغولي للحكومة، وتوفير مظلة سياسية خلفية للحكومة تستوعب ردات الفعل من المجتمع الدولي وتقلل من الآثار السلبية لها، وخاصة على اتفاقية ابراهام التطبيعية كهدف استراتيجي لإسرائيل في هذه المرحلة . كافة السياسات التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية، والممارسات القمعية التي ارتكبتها ولا زالت مستمرة، لم تكن كافية لفريق التطبيع العربي لاتخاذ مواقف رادعة للسياسات الإسرائيلية بل تداعت لعقد منتدى النقب عشية اقتحام بن غفير لباحات المسجد الأقصى، وفي ذات السياق يأتي اصرار نتنياهو على جلب المملكة السعودية إلي حظيرة الاتفاق الابراهيمي التطبيعي، وإيهام الرأي العام بأنّ السعودية باتت على قاب قوسين أو أدنى من التطبيع مع اسرائيل، بهدف خلط الأوراق في المنطقة، وتأجيج الرأي العام الإسلامي ضد السعودية وتهيئته لقبول استهداف إيران للسعودية واشعال المنطقة، لإفساح المجال أمام اسرائيل لتنفيذ مخططاتها وأحلامها في فلسطين والمنطقة عمومًا، واخضاع الشعب الفلسطيني وتحويل طموحه بإقامة الدولة الفلسطينية إلى أداة أمنية بيد الاحتلال .

تعيش القضية الفلسطينية أحلك وأصعب مراحلها في خضم التحديات الاقليمية والدولية، وتشكل الحالة الفلسطينية المنقسمة فكريًا وأيدلوجيًا وسياسيًا أكبر عائق أمام انطلاقة فلسطينية جديدة تعمل على تغيير قواعد الصراع مع الاحتلال . من يدير عجلة النار عليه إدراك أنّه من عدالتها توزع لهيبها على الجميع سواء من أشعل جذوتها أو من أمدها بمتطلبات الاشتعال أو من حافظ على شعلتها أو استفاد منها فلا ينجوا منها أحد داخليًا واقليمًا ودوليًا، فهل هناك من يلتقط اللحظة قياديًا أو فصائليًا، فلا شيء مقدس بقدر العبث الذي نحيا ويحيط بنا .