السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
"النار بالنار"... لولا مصالح المخرج

يخرج الكاتب السوري رامي كوسا في معظم أعماله إلى الواقع المأزوم، سواء في لبنان أو في سورية. الكاتب لم يبتعد عن لغة جريئة في مختلف المسلسلات التي عرضت له قبل سنوات، لعل أبرزها "مسافة أمان" و"أولاد آدم"، وكلاهما للمخرج الليث حجو.

محاولة أخرى كتب لها هذا العام الخروج إلى الضوء، في مسلسل "النار بالنار". لكن فتيل هذه النار طاول الكاتب نفسه، بعد أن صادر مخرج العمل، محمد عبد العزيز، حق المؤلّف. اختار كوسا المخرج بالاسم، ليقف أمامه في مشروع جديد من إنتاج "سيدرز آرت برودكشن". كان كوسا قد طرح اسم المخرج الليث حجو، لكن الأخير اعتذر بسبب انشغاله في "سفربرلك" لصالح MBC.

من البداية، قال الكاتب رامي كوسا إن شخصية عمران (عابد فهد) في المسلسل مقتبسة، لكن الاقتباس لم يعفه من السؤال حول كيفية سيطرة رجل سوري على حي سكني في بيروت. والواقع أن كوسا كان قد أوضح، عبر حسابه في "فيسبوك"، أن عمران هو من أصول سورية لكنه يحمل الجنسية اللبنانية منذ العام 1994، بعد مرسوم التجنيس الذي صدر يومها ومنح أكثر من 120 ألف مواطن الجنسية اللبنانية. لكن ذلك لم يذكر في المسلسل حتى الحلقة السابعة التي يقول فيها عمران إنه يحمل الجنسية اللبنانية منذ عام 1968.

من المؤكد أن سيناريو "النار بالنار" جاء معدلاً، وليس كما كتبه المؤلّف. نُشرت مقابلة للممثلة السورية هدى الشعراوي، تحدثت فيها عن نسف محمد عبد العزيز للورق وإعادة صياغة أي مسلسل يتولى إخراجه. شعراوي تحدثت بعد عملها مع عبد العزيز في مسلسل "شارع شيكاغو" الذي لم يلق الصدى المطلوب، وانتقد من قبل الصحافة والجمهور. ويبدو أن القصة تتكرر هذه المرة، إذ لم يسلم عبد العزيز في "النار بالنار" من انتقادات تحدثت عن قلة خبرة في حفظ الدور الموكل إليه كمخرج.  

سوء اختيار كوسا للمخرج محمد عبد العزيز لم يعفه من المحاسبة، بعد انتقادات واجهت العمل من الحلقات الأولى، ربما يتحمل مسؤوليتها محمد عبد العزيز، بعد أن أجرى تعديلات جذرية في النص. أفسح المخرج المجال لابنه، تيم محمد عبد العزيز، مساحة أضعفت الحلقات الأولى بشكل واضح. كان الكاتب اختصر دور بارود (ابن المخرج) على مشهدين، لكن والده صنع له أكثر من 22 مشهداً في الحلقة الأولى. ولم تظهر بطلة العمل الممثلة كاريس بشار (مريم) حتى الحلقة الثانية. يُضاف إلى ذلك قص ولصق الحوارات التي يتبرأ منها الكاتب رامي كوسا على صفحته في "فيسبوك"، والتي أفضت إلى مزيد من التململ منذ الحلقة الأولى حتى الحلقة الخامسة، لتنشط الأحداث من جديد وتبدأ المواجهات بين الأطراف المتنازعة على السيطرة، والعلاقات بين اللبنانيين والسوريين التي لا تزال إلى اليوم شائكة، وهي لا تخلو من الغلو العنصري الذي يدفع ثمنه تجوال السوريين في بعض الأحياء اللبنانية بعد الساعة الثامنة مساء.

أسئلة كثيرة من الواجب طرحها على المخرج محمد عبد العزيز الذي أضعف تطاوله على النص من أحدث المسلسل، ووضعه أسيراً لمزاجية صاحب "ترجمان الأشواق"، بعد أن حاول أن يراهن على عمله وتدخله في تعاونه الأول مع شركة صادق الصبّاح، لكنه سقط في فخ التعديلات وصمت الكاتب في انتظار كلمة نهائية من رامي كوسا، من المرجح أنها ستكون مع نهاية العرض