السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
بلطجيه بربطات عنق ولحى/ بقلم –عطا مناع

شنت حركة حماس حملة اعتقالات في صفوف الصحفيين الفلسطينيين بقطاع غزة، المفارقة أن عناصر حماس قامت باحتجاز والد الزميل الصحفي جمعة أبو شومر مراسل إذاعة صوت الحرية وأعمامه بهدف الضغط علية قبل أن تعتقله.                                                
ما قامت به عناصر حماس تذكرني بسياسة الاحتلال الإسرائيلي مع الوطنيين الذين كانت تداهم بيوتهم ولم تجدهم فتقوم المخابرات الإسرائيلية باعتقال الشقيق أو الأب، وهنا لا أحبذ المقارنة بين سياسة حماس ودوله الاحتلال لأنني لا زلت انظر للحركة وعناصرها كجزء أصيل من الحركة الوطنية الفلسطينية ، لكنني أتساءل هل نحن بصدد بلطجة أيدلوجية ؟؟؟؟ جوابي وبالفم المليان نعم.                                                                           
اعتقد جازماً أن ثقافة البلطجة بدأت تفعل فعلها في مجتمعنا الفلسطيني، لكن الخطير في البلطجة الفلسطينية أنها ترتدي الثوب الوطني، على سبيل المثال تعاني شرائح واسعة من الفقراء من الفصائل الوطنية وبالتحديد الغنية منها، هذه الفصائل التي رسخت دون أن تدري أو تدري سياسة العداء في أوساط فقراء الشعب، فعندما تأتي مساعدات لفصيل ما في الضفة الغربية أو قطاع غزة يقوم بتوزيعها على عناصره وأنصاره حتى المتخمين منهم، والمشكلة في هذا السلوك تكمن في الشريحة الأوسع التي لا تنتمي لأي فصيل، هل هذه بلطجة وطنية؟؟؟؟؟ جوابي بالفم المليان نعم.                                                                                 
في الآونة الأخيرة تعزز الخطاب العدائي للاجئين الفلسطينيين الذين يقطنون في المخيمات، أقول الخطاب العدائي وليس النقد الهادف للعلاج، لدرجة أن هذا الخطاب المدعوم من بعض الكتاب لقي أذانا صاغية في صفوف الطبقات الفقيرة من الفلسطينيين الذين اعتقدوا أن المشكلة تكمن في المخيمات، والغريب أن هناك أوصاف أسقطت على اللاجئين من سكان المخيمات لم نعهدها من قبل، هل ترحيل الحكومة الفلسطينية لمشاكلها وتعميق العداء بين طبقات الشعب بلطجة سياسية وتكتيك فاشل؟؟؟؟ جوابي بالفم المليان نعم.                          
في لقاء صدفي سألني احد الآباء، إلى متى ستستمر الأحوال بهذا الشكل؟؟؟ قلت له لا اعرف فالوضع صعب، تنهد متألماً وقال عندي اثنين من أولادي في الجامعة ولا استطيع أن أوفر لهم أجرة الطريق فمرتبي إلفين شيكل" 650 دولار"، لا اعرف كيف أتدبر أحوالي وكيف أوزع هذا المبلغ لقد انحنى ظهري وأحيانا اعجز عن توفير الخبز فوجدت في الخبز " البايت" ملاذي، هذا الرجل لم يتجاوز الأربعين عاماً وعندما تراه تشاهد رجل ستيني، فجأة سألني طالما أن الأوضاع الاقتصادية صعبة لماذا هناك شريحة من طينتنا أصبحوا من أصحاب الملايين؟؟؟؟ودعته بصمت وسألت نفسي هل هذا تكثيف للبلطجة التي ترتدي ربطة العنق؟؟؟؟؟ عالجني جواب من داخلي نعم.                                                                                                     
منذ عام 2006 والشعب الفلسطيني يتابع مهزلة حوارات المصالحة، والحقيقة أن قصة شعبنا مع تلك الحوارات التي تحولت للقاءات لالتقاط الصور التذكرية وممارسة السياحة السياسية لم تعد مجدية، وخاصة أن أطراف الانقسام يتباكون على الوضع الفلسطيني وأهمية وضع حد للانقسام لكنهم تذوقوا "العسل" وأدركوا أن الانقسام هو البقرة الحلوب التي تستر عوراتهم وتشبع رغباتهم؟؟؟؟؟؟ وإذا طرحنا السؤال على شعبنا الفلسطيني هل اللقاءات المكوكية لإنهاء الانقسام دون طائل بلطجة أيدلوجية واستهانة بالشعب الفلسطيني؟؟؟؟؟ جوابي نعم.                                                                                                 
عودة لبلطجة البديل، أي اعتقال الأب بدل الابن، نستطيع أن نختصر الواقع بهذا السلوك المشين الذي يعبر عن فقدان البوصلة، والأخطر من ذلك أن الذين يمسكون العصا فقدوا البصر والبصيرة لدرجة أنهم باتوا يمارسون العنف الذي تعرضوا له من قبل المخابرات الإسرائيلية على شعبهم، ولا استطيع أن استوعب ولا أتخيل أن أي دولة في العالم قامت بشن حملة اعتقالات في صفوف الصحفيين، وإذا كان هذا الحال مع تلك الشريحة التي تعتبر نخبة ولها حضور فما هو حال المواطن الذي لا حول له ولا قوة.                                    
ما هو حال المواطن بات يشعر بالقرف من الوطن وأصبح جاهزاً للرحيل حتى إلى جهنم؟؟؟؟ ما هو حال الشباب الذي نتغنى به والذي يعيش يومياً محاولات اخصاء لكرامته ؟؟؟؟ ما هو حال العامل الذي يخرج من بيته فجراً ويلقى صنوف العذاب والاهانه وأحيانا الموت على الحواجز وفي الأنفاق التي تسيطر عليها طبقة النبلاء الجدد؟؟؟؟ ما هو حال الموظف والبنوك المتحالفة مع الطبقة السياسية التي تفكر ليل نهار في الوسائل الأنجع لحلب الشعب.
نحن ملزمين وطنياً وأخلاقيا أن نعيش على هذه الأرض لان عليها ما يستحق الحياة، لكن السؤال الذي قد يراود كل فلسطيني: هل نحن ملزمون بالعيش مع هذا القمع الذي انحدر بشعبنا إلى القاع؟؟؟؟؟ هل نحن كشعب فلسطيني ملزمين بالتعايش مع بلطجيه يرتدون ربطات العنق ويطلقون العنان للحى؟؟؟؟؟ لا تعميم؟؟؟؟ ولكن من المسئول إذا قررنا أن نتجاوز التعميم؟؟؟؟ إلى متى سيتم الاختفاء وراء المقاومة والمصالح الوطنية العليا كمبرر لاستمرار هذا الحال؟؟؟؟؟                                                                                   
تصادف هذه الأيام ذكرى رحيل الكبار من قادة الشعب الفلسطيني، ففي مثل هذه الأيام رحل عن عالمنا صاحب كتاب فلسطيني بلا هوية صلاح خلف ورفاقه؟؟؟؟ ورحل عن عالمنا أيضا جورج حبش مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟؟؟؟؟ يا هل ترى لو قدر لنا أن نعيد صياغة الحلم الفلسطيني واستحضار الكبار أمثال ناجي العلي ومحمود درويش كيف سيصفون حالنا ؟؟؟؟ لا اعتقد ونحن نعيش ثقافة البلطجة سنتقبلهم، فها هي ذكرى الحكيم جورج حبش تمر كما الموجة الخجولة حتى على من صاغ لهم الحلم .     
في مصر قامت الدنيا ولم تقعد على موقعة الجمل، يا هل ترى كم موقع جمل نتعرض لها؟؟؟؟؟ نحن نعيش كل حين موقعة جمل بحق الحريات وقوت أولادنا؟؟؟؟ نحن نعيش كل يوم موقعة جمل بحق تاريخنا ومستقبل الأجيال القادمة؟؟؟؟؟؟ ويبقى السؤال الصرخة الذي قيل قبل قرون.... أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟؟

2013-01-23