(مبروم على مبروم .. ما يلفـّش !!) .
اسمحوا لي بأن أبدأ مقالتي هذي بمثل مصري، بلهجة مصري؛ فالرئيس مصري والشعب مصري والمشاكل مصرية والخلافات في وجهات النظر مصرية والنكات مصرية، والعناد مصري ..!! طبعاً ( مصري = عربي) عندما كنا ننظر في وجوه رموز النظام السابق كنا نحس أننا نتعامل مع ناس غريبة عنـّا في الشكل والأخلاق والذوق والرحمة. بعد ثورة يناير ورغم ما تعرضت له الثورة من ضغوط اختار الشعب الثائر رجلاً ـ حتماً ـ ثائراً ليقود المسيرة في أخطر فترة تمر بها مصر.. فترة انتقالية استثنائية بكل المقاييس. فلو أردنا أن نعاير حجم التباين بين الوضع والحالة قبل الثورة، وبعد الثورة ـ فانظروا للتباين بين شخص وشخصية الرئيس مرسي ، وشخص وشخصية رئيس النظام البائد المبروك المبارك .. !! تغيُّرٌ كبير، واختلاف بيِّن ـ ولا شك ـ بين الوضع قبل .. والوضع بعد .. ولكن .. (انتبهوا لِما بعد لكن) لكن ـ وللأسف ـ البعض منا يتعامل مع الوضع بعد.. كما كان يتعامل مع الوضع قبل .. !
وهذا شيء عجيب ولا شك .. !!
المخلوع المبارك المبروك كان شخصاً مستبداً . من حوله بطانة تدور في فلكه كنا نتعامل معه ومع نظامه بشكل مختلف واستثنائيّ، كان أقصى ما يمكن أن يصل إليه معارض ثائر على نظامه الفاسد هو " العصيان المدني" العصيان المدني على الطريقة المصرية العربية الإسلامية معناه : أنني مش رح أتعامل مع نظام فاسد زيّ كده أبداً حتى لو فيها روحي !
فلو كنت خريج فـ مش لازم وظيفة (لا الميري .. ولا ترابه !!) .. ولو ساكن في بيت العيلة؛ فلا مانع من التكيف و التعايش انتظاراً لفرج الله ووسعته، ولا حاجة لأن يسيل لعابنا على مساكن رئيس المدينة (فهي ـ في الغالب ـ للميري وتراب الميري) .. مش لازم أرض الخريجيين (فكل الأرض اللي فيها خيرأكيد مش رح يرميها الطير !! هتروح ـ حتما ـ لأهل الميري، وما فاض عنهم هيروح لتراب الميري) إذن هو السفر من البلد دي ( طيب يا سيدي .. روح في ستييين ... !!) ده مثال لمعارض ثوري متمرد يعتمد العصيان ؛ أو قل: التعفف عن كل شيء يأتي من (رقبة) القرد .. ! وعندما تضيق الحياة تماماً داخل الوطن ـ فالهجرة من الوطن هي الحل.. نعم هي الهجرة ، وترك الميري لأهل الميري والترفـّع عن التراب لأهل التراب .. ! ولكن ماذا عن المعارض المتمرد العاصي (الباقي على أرض الوطن) إنه العصيان المدني الذي يتم بشكل فردي، ولكنه متكاثر، ومتكرر في كل أرجاء مصر المنكوبة بنظام غبي، جاهل، حاقد سوداوي، قاسي القلب بلا رحمة . العصيان المدني على نظام ظالم فاسد مستبد (شيء لا يحتاج لعميق تفكير) فالطريق إلى ذلك واضح ومعروف ومعتمد في كل بقاع الدنيا، بل لقد أصبح العصيان علماً وله قواعد وفيه نظريات و كتب. أما العصيان والتمرد على النظام الثوري؛ و الديمقراطي المنتخب في ذات الوقت ـ فهذا ما يحتاج حقاً؛ لتفكير وتحليلٍ وتدقيق.. كيف يمكن أن نتصورثورة على رجل ثوري جاء من بين رجالات الثورة، وبمباركة شعبية ؟!! دعونا نجرب ونطبق على الواقع من خلال سؤال: كيف يمكن أن نكسب جولة ـ مثلاً ـ على رئيس منتخب من الشعب من خلال الإختيار الحر النزيه؟ وبإيجازٍ، وبشكلٍ أكثرَ تحديداً.. كيف نكسب جولة أمام الرئيس محمد مرسي؟ *** نستكمل في الجزء الثاني ..