الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
اهتمام اليابان بالغاز الصخري الأمريكي يُشعل الأسعار

إيمكو تيرازونو وجاي شازان من لندن

عندما التقى شينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة، في واشنطن الأسبوع الماضي، طلب من الولايات المتحدة السماح بدخول صادراتها من الغاز إلى اليابان. وطرحت طوكيو أيضا ما يصل إلى تريليون ين (10.9 مليار دولار) في شكل ضمانات ائتمان لتمويل الاستثمارات من خلال الشركات اليابانية المشتركة في مشاريع الغاز الصخري.

مسألة اهتمام اليابان بالغاز الأمريكي يجب أن تكون غير مفاجئة، حيث تعتبر اليابان أكبر مشتر في العالم للغاز الطبيعي المسال، وبعد عقد من الزمان ستبدأ الولايات المتحدة في تصدير جزء من مخزون الغاز الصخري الكبير المنتج محليا في شكل الغاز الطبيعي المسال.

ولكن احتمالية وجود محور تجاري جديد بين الشرق والغرب تؤثر بشكل كبير في سوق الغاز الدولي. كما يؤدي ظهور القدرة التصديرية في الولايات المتحدة إلى إعادة التفكير بشكل كبير في طريقة تحديد سعر الغاز - التطور الذي يسبب اضطرابات في جميع أنحاء صناعة الغاز الطبيعي المسال، ما يؤثر في الشركات المنتجة مثل ''إكسون موبيل'' و''رويال داتش شل'' والمستهلكين مثل ''ميتسوبيشي'' و''طوكيو إليكترونك باور''، أكبر شركة كهرباء في اليابان.

''أصبح الغاز الطبيعي المسال قضية سياسية كبيرة''، كما يقول أحد المسؤولون في أحد بيوت التداول في اليابان.

ممارسة ربط أسعار الغاز بعقود التوريد طويلة الأجل بأسعار النفط الخام تعتبر لب النقاش. وكانت العقود المرتبطة بأسعار النفط إحدى سمات صناعة الغاز الطبيعي المسال على مدى عقود.

وهذا على وشك التغير، كما يقول مختصو الصناعة. ''على المدى الطويل، سننتقل من العقود المرتبطة بأسعار النفط إلى العقود المرتبطة بأسعار الغاز''، كما يقول دايل نيجوكا، رئيس إحدى الشركات المهنية العالمية في النفط والغاز التابعة لشركة إرنست ويونج. ويضيف قائلاً: ''إنها هنا، الجميع يتحدث عن ذلك''.

وقد حدث التغيير بالفعل في أوروبا. وقد أخذ بعض عملاء ''غازبروم'' مجموعة الطاقة الروسية إلى التحكيم، ما اضطرها إلى تقديم مزيد من أسعار الأسواق المرتبطة - المنخفضة - في عقودهم.

والسبب في حدوث كثير من التغيير في تجارة الغاز هو ثورة الغاز الصخري في أمريكا الشمالية، التي افتتحت احتياطيات غاز هائلة كان يعتقد سابقا أنها غير تجارية.

وظهرت الآن موجة من المشاريع لتسخير الإمدادات الوفيرة للغاز الصخري الرخيص عن طريق بيعه إلى الأسواق العالمية كغاز طبيعي مسال. ويحدد المصدرون سعر الغاز في ''هنري هب''، مؤشر الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، بدلا من نفط برنت ونفط غرب تكساس الوسيط.

ويباع غاز ''هنري هب'' حاليا بسعر يراوح بين ثلاثة وأربعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، أي أقل من ربع ثمن شحنات الغاز الطبيعي المسال التي تباع لآسيا. وتدفق المشترون اليابانيون والكوريون والصينيون، لأسباب مفهومة، إلى الولايات المتحدة بحثا عن الصفقات.

ونتيجة لذلك، صرح جوناثان ستيرن، رئيس قسم أبحاث الغاز في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، بأن المرافق اليابانية مترددة بشكل متزايد بالالتزام بالغاز الطبيعي المسال المرتبط بسعر النفط. وأضاف: ''إنهم يدركون مدى خطورة التوقيع على أي عقود بالصيغة القديمة. كما يمكنهم رؤية درجة التعرض التجاري الضخم''.

السبب وراء التصرف الياباني هو أن الطريقة التي ترتفع بها أسعار الغاز الطبيعي المسال تسببت في العجز التجاري للبلاد وعرضت مرافق الطاقة لخسائر كبيرة. كما لن يصبح الغاز الطبيعي المسال أكثر تكلفة فقط، ولكن تستورد اليابان أكثر من ذلك، إضافة إلى إغلاق معظم المفاعلات النووية في البلاد في أعقاب كارثة فوكوشيما 2011، يملأ الغاز فراغ هذه الفجوة.

بينما كانت شهيتها للغاز الطبيعي المسال في ازدياد، زادت الرغبة اليابانية في الصادرات الأمريكية. حتى الآن، على الرغم من ذلك، هناك عدد قليل من الموردين المحتملين. من بين 17 مشروعا قاموا بتقديم طلبات للحصول على تصريح لتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى دول غير منضمة لاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة- فقط مشروع سابين باس التابع لشركة شينيري إنرجي في ولاية لويزيانا - منح طلب واحد.

وقد قامت ''شينيري'' بالفعل بالبيع المسبق لكثير من الغاز إلى مشترين كوريين جنوبيين وبريطانيين وهنود وإسبان. ولكن اليابانيين يريدون حصتهم أيضاً.

أعلنت شركة تيبكو هذا الشهر أنها وقعت على عقد إمداد للغاز الطبيعي المسال الكاميروني، مشروع تصدير آخر مطروح في ولاية لويزيانا مدعوم من شركة سيمبرا إنرجي الأمريكية و''ميتسوي'' و''ميتسوبيشي'' اليابانية و''جي دي اف سويس'' الفرنسية، وتم ربطهم بأسعار ''هنري هب''.

إحدى أولويات الشركات اليابانية هي ''خفض سعر الغاز الطبيعي المسال، إلى جانب تنويع مصادرها من الطاقة''، كما يقول بوب تاكاي، رئيس شركة سوميتومو للطاقة، إحدى شركات التداول الرائدة في اليابان.

ويحاول مستوردو الغاز الآخرون في اليابان، بما في ذلك ''طوكيو غاز'' و''أوساكا غاز''، أيضا التحرك بعيدا عن الأسعار المرتبطة بالنفط، حتى بالنسبة للغاز الذي لا ينتج في الولايات المتحدة. وقعت شركة كانساي للطاقة الكهربائية، على سبيل المثال، اتفاقية ابتكارية طويل الأجل حيث يرتبط الغاز الطبيعي المسال الذي تشتريه من شركة بريتش بيتروليم، مصدره من مختلف أنحاء العالم، بالتسويات اليومية لـ ''هنري هب''. وتأمل ''كيبكو'' في خفض يصل إلى 30 في المائة من تكاليف استيراد الغاز الطبيعي المسال.

ولكن ضغط المجموعات اليابانية لخفض التكاليف يسبب مشاكل لصناعة الغاز الطبيعي المسال، كما يقول الخبراء. ويصرح المطورون بأنهم بحاجة إلى الأمن الذي توفره اتفاقية تعهد شراء مرتبطة بأسعار النفط على المدى الطويل مع كبار المشترين لمساندة النفقات المالية الكبيرة اللازمة لمشاريع الغاز الطبيعي المسال الكبيرة.

''يمكن لسوق الغاز الطبيعي المسال أن تعمل فقط إذا كنت تعطي المطور اليقين بشأن العائدات''، حسبما يقول مسؤول تنفيذي في إحدى مجموعات الطاقة الرائدة مع مشاريع الغاز المرتبطة بأسعار النفط. ويضيف: ''أعمالنا التجارية، خاصة الغاز الطبيعي المسال، هي على المدى الطويل''.

وحيث إنه من الصعب التيقن ينتظر المشترون اليابانيون ليروا المدى الذي سيسمح به للغاز المرتبط بـ''هنري هب'' بالتدفق خارج الولايات المتحدة.

''من الواضح أنه عندما يكون لديك تطور جديد في السوق كما رأينا في الولايات المتحدة، فمن الطبيعي تماما بالنسبة للمشترين قول: هل سنرى نقطة تحول، وما الآثار المترتبة''؟ كما يقول أحد المسؤولين التنفيذيين المتخصصين في الغاز الطبيعي المسال في إحدى شركات النفط الكبرى.

ولكن هذا يعني أن المشاريع تتأخر. ويقول نيجوكا: إن هناك 50 مشروعا لتطور الغاز محتملة في أستراليا يمكن أن تتأثر. وحذر المسؤول التنفيذي من أن هناك مخاطر في المرحلة الجديدة. ويقول: فكلما طال انتظار المشترين، تأخرت الإمدادات القادمة إلى السوق، وتسبب في الاضطرابات والتقلبات التي ترونها اليوم''. واستطرد قائلا: ''لن يقوم أي بنك بتمويل (مشاريع الغاز الطبيعي المسال) إلا إذا كان لديهم يقين بشأن العائدات''.

2013-02-28