الأربعاء 15/10/1445 هـ الموافق 24/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إسرائيل: حكومة غير آمنة أو انتخابات جديدة مملة !/عادل محمد عايش الأسطل

 ضربة أخرى تلقاها رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" بشأن عدم تمكنه من تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسته، خلال فترة الأربعة أسابيع المتاحة له، الأمر الذي اضطره إلى الاستنجاد بأسبوعين آخرين، هما رصيده المتبقي لشحن همّته من جديد، أملاً في الانتهاء من مهمة تشكيل الحكومة (المعضلة)، بعد أن داهمته النوايا السيئة من قِبل الزعيمين الشابين "يائير لابيد" زعيم هناك مستقبل و"نفتالي بينيت" زعيم البيت اليهودي(المفدال سابقاً)، بعد الضربة المؤلمة التي لم يشفَ منها بعد، والتي تلقاها في أعقاب نتيجة الانتخابات 19 للكنيست الأخيرة، حيث لم يكن يتوقع نتيجتها المؤذية والمخيبة في نفس الوقت، التي ربما اعتُبرت من قبل الكثيرين من الخبراء والمحللين السياسيين مؤشراً لانتهاء مسيرته السياسية، علاوةً على شعوره هو ذاته بشيءٍ كهذا الأمر. ومن ناحيةٍ أخرى، لا يمكن الاستخفاف أو التقليل من العراك الداخلي الذي نشأ داخل حزبه والذي كان هو سبباً في حدوثه، حيث بدأت تحركات ليكودية تعمل على إسقاطه من سدة (الليكود) وعلى رأسهم رئيس الكنيست "رؤوفين ريفلين" الذي اعتبر بأن "نتانياهو" قام بخداعه من خلال نواياه، بعدم دعمه مرةً أخرى لرئاسة الكنيست. بالرغم من طمأنة "نتانياهو" الوزراء السابقين بأنهم سيستمرون في العمل، سبعة وزراء على الأقل، وهم "موشيه يعلون، يوفال شتاينتز، جدعون ساعر، جلعاد أردين، ليمور ليفنات، كاتز إسرائيل، سيلفان شالوم"، وهناك وزير آخر هو "يولي أدلشتاين"، المرشح لرئاسة الكنيست فقط بدون ممارسة أي عمل ضمن الطاقم الحكومي. أيضاً حالة الهستيربا التي ركبت رؤوس الأحزاب الدينية وأهمها، (شاس) و(يهودوت هتوراة) بعد أن توسلا "نتانياهو" بعدم استبعادهما من الحكومة الجديدة، قبل أن يشرعا بالعويل والتحذير والانتقام من حكومته الجديدة. وبالتأكيد لن تُجدِ نفعاً، طلّة الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) بالنسبة له أو لحكومته، بل وستزيد الأمور سوءاً، خاصة فيما إذا اتخذ قرار ولو (محدود) بشأن تجميد الاستيطان. ابن التسعينات بدا في هذه الأثناء "نتانياهو". علامات شيخوخة مبكرة (بدن ضعيف، وجه شاحب، شرايين تكاد تكون خالية من الدم، نظرات حائرة، تقلبات فكرية غير متزنة) تتقاذفه أمواج السياسة في كل اتجاه، بحيث لا يستطيع التغلب على القليل من مشكلاته التي واجهته وتواجهه كل حين، أو التي ستواجهه في المستقبل، فيما لو استطاع الانتهاء من تشكيل الحكومة، بسبب أنها ولا بأي حال ستكون متفاهمة أو تكاملية بالمعنى المطلوب. وأكثر ما يغيظه، هو ذكره للماضي الهادئ، وقد كان يتقلب في نعمة ورفاهية، على رأس حكومة يمينية (تضامنية) طيلة السنوات الفائتة، لم يكن لديها من المشكلات المؤرّقة، أو أي شيءٍ من شأنه أن يوقف حركتها أو يحد من نشاطاتها. لقد تمتعت حكومة "نتانياهو" السابقة بالهدوء والاستقرار، بغض النظر عن بعض المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المعتادة، إذ نادراً ما كانت تُقدم ضدها مشاريع (حجب الثقة) التي كانت تسقط من فورها، وهي ما كان يعوّل عليه "نتانياهو" كثيراً، ناهيك عن مختلف الاستطلاعات الميدانية التي ما فتئت تؤكد تفوقه وحزبه (الليكود) على بقية الشخصيات والأحزاب الأخرى، الأمر الذي حدا به إلى الدعوة لانتخابات مبكرة، جاعلاً من قضية الإخفاق في تمرير الميزانية السنوية مبرراً للدعوة للانتخابات. إن مبررات الخلاف على توزيع الحقائب الوزارية بين الأحزاب الفائزة، ليست هي وحدها المشكلة الحقيقية التي تقف عقبة أمام "نتانياهو" من أجل تشكيل الحكومة، لا سيما وأن كل من "لابيد" و"بينيت" قد أعلنا مراراً في أوقات سابقة، بأن الحقائب الوزارية هي من الأمور الثانوية غير المختلف على تسمياتها وحيازنها، بل هناك عقبات أعمق وأشد، وأهمها، أن شكل الحكومة السياسي سيختلف كلياً عن السابق، ما يعني إهمالها السياسات السابقة وما ترتب عليها داخلياً وخارجياً، وخلق سياسات جديدة مخالفة للسياسات السابقة، وما كان من المفترض أن يترتب عليها، والتي لن يكون بمقدور "نتانياهو" في (الليكود) أو شريكه "أفيغدور ليبرمان" في "يسرائيل بيتنا" أن يتجرّعا أو يبتلعا شيئاً من السياسات المقترحة الجديدة. كما أن نتانياهو" يعتبر أن من المستبعد في ضوء المعطيات القائمة، الاحتفاط برئاسة الحكومة طيلة الأربع سنوات القادمة وهي الفترة القانونية لمدة الحكومة في إسرائيل. أيضاً فإن "نتانياهو" لا يستطيع النظر إلى حكومة وأمامه عدوين متحدين يقدحان الشرر، في غياب وزراء ودودين من حزبي (شاس) و(يهودوت هتوراة) بعد أن تعوّد عليهما، ناهيك عن ارتفاع درجة التعاون القائمة، حيث تم بفضلهما إنجاز الكثير من بنود البرنامج الحكومي وفي شتى المجالات، وخاصةً فيما يتعلق بتنفيذ السياسات الخارجية الإسرائيلية بشأن مسارات العملية السلمية مع الجانب الفلسطيني. وبالرغم مما تقدم، فقد أشارت الأنباء والتقارير الواردة من إسرائيل، بأن توزيع الحقائب الوزارية ومصلحة الأحزاب الاسرائيلية هما العثرة أمام تشكيل الحكومة الجديدة، فبالرغم من التصريحات المختلفة حول أن قانون الخدمة العسكرية في الجيش(قانون تال)، وعدد وزراء الحكومة سيعطل الاتفاقية الائتلافية، يتبين أن توزيع (الكعكة) الوزارية هو ما يعطل الإعلان عن الحكومة. حيث تكمن العقبة الأخيرة، داخل حقيبتي التربية والتعليم والداخلية، حيث أصر (الليكود) على الاحتفاظ بالحقيبتين السابقتين واللتين كان "لابيد" يطالب بهما من دون الحقائب التي عرضت عليه، وهدد مدير حملة الليكود "بيرون شاي" باللجوء إلى انتخابات أخرى، وإن برزت تكهنات بأن التهديد يأتي ضمن الخطوات التكتيكية التي يتبعها حزب (الليكود) بهدف المحافظة على مكانته الحزبية وهيمنته السياسية في الدولة، إذ لم تكن حقيبة التعليم ذات يومٍ من أولويات (الليكود) إنما سقط عليها فجأة، وهو يعلم أن هذه الخطوة ليست من المفترض أن تكون في صالحه. لم يتبق الكثير من الوقت أمام "نتانياهو" للاختيار بين الاتفاق على التشكيلة الائتلافية، لعرضها على الكنيست، والتي ستكون بالتأكيد على حسابه الشخصي والسياسي قبل أن تمتد آثارها على الحزب بكامله، أو أن يمضي إلى انتخابات جديدة، وهي التي في حال حصولها، ستكون ضربةً تالية أكثر إيلاماُ لصميم " نتانياهو" وستكون القاضية على الأرجح.

خان يونس/ فلسطين 12/3/2013

2013-03-12