الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هي الثورة.. وحتى لا يسير قطار العالم خلف حمار !! /محمد عزت الشريف

 * هي الثورة .. و لانستغربُ المقاومة / و لا يُحيِّرنا فهمُها، وتلمُّسُ مقاصدها، و أهدافِها، أوإدراك عزيمتها، و قوة إرادتها، ودوافعها، ودافعيتها . و لا نخطيء تقديرَ مدى شدّتها، و تعدّدَ صورها، و مساراتها، و محاورها، و تنوُّعَ مصادر تمويلها .. لكنّا في ذات الوقت، يجب ألاّ يُهدّدَنا جمعُها وحشدُها، ولا أن يُرهبنا جدوى فعلها، وتأثيرها، أو يَفـُتَّ في عَضُدِنا ما ندفعُه من ضريبةٍ قي مواجهتها، واحتمال كل حماقاتها، و نتائج نزقها، ومشاغباتها؛ التي ليست في حقيقتها سوى "حلاوة روح"، وصحوة موت !! فالثورة .. ثورةٌ فريدةٌ، غيرُ تقليدية .. جاءت على غير مثال سابق . جاءت بلا قائد .. بلا قائدٍ تقليديٍّ محددّ ، لتحاربَ أنظمةً فاسدةً ، واضحة محددةً ..! ثورة لها هدف واضح أمام العالم . هى الثورة العالـَمانية الأولى ـ المتجرّدة من كل ما عدا صالح وصلاح الكون، وساكنيه من بني الإنسان . الثورة العالـَمانية الأولى ـ التي تطابقت شعاراتها المعلنة، والمضمرة ! ثورة من أجل حق العيش، و الحرية، والعدل ، والكرامة الإنسانية. ثورة عبقريةُ حققتْ النصرَ مع أول صيحةٍ، و صرخة، و صحوة . ثورة .. حققت الهدفَ من أول خطوة !! ثورة .. من أجل الثورة .. ثوره.. كي تفيقَ الشعوبُ.. تنفض عنها إهاب الذل والظلم ، لتصنع بنفسِها قدرَها، وتمسك بيدِها زمامَ أمرها. لم يكن القائدُ اسماً، أو فئة، أو إقليماً محدّداً، أو قطراً .. كان القائدُ هدفا . وكان الهدفُ قائداً. ثورة بلا جسد ـ أن يَبْلي. ولا ذراع أن يُلوى. ولا أجندة مفروضة ، وفي لحظة تُطوى. لذا .. عجزت كل أنظمة الفساد في العالم عن القضاء على حلم الثورة ـ في أي مرحلة من مراحلها؛ عجزوا عن قتلها، أو وأدها، أو حتى إجهاضها في مرحلتها الجنينية . ثورة عصّية .. و إلا مَن يستطيع أن يقتل الحرية؟! ـ إذن فعليه بتوفير أقفاص محكمة حديدية، عديدة لا نهائية ، واسعة ممتدة، حدودها بحدود الدنيا؛ تسع كل عصافير وحمائم ، ونفوس و أرواح، وأخيلة وأحلام الدنيا !!. ثورة مباركة .. قليلة الحركة، قوية التأثير .. ثورة عالميةٌ للخلاص .. تنطلق من دائرةٍ في ميدان التحرير ؛ تغير وجه العالم مادة، وروحاً ، تـحيي الرميمَ/ وتوقظ الضمير !! ثورة من أجل رموزها و ثوارها.. من أجل زيتها، وزيتونها.. حطبها و نارها .. مباركيها، و لاعنيها .. مسانديها .. ومقاوميها .. ثورة من أجل الواقفين ببابها راجين آملين .. كما الواقفين في وجهها معرقلين، مقاومين !!. ثورة إنسانية للتغيير.. ثورة من أجل خير العالم .. بعد أن كاد يسقط كلُّ العالم في مستنقع الخيار الوحيد الواحد.. ظالم ٌ، أو مظلوم ..؟! ناهبٌ أو منهوب ..؟! غازٍ، أو مغزوّ .. ؟! جانٍ، أو مجنيُّ عليه؟! مُحتلّ، أو مُحتلّ .. ؟ داخ العالم ـ حقاً داخ العالم ـ و دخت ُ معه حتى وصل الحال إلى الحدّ الذي لم تستطع الشعوب، و لا أستطيع أنا معهم أن أُفرق في الوصف، واللغة، والكتابة والرسم، بين "المٌحتلّ، والمُحتل " أصبحتْ الشعوب تخطيء حتى في الوصف والتعبير فالغاصب الأرض المستخرب ، أسموه مستعمر ..!! والذي يحرقها، و يجرِّدها، و يُخليها من كل مظهر للحياة ؛ بمنطق ساديّ فاشيّ "مختلّ" أسموه " المستعمر المحتلّ "!! حقاً.. داخت الشعوب العريضة؛ من أجل مصالح، و منافع الفئة " المسيطرة، المهيمنة" القليلة، العنيدة . إنه الجهل ، والطمع، والأنانية..! حتى كاد العالم يهوي بين حَجَرَي رَحى .. " الطغيان، والإرهاب" .. "القتل ، والإرعاب " !! لقد جاءت ثورة يناير وأخواتها معها .. لتطرح بديلاً آخرَ للجهاد والمقاومة. جاءت لتسقط بنجاحها المأمول ـ وللأبد ـ مبدأ إعتماد العنف أساساً لمقاومة العنف . جاءت لتضعَ الحدَّ بين مفهوم المحتلِّ المغتصِب، و المحتلّ المغتصَب. جاءت لتـُصْرِفَ مصطلحَ "الإستعمار" لمعناه الأصليّ؛ كي يبقى معنىً "للعمارة، والعَمار" كما في كل الكتب الموضوعة، وفي التوراة، وفي الإنجيل، وفي القرآن . الإستعمار.. الذي خلقَ اللهُ الخلقَ ليستعملهم فيه, ومن أجله. الإستعمار الذي جاء مقدَّسا، ومقروناً بالعبادة، لا بالخراب !! ولا بكل تلكم المفاهيم الهجينة، المِسخ/ المقرونة بالظلم، والإستكبار، والإستهتار ! أبداً لن تسقط ثورة مصر، ولن تتوقف أبداً عجلتها إلا لتعاود المَسـِير. فالنظامُ الفاسدُ في مصرَ، و في العالم لن يعود. أبداً لن يعود .. هذا هو المنطق ، وناموس الكون، وحكمة الخالق في الحياة، والتغيير. أمّا قوى وجماعات الضغط و المعاندة و المقاومة، و دعاة الجهل، والتخلف، والرجعية، والتثبيط؛ فليس مَثّلُ هؤلاء جميعاً ـ إلاَّ كمَثـَل "عربة كارو" على شريط ِ سِكةِ حديدٍ؛ يقودها حمار .. وليس من العقل، أو الحكمة، والمنطق .. أن يسيرَ قطارُ العالمِ خلفَ حِمار !! ***

2013-04-15