ما أشبه المائدة العربية بالساحة السياسية لهذه الدول التي تنوعت عندها الأطباق وتفاوتت. فما بين الشمال والجنوب تباينت الوجبات العربية بين الاعتماد الكلي على الخضار والالتهام المفرط للحوم. فكلما قل حظ الدولة مادياً، كان طعامها أخضر يخلو من بقية الألوان.
وفي عالمنا هذا نجد أن الدول الأفضل حظاً تعتمد في طعامها على اللحوم، وفي بلاد النفط يغالون بأكل اللحوم ليعانوا منها بالإصابة بداء الملوك وهم لا يشبعون.
أما الدول الأقل حظاً فهي تلك التي ترى اللحوم على مائدتها في المناسبات فقط وقد تكتفي باللحوم البيضاء منها فحسب.
أما الغرب فحصته مما يشتهي مكفولة دون عناء وحتى إن أفلس فهو يفلس لحد مختلف يمكنه من طبق سلطة كبير القطع متنوع المكونات وقد يتزين بقطع من الدجاج أو اللحم المقدد أو التونة.
وبذلك تأكيد لنظرية أن السلطة طبق اخترعه فقراء العالم، فمن بقايا خضراواتهم صنعوا طبقاً يسد جوع الآباء والأبناء.
وبالتالي، فإن منطق الأمور يؤدي إلى النتيجة الحتمية، وهي كلما اشتد إفلاسك عليك بالتقطيع والتقسيم. وكلما كان الفقر أشد، كانت الخضراوات مقسمة إلى قطع أصغر.
وهذا هو ما آل إليه النظام السوري، أشتد عليه الزمان وتقطعت به السبل وما من معين ولا معيل، فما عساه يفعل ليسد جوعه وجوع أتباعه سوى طبق سلطة مما تبقى من الأرض السورية. وأصبح جل ما يشغله الآن هو شكل القطع فهل ستكون كبيرة كما السلطة الإفرنجية، أم تكون سلطة عربية صغيرة القطع أو حتى طبق تبولة ناعم التقطيع ليكفيه ويكفي أتباعه. ما أشبه بشار وإفلاسه بطباخ ليس أمامه سوى قليل من الخضراوات عليه أن يصنع منها ما يليق به وبمن يشاركونه الوجبة.
ومن سوريا الكبرى إلى سوريات مجزئة كما هو حال العراق الذي أصبح عراقات مقسمة والسودان إلى سودانين مقطعين .....
إلى متى سيبقى المطبخ العربي يعتمد على التقطيع والتشقيف وهل سنصبح في نهاية الأمر طبق تبولة متقن الصنع!