السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
من هو كاره نفسه؟/بقلم توفيق أبو شومر

كاره نفسه مصطلحٌ إسرائيليٌ حصريٌ يُطلقُ على اليهودي المتمرد على التعاليم الأصولية الحريدية، ويرفض أن يطبق الشريعة التي يفرضها عليه المتزمتون الحارديم، فيتمرد على سلطة الحاخامات، وينزع عنهم هالات القدسية التي يدعونها.
واستعمل السياسيون الإسرائيليون هذا المصطلحَ أيضا ليُطاردوا به اليساريين والمتنورين والمثقفين الإسرائيليين، ممن يرفضون سياسة إسرائيل، ويفككون أساطيرها التقليدية، فكل المؤرخين الجدد كارهون لأنفسهم، وكل مديري جمعيات حقوق الإنسان والسلام أيضا كارهون لأنفسهم، وكل يهودي في إسرائيل أو خارجها يساهم في نقد سياسة إسرائيل ويسعى لنزع الشرعية عنها هو كاره لنفسه، سواء أكان إلبرت أنشتاين أو إسرائيل شاحاك أو يهودا ماغنس وصولا إلى آفي شالايم وإيلان بابيه وريتشارد غولدستون!!
وكاره نفسه أيضا يدخل في تهمة اللاسامية، وهي أهم سلاح تستخدمه إسرائيل لإسكات معارضيها.
  وكان آخر كارهي أنفسهم من فئة اللاساميين اليهود، هو الروائي الإسرائيلي اليساري البارز يورام كانيوك الذي أصدر سبع عشرة رواية وسبع مجموعات قصصية، وأصدر عدة مجموعات قصصية للأطفال، وهو أيضا فنان تشكيلي، وقد ولد عام 1930 وتوفي يوم 8/6/2013
أكتبُ عنه اليوم  لأنني التقيته عندما كان برفقة الصديق الشاعر الراحل سالم جبران والصديق رياض كبها صيف عام 1992 وكان يجلس على حافة ملعب قديم من مخلفات الجيش البريطاني بالقرب من مدينة جنين ، وكان يتحدث يومها عن صراع اليساريين فيما بينهم، والمكائد التي يحيكونها ضد زملائهم، فاستغربتُ لأن ذلك ينطبق أيضا على كتابنا وأدبائنا، وظللتُ من يومها أحفظ هذا الاسم إلى أن قرأت عنه في الصحف بأنه أرسى ظاهرة جديدة في إسرائيل أُسميها( الكانيوكية)
فقد نشرت كل الصحف الإسرائيلية قبل عامين  الخبر التالي الذي قمتُ بترجمته:
"قدّم يورام كانيوك البالغ من العمر 81 سنة، التماسا للمحكمة يطلب فيه إلغاء بند الديانة في هويته الشخصية، التي تنص على أن ديانته يهودية، وهو يرغب في استبدالها : (لا ديانة له).
والبرفسور يورام كانيوك حاصل على جائزة سافير، تقديرا لكتابه( ذاكرة حرب 1948 )، من جامعة تل أبيب.
وقد طلب من المحكمة أن تأمر وزارة الداخلية بتغيير هويته، فهو لا يرغب في أن يكون يهوديا،  ويحتج كانيوك على وزارة الداخلية التي اعتبرتْ حفيده البالغ من العمر عشرة أشهر، ( بلا ديانة) لأن أمه (ابنة كانيوك) ولدت من رحم أمها المسيحية ميرندا، لذا فهي عند وزارة الداخلية ليست يهودية، وكل أولادها لا يسجلون يهودا !!!! قال يومها:
" لم أكن يوما يهوديا، ولم أطبق تعاليم اليهودية، على الرغم من أن أمي يهودية، ومكتوبٌ في بطاقتي( الديانة يهودية) أما ابنتيّ ليستا يهوديتين، لأن أمهما ليست يهودية، لذا فإن كل أولادهما لن يُسجلوا كيهود.أنا أرغب في أن أشاطر حفيدي تسمية ( بلا دِيانة)!!
(هارتس 15/5/2011)
وبعد أشهر وافقت المحكمة على تغيير خانة الدين في هويته الشخصية وكتبتْ : بدون ديانة!!
وهو أول مَن ربح هذه القضية، فهي إذن ظاهرة الهوية(الكانيوكية).
(وكاره نفسه)  !!!ّكانيوك كان محرضا على دعوات كبار حاخامي إسرائيل ، وعلى رأسهم شموئيل إلياهو الذي أفتي بتحريم بيع وتأجير العقارات للعرب الفلسطينيين في شهر نوفمبر 2010 ، كتب كانيوك يومها في الوثيقة التي تطالب بسجن الموقعين على الفتوى:
" ها هي إسرائيل تسير نحو الفاشية !
تذكرت كانيوك اليوم عندما عُقدت جلسة في الكنيست لتأبينه، وأشرفتْ على حفل التأبين وزيرة الرياضة والثقافة ليمور ليفنات، التي قالت في تأبينه:
لقد فقدتْ إسرائيل كاتبا عظيما!!
وسُرعان ما تصدى لها عضو الكنيست من حزب اتحاد التوراة إسرائيل إيخلر الذي يتنفس هواء الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ....وقال عنه:
إنه يهودي كارهُ نفسه، فمن يتزوج بغير يهودية لا يستحق التأبين!! وأضاف:
فهل هذه هي الثقافة اليهودية؟
وهل نحن في دولة اليهودية الموعودة؟!!

2013-06-14