الأحد 16/10/1444 هـ الموافق 07/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نسأل قيادة حركة حماس حول خطاب أسامة حمدان!!! أسامة حمدان: "أبو مازن هو سيِّئة من سيِّئات ياسر عرفات"/الحاج رفعت شناعة

عقدت حلقة نقاش في فندق كورال سويتس في بيروت تحت عنوان "أزمة المشروع الوطني الفلسطيني والآفاق المحتملة" بدعوة كريمة من مركز الزيتونه للدراسات والاستشارات ومديره العام الدكتور محسن محمد صالح. وحضر حلقة النقاش مايزيد على خمسين شخصية جلُّهم من المفكرين والسياسيين والكتاب والاعلاميين أمثال الدكاترة والأساتذة معن بشور، وابراهيم شرقية، ومحمد شري، وحسين أبو النمل، ومنير شفيق، وماهر الطاهر، ومجدي حماد، وأمين حطيط، وصلاح صلاح، ووليد محمد علي، وسهيل الناطور، وطلال العتريسي، وحلمي موسى، وجواد المحمد، ومصطفى قاعود ، وعلي هويدي، وآخرون.

توزعتْ حلقة النقاش على ثلاث جلسات، وفي الجلسة الأولى تحدث الحاج رفعت شناعة باسم حركة فتح، وأسامة حمدان باسم حركة حماس، والدكتور ماهر الطاهر باسم اليسار الفلسطيني، وأدار الجلسة الأخ نافذ أبو حسنة.

أنا شخصياً تحدثت من موقع المسؤولية والحرص على أن تكون هذه الحلقة ذات قيمة، وتحمل أفكاراً ومقترحاتٍ تساعد على رؤية الآفاق المستقبلية وركزتُ في مداخلتي على موضوع المصالحة واعتبرته المفتاح للوحدة الوطنية، واعتبرت أن وثيقة الأسرى تشكل برنامجاً سياسياً وطنياً يجب اعتمادها، كما طلبت تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه من اتفاقات في القاهرة وفي الدوحة، وذكرتُ ان هناك توافقاً بين حركة فتح وحركة حماس على الكثير من القضايا السياسية، وقلت إِن هذا الامر يساعد على الوصول إلى برنامج سياسي وطني نلتقي حوله جميعاً.

الأخ أسامة حمدان طبعاً وكالعادة أشار إلى أن السلطة الحالية لا تستطيع أن تشكل رافعة وطنية، وهي سلطة لحدية، وأبو مازن يقود مشروع دايتون، ويجب إطلاق مشروع مقاومة شامل، وحمَّل مسؤولية تعطيل المصالحة لحركة فتح.

لكن ما أثار الاستغراب لدى الكثيرين هو ما جاء في مداخلة أسامة حمدان في نهاية الجلسة الثانية وكأنه يريد إفتعال أزمة حيث قال " أبو مازن سيِّئة من سيِّئات ياسر عرفات"  علماً أن النقاش في الجلستين كان جيداً، لكن على ما يبدوا أن أسامة حمدان لم يرقْ له ذلك وأراد أن يُخرج النقاش عن مساره بكلمات إستفزازية من شأنها التوتير وتشويه مضمون الحوار الذي كان قائماً. وللأسف لم يكن هناك مجال لمداخلات جديدة لأن الجلسة انتهت.

أنا شخصياً لا أُفاجَأ كثيراً بما يقوله الأخ أسامة حمدان، وقد اعتدنا على سماع خطابه المسيء دائماً، والتحريض باستمرار، والهادف إلى إبقاء الجفاء قائماً بين فتح وحماس، لأن مثل هذا الجفاء، وهذه الاحقاد أن يؤسس لفتنة، وأن يسهم في نسف أية عملية مصالحة.

أنا ذاهب بأسم حركة فتح إلى حلقة النقاش بعقلية منفتحة، وبهدف البحث عن آفاق محتملة للخروج من الازمة الحالية، وأنا أرفض المماحكات، والاستفزازات، وتقزيم مستوى الأداء في قضايا وطنية باتت تشغل بال شعبنا الفلسطيني.

وأنا هنا أريد أن أتساءل عن خلفية النهج الذي يعتمده الأخ أسامة حمدان في خطابه السياسي.

أولاً: إنّ الاساءة المتعمّدة للرمز ياسر عرفات مؤسس الثورة المعاصرة، والاساءة أكثر للرئيس أبو مازن المُنتخَب من الشعب الفلسطيني، وهو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية هي إساءَة للشعب الفلسطيني، ولكل الأوفياء والمخلصين، ولكل الشهداء الذين ضحوا وقاتلوا عبر نصف قرن خاصة أن حركة حماس عندما شاركت في الانتخابات كان ذلك تحت سلطة الرئيس أبو مازن.

ثانياً: بالأمس في القاهرة، وأيضاً في الدوحة كان الرئيس أبو مازن يتصدر قيادةَ الكل الفلسطيني، والجميع يكنُّ له الاحترام، ويعترف بشرعيته، بما في ذلك الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي نحترم مواقفه وحرصه على العمل الوطني الجماعي، وهو الذي نسَّق مختلف القضايا مع الرئيس أبو مازن بما في ذلك موضوع رئاسة الحكومة، وموضوع آلية تنفيذ إتفاق المصالحة.

وعندما يقول حمدان "أبو مازن سيِّئة من سيئات ياسر عرفات" يجعلنا نتساءَل ما الذي يربط بينه وبين قائد حركة حماس الأخ خالد مشعل الذي يتحمل المسؤولية التاريخية مع الرئيس أبو مازن؟؟!!.

ثالثاً: إنَّ بثَّ مثل هذه السموم في الخطاب الإعلامي والسياسي لا يخدم القضية الوطنية، وإنما يثير الأحقاد ويؤججها من أجل أن تستمر العداوات وأن يبقى المناخ الفلسطيني الوطني مسموماً وملوَّثاً، وهذا دون شك يعيق ويعرقل المصالحة الفلسطينية، ويكرِّس الإنقسام، ويعطِّل المصالحة الإجتماعية، وهذا بالتالي مطلب إسرائيلي. وعلينا أن نتذكر بأنه عندما تمَّ التوقيع على إتفاق المصالحة في القاهرة في (أيار 2011) جُنَّ جنون الإسرائيليين، وهدد نتنياهو الرئيس أبو مازن وقال له على مسمع الجميع عليك أن تختار إما السلام وإما حماس، وأجابه الرئيس أبو مازن أريد حماس لأنها جزء لا يتجزأ من نسيج الشعب الفلسطيني، وأريد السلام أيضاً. وأنا أسال الأخ أسامة حمدان ماذا يعني له هذا الكلام المباشر والواضح؟ هل هو مزعوجٌ منه ومتضايق من سماعه؟ وهل الرئيس أبو مازن في مثل هذه المواقف الوطنية والمشرِّفة يستحق من أسامة حمدان أن يسيء إليه بما أساء من ألفاظ نابية تنمُّ عن حقدٍ شخصي أكثر مما تعبِّر عن موقف سياسي؟ وهل تقبل حركة حماس من أحد قادتها أن يقول ما قال؟؟؟!!!

رابعاً: أذكِّر الأخ أسامة حمدان بأن الرئيس أبو مازن الذي تعمَّد الإساءة إلى شخصه وموقعه بأسوأ العبارات أنه القائد الفلسطيني الذي ذهب إلى الأمم المتحدة وقدَّم طلب الإعتراف إلى مجلس الأمن رغم التهديدات الأميركية والتحذيرات التي وجهها إليه أوباما. وهو الذي وقف أمام أمم الأرض، وخاطبهم بإسم فلسطين مقدِّماً الصورة الصادقة عن قضيته وشعبه، وهو الذي صفقت له أمم الأرض وشعوبُها وأبدت إعجابها وتقديرها وإحترامها، ومن حقنا أن نسأل هل الأخ أسامة حمدان عندما يتحدث يتحدث باسم حركة حماس أو أنه يتحدث باسمه الشخصي؟؟ وهذا السؤال مطروح على طاولة قيادة حركة حماس أيضاً!!

خامساً: أنا أستغرب لماذا  يتعمّد الأخ أسامة حمدان الإساءة الشخصية إلى رموز فتحاوية فلسطينية، وهي قيادات تاريخية تجذَّرت محبتها في نفوس ووجدان شعبها وأمتها، ولماذا استخدام مثل هذا الأسلوب المرفوض، ولماذا الإصرار عليه؟ ألا يدرك هو نفسه أنَّ التلفُّظ بهذه العبارات المسيئة ستكون له ردات فعل عند أبناء فتح، ويكون هو كمن يشعل النار في البيت الفلسطيني لحرقه وتدميره من أجل أن تحيا "إسرائيل" على أنقاض ثورتنا وشعبنا؟؟!!

سادساً: لكل قائد سلبياتٌ وإيجابياتٌ، ولكن من حق الرئيس أبو مازن على حركة حماس أن تحفظ له الكثيرَ من الفضائل في الكثير من المواقف، وهو لم يتعامل يوماً مع حركة حماس إلاَّ من موقع مسؤوليته كرئيس للشعب الفلسطيني. فهو الذي قَبِلَ أن يتناسى إنقلاب (2007) وكل تداعياته المؤلمة، وتنازل عن كافة المطالب التي وضعتها القيادة من أجل الإتفاق على المصالحة، فلم يطلب من حركة حماس سوى أن توافق على حضور الجلسات في القاهرة من أجل أن ينطلق قطار المصالحة، لأنَّ الهمّ الفلسطيني بالنسبة إليه هو الأهم. وهو الذي تعاطى مع قطاع غزة كما يتعاطى مع الضفة الغربية، وتناسى أنَّ هناك من انقلب على رئيس السلطة الوطنية في القطاع وشكَّل حكومة غير ملتزمة بالرئاسة فكان يدفع الرواتب لما يقاربُ سبعةً وخمسين ألف موظف، ويدفع ثمانية وخمسين بالمئة من الموازنة، ويؤمِّن المستلزمات الأساسية. وعلى حركة حماس أن لا تنسى أنَّ الرئيس أبو مازن أصرَّ على الشفافية الكاملة في إنتخابات العام 2006، وتحت إشرافه تمَّ تسليم كافة الوزارات والمؤسسات، في المحافل كافة يكون هو المدافع عن الكلِّ الفلسطيني.

إنَّ الوضع الفلسطيني في لبنان بالغ الحساسية، ويتطلب من الجميع أن يكون على مستوى المسؤولية الوطنية كي يكون  بالإمكان تأمين الحماية والإستقرار لشعبنا، لأنَّ شعبنا يريدينا أن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً، إلا أنَّ خطاب الأخ أسامة حمدان بالألفاظ والمصطلحات التي نسمعها يتعارض تماماً مع ما يخدمُ التقاربَ والألفة والمحبة التي نصبو إليها. وآمل من قيادة حركة حماس أن تتدخل لتصويب الأمور، خاصة أنه قد يكون هناك من يردُّ الصاع صاعين وهكذا تستيقظ الفتنه وندفع الثمن جميعاً.

رداً على مقولة الأخ أسامة حمدان فإننا في حركة فتح نحترم ونقدِّر مسيرة الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزير الرنتيسي، والشيخ إسماعيل أبو شنب، وصلاح شحادة، ويحيى عيَّاش وكلهم عايشوا الرئيس أبو عمار، وساد بينهم الإحترام والثقة لأنهم كانوا يدركون ما معنى الإحترام المتبادل.

2014-05-06