الخميس 16/10/1445 هـ الموافق 25/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عساف والأسرى والمنظرون.. قطعت جهيزة قول كل خطيب/ بقلم: باهي الخطيب

أثار تقدم الشاب الفلسطيني الموهوب محمد عساف في برنامج المسابقات "اراب ايدول"، جدلا واسعا شهدته الساحة الفلسطينية والمجتمع الفيسبوكي، فبرز المؤيدون لعساف بشدة الى جانب المعارضين للمظاهر التي كانت ترافق عرض كل حلقة اسبوعيا، حتى وصل الأمر الى بعض رجال الدين والأئمة؛ الذين قطعو الشك باليقين وحرّموا التصويت لعساف.
وبعيدا عن "التصريحات الدينية" التي تجيز أو تحرّم، لفت انتباهي من زج بإسم محمد عساف في مقارنة مع المعتقلين الفلسطينيين، لاسيما المضربين عن الطعام، امثال المناضل سامر العيساوي والشيخ المجاهد الاسير المحرر خضر عدنان، وغيرهم من الاسرى الذي سطروا اروع ملاحم النضال في وجه السجان، فكان النصر حليفهم.
وبإعتقادي، انه من الخطأ المزاوجة بين الأمرين، فعساف ظاهرة فنية كانت تنافس للوصول الى النجاح، وحققت ذلك، وكان من واجبنا كفلسطينيين دعم تلك الظاهرة، بمختلف الطرق والوسائل المتاحة بين ايدينا، أما قضية الاسرى فهي احدى الثوابت الوطنية التي من المعيب تناسيها او التخلي عنها، فلماذا كان البعض يصّر على المزاوجة بين الأمرين؟ مع العلم أن هناك ما يزيد على 800 الف فلسطيني تجرعوا مرارة الاعتقال منذ العام 1967، بمعنى أنه ليس هناك اسرة فلسطينية الا وذاقت مرارة المعتقل سواء من قريب او بعيد، وهذا يعني أن من صوّت لعساف، هو أخ لأسير أو ابن لأسير او تربطه صداقة او قرابة بأحد الأسرى، فهل يعني ذلك ان من صوّت ودعم عساف نسي قضيته؟
ومن المتعارف عليه، أن الفن من أنجع وأسرع الوسائل لإيصال رسالة الشعب، وعساف غنى للوطن وغنى للشهيد وللكوفية وغنى للحب، واستطاع أن يؤكد للعالم أجمع، أن غزة التي لطالما شدتّ العالم لحزنها ووجعها ودمها، تستطيع أن تشد العالم مرة أخرى، لأنها قادرة على اخراج الفنانين، وأنها كما أبكت العالم عليها، تستطيع أن ترسم الابتسامة على وجهه.
ولأن الفن كما ذكرنا من أنجع الوسائل لإيصال رسالة الشعب وقضيته، رأينا الأغاني الوطنية جنبا الى جنب مع الثورات والحروب والمعارك العربية، فمن بيروت الى الجزائر الى العراق ومصر وفلسطين، كانت الأغنية وكان الفنان يضطلع بدور كبير في شحذ همم الشعب بمختلف شرائحه. وفي دولة عربية، رأينا المغنيين الشعبيين وقد اقتلعت حناجرهم حينما هتفوا ضد النظام، لما كان لهتافهم من دعم معنوي لأبناء شعبهم.
وبالعودة الى موضوع الأسرى، فلا بد من التأكيد ان ليس ثمة أمر مهما علا شأنه، أن يشغل الشعب الفلسطيني عن هذه القضية، فالدفاع عن هذه القضية وتدويلها وطرحها في المحافل الدولية كافة، هي مسألة أخلاقية ووطنية، وهي مسألة مبدأ، إن لم تكن فرضاً على كل من يطلق على نفسه اسم فلسطيني وعربي، فالدفاع عن الأسرى هو دفاع عن شعب بأكمله. لكن من الخطأ أن يخلط البعض كل الاوراق سوية.
ولا بد من الاشارة، الى ان ابناء رام الله والقدس ونابلس وطولكرم والخليل وجنين وكل فلسطين، الذين دعموا عساف، هم انفسهم من دعموا الاسرى ولا زالوا يحفظون قضيتهم في سويداء قلوبهم، وعلى ذلك أمثلة كثيرة.
أغلب الظن أن اجابته ستكون (لا)، فكل صاحب هدف وفكرة، إن آمن بها وعمل جاهدا من أجل تحقيقها لا بد وأن يكون النصر حليفه، فالعيساوي أضرب عن الطعام من أجل هدف وفكرة، وانتصر. والشيخ خضر عدنان خاض اضرابا اسطوريا عن الطعام، وانتصر هو الآخر، وعلى صعيد آخر، عساف عمل جاهدا على تحقيق حلمه، ففرح وأفرح كل من حوله، واثبت أن فلسطين التي احتضنت آلاف الشهداء والأسرى، قادرة على تخريج الرسام والشاعر والروائي والمغني، وكما قال المثل (قطعت حهيزة قول كل خطيب). فلكل منا طريقته في ايصال رسالته.
وختاما، أسال من جعل التنظير منبرا له: هل المناضل وصاحب القضية، لا بد أن يبقى حزينا ولا يسمح للفرحة أن تدخل الى قلبه وقلب من حوله؟.

2013-06-23