الجمعة 14/10/1444 هـ الموافق 05/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نافذة في زنزانة انفرادية (3)/ بيانكا ماضيّة

تعود إلى فنجان قهوتك الصباحيّة.. تقف على شرفة أحلامك تتأمل خيوط الشمس المرسلة من بين الغيوم.. تلاحقها لترى في أية بقعة فرشتْ جناحيها.. وفيما أنت تراقب هذا المشهد الإلهي يزغرد صوت الرصاص في الفضاء.. شهيد حتماً.. فليس هنا في هذه المدينة سوى الشهداء.. رحم الله الشهيد أنى احتفل التراب به.. تتخيل مشهد استقبال أهله له.. يقشعر جسدك من هول العويل وارتطام الزغاريد بتابوت الشهيد... ويأتيك صوت تلك الأم الحلبيّة: "ولد ابن الأربعة عشر سنة تقتلوه ليش؟!" يهزّك صوتها لتتلاطم أنّاته بداخلك..
لاتعشق الشهادة مدينة واحدة.. بل تعشق كل المدن السورية.. ويطالعك على التلفاز في مشهد كوميدي بصوت تقشعر له الأبدان نابحاً: "لقد قررنا اليوم قطع العلاقات تماماً مع النظام السوري الحالي.. إغلاق سفارة النظام السوري في القاهرة".. تسخر من ذاك الجُرَذ الذي قطع العلاقات.. ثم تسمع جملة "هذا كلام جاد لامكان لحزب الله في سورية" تقف قبالة التلفاز لتسأله: مذ متى وأنت تتكلم بجدية مطلقة يابن الحرام؟! تترحم على جمال عبد الناصر.... وتؤكد لنفسك أن ذاك الذي تبجّح قبل قليل بسخف العبارات لايفلح هو وأمثاله سوى بالقطع.. قطع الطرق والأوصال وقطع الرؤوس لا بل جزّها ورفعها إلى الأعلى.. وشيّها على الطريقة الإخوانية.. هي رؤوس لم تكن سوى في العالي.. قطع وقطع وأكل القلوب كأن صنعتهم كانت الجزارة.. حتماً هم جزّارون أتوا من البوادي والصحارى.. تتساءل عن عبد الرحمن منيف.. عن مدن ملحه وتيهه. وشرق أوسطه.. وتأتيك رقعة الشطرنج من دون قرعٍ على بوابة خيالك.. وتروح تفكر في تلك اللوحة التشكيلية التي ظهر فيها البيدق على الرقعة فيما كان خياله على الجدران ملكاً..

2013-06-28