الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
في مصر الضرورات تبيح المحظورات/جرير خلف

 (الضرورات تبيح المحظورات: قاعدة شرعية مأخوذة من نص قرآني من سورة الأنعام 119(إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ (وهذه القاعدة تعتبر فرع من قاعدة كلية سماها العلماء (الضرر يزال) وقد سبق بيان الحاجة منزلة الضرورة في الفتوى.) لقد وصلت الأزمة المصرية قبل قرار العزل حدا لا يمكن لأي حريص على الدولة المصرية تحمله.. فإن كان (إخوانيا) محظور من الناحية الشرعية التخلي عن الحكم باعتبار كرسي الرئاسة المصري هو مدخل لمشروع إمامة وخلافة اسلامية (على فرض جدلا كان ذلك هدف الجماعة).. فأن هذه الجدلية كان يسهل ادراكها وتجاوز محاذيرها من مكتب الارشاد.. والتعاطي بالتالي مع الأزمة قبل تحولها لصراع بحكمة الإسلام وقواعده التي كانت قادرة على فتح نوافذ عديدة للتخلص من الوضع المتأزم والمهيأ للانفجار حينها، حيث كان من الأصح والأصلح على الرئيس ومكتب الارشاد تطبيق قاعدة الضرورات تبيح المحظورات على أنفسهم قبل الكل والانتقال الى مرحلة مراجعة الذات وسبر الفشل الكبير الذي اسبغوه على البلاد والعباد تحت حجة الشرع وأسمه . ولكن حين يستخدم الشرع مدخلا لاختراق الشرعية والتغول عليها فقط بما يساهم في إعمال الإحلال السلس والتراكمي لشخوص الجماعة في مفاصل الدولة كأولوية قصوى لهم .. فأن على الطرف الآخر اللجوء الى القاعدة الشرعية بفعل كل المحظورات للتخلص من حملة (يأجوج ومأجوج) للركوب على الثورات والأقطار والأمصار.. خاصة وأن معظم الشعوب العربية وخاصة شعب مصر ادركت ان مصادرة الإسلام واحتكاره واستعمال أطرافه فقط من قبل الجماعة هي عملية مبتذلة ومكشوفة وتضر بالنهاية بالإسلام وبالمسلمين اينما كانوا وأينما حلوا. ورغم ان حالة قطاع غزة اصبحت من الحالات المعقدة التي لا يمكن حلها.. إلا انها كانت العكس بالنسبة للإخوان المسلمين في كل الدول العربية.. بل اعتبرت تجربة ناجحة ونموذجا تشبيهيا للقفز على الكراسي بواسطة الدراويش ممن لا يرون في الإخوان المسلمين سوى ذقونهم، هذا (الديمو) حاول البعض محاكاته والعمل حسب خطواته.. فجماعة الأخوان المسلمون في مصر كانت تعتبر ان مرحلة الحكم الاولى المفترضة لمرسي هي فترة مؤقتة وانتقالية ليس اكثر وصولا للهدف المنشود وذلك بسبب وجود مؤسسات مدنية للدولة عامة ولا هوية حزبية لها وكذلك بوجود مؤسسة عسكرية مصرية تنتمي للوطن ولا تنتمي للحزب الحاكم..، وعليه كانت الجماعة في صراع مع الزمن للتخلص من جميع المؤسسات والأفراد الذين يتحركون خارج نطاق سلطتهم المباشرة للوصول الى الحالة المغلقة التي لا يستطيع احد أن يدخلها او يغيرها لاحقا مثل نموذج غزة. ومن هنا كان الجميع في مصر ينظر الى نمو السرطان (الإخواني) في كل المفاصل الحيوية للدولة المصرية بنوع من الدهشة والاستهجان حيث استشعر الجميع لحالة الشبق السياسي للجماعة التي قامت بالبدء ببلع الحكم والمؤسسات وحتى الشركات الكبيرة ( قام المهندس خيرت الشاطر بشراء سبعة طائرات خاصة لتشغيلهم على خط طهران- القاهرة بالاتفاق مع سويرس..!).. وقامت كذلك بإبعاد منظم عن دائرة السلطة لكل الإسلاميين الذين لا ينتمون للجماعة مثل حزب النور السلفي والجهاد والعديد من الشخصيات الإسلامية المحايدة وكل ذلك مغلف بالإسلام..! ان المشكلة الحقيقة في الصراع القائم حاليا في مصر هو الى لجوء جماعة الإخوان المسلمون الى تحويل الصراع القائم حاليا بين الشعب وبين الجماعة الى صراع ماكر بين الدين والعلمانية إذا فشل صراعهم على اعتبار أن الصراع بين الشرعية و(ديكتاتورية) العسكر.. فالضربة التي لحقت بإخوان مصر على أثر عزل الرئيس مرسي ادت بالنتيجة لزلزال هز اركان المنظومة العالمية للإخوان المسلمين لا لأجل فقدان منصب رئيس جمهورية مصر العربية بل لفقدانهم بالنتيجة الجمهورية برمتها وانهيار الضربة الإستباقية لهم, فالرئيس المعزول مرسي لم يكن محور الحدث وقلبه بل كان (مرسي) عنوانه فقط والعزل جاء عزلا لكل خطط التغول والاستحواذ على البلد ومن خلال ان الضرورات تبيح المحظورات. 

2013-07-06