الثلاثاء 25/10/1444 هـ الموافق 16/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
خلافات المعارضة الأردنية من ثورة يونيو المصرية ...(الإخوان) مع مرسي والأحزاب اليسارية والقومية في الخندق الآخر

كتب - حماده فراعنه
نهجان مختلفان، ورؤيتان متناقضتان، تصطدم الواحدة منهما بالأخرى طبعت المواقف المعلنة لطرفي المعارضة السياسية والحزبية في بلادنا، نهج الأحزاب القومية واليسارية من طرف، ونهج حركة الإخوان المسلمين من طرف آخر، وكلاهما من موقعه ورؤيته قرأ الحدث المصري وإنحاز إليه، الموقف الأول يرى أن ثورة 30 حزيران، تشكل امتداداً لثورة 25 كانون الثاني واستكمالاً لها، أما الموقف الثاني، فهو يتوقف عند محطة الثورة الأولى 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وفسحت الطريق للإخوان المسلمين كي يتولوا السلطة، ويرفض المحطة الثانية التي أدت إلى التحولات التي جرت يوم 30 حزيران، وما آلت إليه من نتائج جعلت الإخوان المسلمين خارج المشهد المرئي في مؤسسات صنع القرار، بل ومطاردة قياداتهم وتقديم بعضهم للمحاكم، ووصفوا ما جرى يوم 30 يونيو على أنه « إنقلاب عسكري « يجب التصدي له وعدم الإعتراف بشرعيته.

ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، الأردني، دعا في بيان صادر عنه إلى دعم الجماهير المصرية التي انتفضت يوم 30 حزيران من أجل «استعادة ثورتها المسلوبة» على حد وصف البيان و«تصحيح مسار الثورة» وعبر البيان عن دهشته وإعجابه «على إصرار الشعب المصري على التخلص من نظام الأخونة وما واكبه من طغيان واستبداد وإقصاء للآخرين» وبهذا البيان الذي يحمل نفساً جديداً، كبداية عهد جديد، يستهدف حركة الإخوان المسلمين بالاسم لأول مرة ويصف سياساتهم على أنها « سياسة الأقصاء والتهميش ونهج أخونة مصر».
بينما بيان الإخوان المسلمين الذي صدر في أعقاب اجتماع مجلس الشورى في عمان لم يستهدف فقط «الانقلاب العسكري» في مصر، ولكنه تجاوز ذلك لمهاجمة «تأييد وتعاون قوى وتيارات زعمت أنها مرجعيات الديمقراطية وممثلها الشرعي الوحيد في المنطقة»، والتي وقفت مع «القوى المفلسة والفاشلة» على حد وصف بيان مجلس شورى الإخوان المسلمين الذي يعكس مرارة الهزيمة في نفوسهم وتعبيراتهم إلى الحد أن وصفوا الأطراف الأخرى «الكارهة للإسلام» يعني أن كل من ينتقد موقعهم أو يقف ضد سياساتهم يتهمونه على أنه «كاره للإسلام» بينما هم يطلقون على أنفسهم وصف «الإسلاميين» و«الحركة الإسلامية» أليس ذلك ظلماً للإسلام وللمسلمين عبر تقزيمه بحجمهم وتحديد سقفه بمواقفهم ؟
الخلافات بين الأحزاب اليسارية والقومية الأردنية من طرف، وحركة الإخوان المسلمين من طرف آخر، لم تقتصر على القضايا المحلية وكيفية التعامل معها، وتحديد الأولويات الوطنية، وأهمية كل عنوان فيها، فقد سجلت الأحزاب القومية واليسارية على الإخوان المسلمين تفردها، في الحوار ومحاولات التوصل إلى تفاهمات مع حكومات سمير الرفاعي ومعروف البخيت وعون الخصاونة، من خلف ظهرها، وبدون التشاور المسبق معهم باعتبارهم حلفاء في لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة، وجمعتهم صيغة تنظيمية أشد تماسكاً من صيغة لجنة التنسيق وهي الجبهة الوطنية للإصلاح التي تم إشهارها يوم 21/5/2011، ومع ذلك لم يلتفت الإخوان المسلمون لأهمية التشاور والتنسيق مع الشيوعيين والبعثيين وحشد والوحدة الشعبية، وازداد الخلاف بين الطرفين ليترك فجوة معنوية وسياسية ويهز جانباً من الثقة بين المعسكرين: معسكر الإخوان المسلمين ومن يتبعهم ومعسكر القوى اليسارية والقومية ومن يؤيدهم حول لجنة الحوار الوطني التي قاطعها الإخوان المسلمين وشارك فيها ممثلو الأحزاب القومية واليسارية، وتفجر الموقف أكثر عند الأقتراب من الاستحقاق الوطني حول المشاركة بالإنتخابات النيابية وخاصة بوجود قائمة وطنية لأول مرة، حيث قاطعها الإخوان المسلمون وشارك بها أغلبية الأحزاب اليسارية والقومية على الرغم من تحفظهم على قانون الإنتخاب ورفضهم لمضمونه.
الخلافات بين طرفي المعارضة، لم تتوقف عند القضايا المحلية وكيفية التعامل معها، وخاصة برامج الحراك وعناوينه وتوقيته، حيث شهدت شوارع عمان والمدن الأخرى بروزاً لاتجاهين كل منهما له رؤيته وأولياته وشعاراته وكيفية توظيف هذه الحراكات لبرنامجه.
الخلافات لم تتوقف بين الطرفين في القضايا المحلية، بل قفزت اهتماماتها نحو القضايا القومية، حيث لكل طرف خندقه وانحيازاته، بدءاً من إنقلاب حركة حماس في حزيران 2007 وتفردها وسيطرتها الأحادية على قطاع غزة، وتحفظ القوى اليسارية والقومية من قرار حركة حماس بالحسم العسكري وعدم تأييدها له، وحفاظها على دعم وإسناد التحالف الوطني العريض الذي يقود منظمة التحرير الفلسطينية، رغم تحفظ البعض من اليساريين والقوميين على بعض سياسات منظمة التحرير وتحركاتها.
الخلاف نحو سياستي منظمة التحرير وحماس بقيت في إطار التحفظ القومي واليساري، بدون أن يؤدي ذلك نحو التفجير السياسي والحزبي بين معسكري المعارضة الأردنية، ولكن الأحداث الجارية في سوريا، عمق بروز الجناحين بين طرفي المعارضة الأردنية، حركة الإخوان المسلمين المؤيدة للمعارضة السورية المسلحة، والقوى القومية واليسارية التي تعلن بوضوح رفضها للدعم الأميركي الأوروبي للمعارضة السورية ورفضهم لسياسة هدم الدولة السورية وتقويض الإقتصاد الوطني وإضعاف الجيش السوري بما يخدم المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي.
إنفجار الخلاف بين طرفي المعادلة المصرية، التي سبق لها وتوحدت مع مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي في مواجهة المرشح أحمد شفيق، دفع المعارضة الأردنية بجناحيها كي ترحب بنتائج ثورة 25 يناير بما فيها نجاح الرئيس محمد مرسي، ولكن الخلاف الذي مزّق قوى المعارضة المصرية وإصطفاف القوى الوطنية والقومية واليسارية المصرية ضد سياسات الإخوان المسلمين وإجراءات الرئيس مرسي ذات الطابع التسلطي ومحاولات الإخوان المسلمين الإستفراد بمؤسسات الدولة المصرية والعمل على أخونتها، فجر ثورة 30 يونيو الجماهيرية غير المسبوقة بهذا المحتوى وبهذا القدر من الحشد الجماهيري بالملايين لإسقاط حكم «المرشد» و«سلطة الرئيس مرسي» و«سياسات الإخوان المسلمين»، ودفع الأحزاب اليسارية والقومية الأردنية للإنحياز لأغلبية المصريين الذين خرجوا يوم 30 حزيران لتصويب مسار ثورتهم نحو التعددية والديمقراطية.
الانفجار الذي اجتاح مصر، وصلت شراراته لجسم الحركة السياسية الأردنية، فانزلق طرفا المعارضة بين مؤيد ومعارض، حيث برز موقف الإخوان المسلمين بائناً قوياً ضد ثورة 30 يوينو، وضد عزل الرئيس مرسي، ومؤيدين لاحتجاجات الإخوان المسلمين المضادة لثورة الأغلبية المصرية التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين والمرشد ومرسي، بينما أعلنت الأحزاب اليسارية والقومية الأردنية دعمها لثورة يونيو وأهدافها بما فيها إسقاط مرسي والمرشد والإخوان المسلمين.
[email protected]

2013-07-09