الأحد 12/10/1445 هـ الموافق 21/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مقاومة الإنقلاب..بين العدالة و التطرف / محمد عزت الشريف

 بداية نقول أن: "الانقلاب على الإنقلاب، وسطية و اعتدال" ... والنظرية العلمية المجردة تقول بأنه: "لا تتحقق العدالة في حالة انعدام المساواة، بالتوسط ـ بل تتحقق بالتطرف المقابل، والمتزايد شيئاً فشيئاً، حتى بلوغ درجة التعادل. والتطرف المقصود هنا هو التطرف الإيجابي، المجرد من كل تشدّد و مغالبة. حتى فكرة العدالة التي يرمزون لها بالميزان تقوم على تطرف في مقابل تطرف مساوٍ له في المقدار أو الشدة، ومقابل له في الإتجاه. وللتوضيح دعنا نتساءل: كيف تعتدل كفة الميزان؟ هناك حالتان .. الحالة الأولى : أن لا يكون على كفتي الميزان أيّ شيء وهذا يعني أننا في حالة العدم؛ حالة ما قبل الخلق والحياة. و الحالة الأخرى: عندما تبدأ الحياة .. يتم بطبيعة الأمر ـ وحسب الناموس ـ اشغال إحدى الكفتين بثقل ما.. وستميل تلك الكفة إلى الأسفل والكفة الأخرى إلى الأعلى.. وهنا يكون لدينا طريقتان لمعادلة الكفتين الطريقة الأُولى: حالة المساواة.. عندما يكون الثقل الثاني مساوٍ في المقدار تماما للثقل الأول على الطرف المقابل تماماً وعلى مسافة من نقطة الإرتكاز متساوية تماماً لمسافة ابتعاد الثقل الأول عن نقطة الإرتكاز؛ و في هذا الحالة نكون بصدد حالة عدالة قائمة على المساواة. الطريقة الأخرى: عندما تغيب المساواة.. ويكون الثقل بالكفة الأولى أكثر من مقدار أي ثقل آخر فكيف نحقق العدالة هنا؟ ليس أمامنا سوى أن نضع الثقل الخفيف على مسافة من نقطة الإرتكاز أبعد من المسافة الموضوع عليها الثقل الأكبر عن نقطة الإرتكاز .. أي أنه في حالة غياب المساواة فإنه علينا أن نجعل الثقل الأقل ـ عند نقطة أكثر تطرفاً من الثقل الأكبر الموجود على الطرف الآخر. إذن فالتطرف ينشأ من عدم المساواة ويكون هو الشرط اللازم لتحقيق العدالة في تلك الحالة. ... دعونا نطبق الآن على الحالة السياسية والإجتماعية الحالية بعد الإنقلاب الذي نفذه العسكر في مصر .. فانقلاب كفة الميزان كما أوضحنا لا يكون إلا بثقل أكبر و يمثله هنا (العسكر). في مقابل ثقل أقل ويمثله ( المؤيدون السلميون للشرعية). و لتحقيق العدالة هنا، لابد أن يكون "الفعل المقاوم للإنقلاب" عند نقطة طرفية أبعد من نقطة ابتعاد "الفعل الإنقلابي" عن نقطة الإرتكاز. هذا التطرف الظاهري: هو تطرف ناتج عن انعدام المساواة بين الثقلين في المجتمع، و هو قد يبدو كتطرف ظاهري، ولكنه في الحقيقة هو تطرف ضروري، هو تطرف ضروري لمعادلة كفتي الميزان، و هذه هي ـ بعينها ـ العدالة المجردة.. ... لذلك .. نتوقع أن مظاهر مقاومة الإنقلاب ستزداد، وتشتد، وتتنوع يوماً بعد يوم لأن المقاومين يؤمنون جيداً بأنّ لهم الحق، و من ثمّ فإن لهم شرعية. و هم يدركون في ذات الوقت أنهم طرفٌ مستضعفٌ، شعبيّ سلميّ يقاوم طرفاً ثقيلاً قوياً مدججاً بالعسكر و بالسلاح. و دائماً يجب أن تبقى المعادلة في اطار سلميّ؛ و من كلا الطرفين مهما طال الزمن وامتد ـ وإلاّ .. دخلنا في معادلةٍ أخرى. ***

2013-07-17