الثلاثاء 3/11/1444 هـ الموافق 23/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قصة الانقلاب على ثورة يناير (1)/ محمد عزت الشريف

  من عبقريات ثورة 25 يناير أنها جاءت مفاجئة، و متفردة، و على غير مثال سابق. فقد كانت الثورة ـ و بحق ـ نسيج وحدها. لقد فاجأت الثورةُ العالمَ بما و مَن فيه جهازي استخبارات أميريكا وإسرائيل و من ثمّ لم تُسعف الثورة أي مؤسسة في العالم أن تُكوِّن رؤية حقيقية لماهية الثورة ـ دافعها، ودافعيتها و مسارها، و مآلاتها ـ و من ثمّ التحرك المضاد لحركتها و وجهتها. ارتباك حقيقي، و متجدد في كل يوم انتاب الادارة الأمريكية، و دهشة دائمة، و ذهول أصاب دوائر الإستخبارات، و مراكز صنع القرار في الدول العظمى، و الدول المعنية مباشرة بالأحداث، والتغيرات في منطقة الشرق الأوسط؛ و على رأسها الولايات الأمريكية، والكيان الصهيوني. لم يكن من الحكمة للأمريكان والصهاينة التصدي المباشر لإرادة، وفعل التغيير في المنطقة ـ خاصة وأن الرؤية لم تكن واضحة والصورة كانت دائمة متحركة .. و من ثمّ كان على أمريكا والكيان الصهيوني رسم خطة، و خريطة عملٍ في إطار زمني ذي مدى معقول ـ للتدخل في الأحداث بشكل مباشر و غير مباشر للتأثير ـ بالتغيير و التوجيه ـ بما يؤدي في النهاية إلى إفراغ ثورة يناير من مضمونها، و إفساد نتائجها، و الرجوع بالمنطقة إلى ما قبل زمن الربيع العربي الذي بدا جليّاً أن سيسيطر عليه التيارات الإسلامية السياسية في المنطقة؛ بما يكمن في ذلك من خطورة متوقعة على خطط أمريكا وإسرائيل الأمنية، و التوسعية في الشرق الأوسط . لم يكن من مصلحة الأمريكان، و الصهاينة ـ بالطبع ـ أن يأتي محمد مرسي و الإخوان المسلمين إلى رأس السلطة، و لم يكن لهم أن يقفوا في طريق وصولهم إلى سدة الحكم في مصر بانتخابات شعبية ديمقراطية حرة نزيهة بشهادة العالم .. فبدأ الأمريكان والصهاينة في التفكير في رسم الخطة للوصول إلى هدف إسقاط أنظمة حكم التيارات الاسلامية كهدف في ذاته و كخطوة هامة ـ في ذات الوقت ـ نحو إسقاط ثورة 25يناير ـ بإضعاف تأثيرها ، وضرب أهدافها .. و كانت الخطوة الأولى .. البحث في المنطقة عن شركاء لهم مصلحة في إقصاء تيار الإسلام السياسي عن سدة الحكم و عن دوائر صنع القرار في مصر والمنطقة العربية .. و من ثم كان ضروريّاً و حتميّاً التوجه صوب مشايخ، وأُسر الخليج الحاكمة .. و... للحديث بقية. ***

2013-07-29