الإثنين 2/11/1444 هـ الموافق 22/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
المقاومة الفلسطينية الفاشلة/ بروفيسور عبد الستار قاسم

تشتعل البيانات والانتقادات ضد سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية في كل مرة تقدم فيها تنازلا، أو تبدي مزيدا من التخاذل والخنوع والنذالة؛ وتدق جهات فلسطينية كثيرة على رأسها حركات المقاومة الفلسطينية طبول اللطم والبكاء على فلسطين ومصير الشعب الفلسطيني. تنتهي الأمور عند الردح انتظارا للردح القادم. سلطة الحكم الذاتي تسير من خزي إلى خزي، وفصائل الرفض تجري من لطم إلى لطم. والأدهى من ذلك أن بعض الرداحين واللطامين يذرفون الدموع نهارا، ويلوذون إلى أحضان السلطة ليلا.

المسألة في غاية البساطة، ونحن لسنا بحاجة إلى توظيف جهود مكررة لشجب أعمال السلطة ولعنها، فهذه سلطة وجدت لكي تكون وكيلا أمنيا وإداريا، وهي لا تملك من أمرها شيئا إلا في بعض القضايا الصغيرة والهامشية التي لا تعني الاحتلال. وهي سلطة لا تخرج عن كونها شللا يتآمر بعضها ضد بعض على حساب الشعب الفلسطيني، وهي لا يمكن أن ترتقي أبدا إلى مستوى الدفاع عن حقوق شعب فلسطين لأنها لو كان لها أن ترتقي لما سمح الاحتلال الصهيوني بقيامها. يتحدث أركان السلطة عن تمسكهم بالحقوق الوطنية بالثوابت الفلسطينية في وسائل الإعلام، لكنهم من الناحية العملية يهدمون كل ما هو فلسطيني وينفذون سياسات تمكن الصهاينة من رقابنا وأرضنا. وهم يتبعون سياسات تهدم الأخلاق وتمزق المجتمع، وترسخ التبعية، ويفتحون أبوابا للمسّ بأعراض الناس بخاصة في أماكن في رام الله.

إذن أين المشكلة؟ المشكلة في فصائل المقاومة الفلسطينية التي لا تصنع شيئا، ولا تحاول تسيير السياسة الفلسطينية. هذه فصائل تمتلك القدرة على رد فعل لا قيمة له يتمثل بالاستنكار والشجب، لكنها في النهاية تكرس قيادة سلطة رام الله للشعب الفلسطيني، وتكرس هيمنة إسرائيل والولايات المتحدة على القرار الفلسطيني. تسألهم فيقولون إنهم لا يملكون حرية العمل في الضفة الغربية. لقد فتشت في كتب التاريخ لأجد مقاومة احتاجت إلى إذن أو تصريح من أعدائها للقيام بواجبها فلم أجد.

حتى بعض وسائل إعلام المقاومة تعطي مساحات واسعة لرجالات السلطة لشرح وجهات نظرهم، بل وتنافق لهم في كثير من الأحيان.

يبدو أن فصائل المقاومة مرتاحة تماما لما تقوم به السلطة لأن ذلك يوفر عليها الكثير من الجهد والتعب. ما دام هناك من يستسلم ويلعنه جزء من الناس، فلماذا أكلف نفسي عناء المقاومة؟

هذا أمر واضح بالنسبة للاستيطان. نحن نلعن الاستيطان في وسائل الإعلام، لكننا ندعمه عمليا. نحن لا نقوم بأي شيء على الإطلاق لمواجهة الاستيطان، ونلاحق أي فلسطيني يقذف حجرا على مستوطن ونودعه السجن. أبناؤنا يبنون المستوطنات، وآلاف منهم يعملون في المنشآت الزراعية والصناعية الاستيطانية. هناك اوروبيون يقاطعون المستوطنات والمستوطنين، بينما يبيت بعضنا في أحضان المستوطنات. السلطة تدعم الاستيطان من الناحية العملية، وفصائل المقاومة والمعارضة لا تختلف في سلوكها

2013-08-13