الثلاثاء 7/10/1445 هـ الموافق 16/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هنـــا دمشـــق من القاهـــرة!!/عبـــد الهـــادي شـــلا

 حين شاهدت المذيعة " رولا خرسا " على فضائية " البلد" وهي تقول: هنا دمشق من القاهرة!!

قلت في نفسي مازال في أمتي من يهتف باسم الوطن العربي الكبير،ومازالت نار الثورات على الاستعمار تتأجج تحت رماد السنين. نعم هي قالت أيضا:أن دمشق قالتها في العام1956 :هنا القاهرة من دمشق . لا فرق بين العاصمتين ولا بين كل العواصم العربية التي شهدت الثورات على الاستعمار وجاءت بالاستقلال وصنعت شعورا تنامى وكبر على مر السنين وخلق جيلا حمل مسؤولية القضايا الكبرى وحقق الكثير الكثير. ولكن المؤامرات التي حيكت في الخفاء وفي العلن بقيت تكبر وتتسع أيضا وتتنوع في الأساليب حتى طالت ووصلت إلى مبتغاها بأشكال تجاوزت عقلية العربي الذي كبلت حريته فئة أتقنت بيع الشعارات واستحوذت على مكاسب الثورات. ولأن هناك من يستثمر هذه النماذج (الثورجية) فقد أصبحت الخادم الوفي لها فعاثت بمقدراتها فسادا وتقاسمتها. استيقظ في قلبي حنين وشعور كادت تطمسه (النوائب والهزائم وأشياء أخرى استجدت) حين سمعت المذيعة تقول: هنا دمشق من القاهرة! وأني على يقين بأن كل من سمعها قد احتقنت الدمعة في مآقيه حسرة وكمدا على حال الأمة. لا نتحدث هنا عن النظام الحاكم في سوريا، لأنه صورة من كثير من صور النُظـُم في البلاد العربية بعضها تم دحره والآخر ينتظر! ولن يفلت لأن الشعب الذي عانى الويلات من ضغمة الحكام الذين جاءوا بعد الاستقلال قد وجد نفسه ملتصقا في الجدار ولا بد من المواجهة مادام الموت قادم فليكن في سبيل الحرية الكاملة. كل الألسن وكل الأقلام لا حديث لها سوى ما يجري في هذين البلدين العربيين ( الأهم) تاريخيا وحاضرا مع فارق غير كبير في حالة كل منهما وتصارع دول العالم على اقتسامهما لإعتبارات لا تخفى على أحد وأهمها حماية دولة الاحتلال ( إسرائيل ) بعد استراتيجية الموقع العربي أرضا وثروة. سوريا.. يتم استنفار العالم ( الحر) لضربها لحماية (الإنسانية !؟) و معاقبة النظام على فعلته بدعوى استخدام ( المواد الكيماوية المحظورة) وهي نفس السبب الذي تم فيه تدمير العراق اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا وأصبح من بعدها دويلات وطوائف يعلم الله وحده متى ستلتئم أوصاله. ورغم نفي النظام ولجان الأمم المتحدة التي قالت أن الجماعات المسلحة قد استخدمته بطريق الخطأ !

إلا أن النية مازالت قائمة لإسقاط النظام السوري والذي يجمع العالم كله بما فيه العربي على ضرورة إسقاطه لما قام به من دمار وهي حقيقة وإن لم يثبت انه استخدم اسلحة بيولوجية محظورة ولكنه دمر القرى وقتل الآلاف وهو يصد الجماعات المسلحة . الأمر قد تقرر وفي انتظار ساعة تنفيذة أو تم تأجيله لوقت يخضع النظام خضوعا كاملا لما يراد منه ومن ثم سيتم الاستغناء عنه بنفس الطريقة التي تم فيها الاستغناء عمن سبقه. في مصر..يرقب العالم ما يجري على أرض الكنانة بحرص شديد بعد أن تم تنصيب رئيسا مؤقتا للبلاد بدعم قوي من الجيش،ولسنا في حاجة هنا لنعيد الحديث عما سبق هذا التنصيب وما قام به الجيش بطلب من الشعب بتفويض لعزل الرئيس المنتخب (مرسي) الذي تم التفاوض معه على الاستقاله ولكنه أبى،ومع استمرار التظاهرات التي انتهت إلى ما إنتهت إليه. ولم تسلم مصر أيضا من محاولات التدخل في رسم خارطة الطريق التي يعمل بها الرئيس المؤقت بدعم قوي من الجيش وأغلبية شعبية فقد تمت زيارات عديدة لمبعوثين غربيين للاطلاع عن كثب على الوضع المصري في محاولات للضغط سياسيا وعسكريا واقتصاديا و تحديد مسار يتفق مع تطلعاتهم و خططهم التي رسموها للمنطقة . وقد بدى أن الحالة المصرية ذات خصوصية ويجب التعامل معها بحرص شديد . وقد عزز موقف القيادة المصرية ما قامت به دول الخليج العربي من دعم اقتصادي رفع من معنوياتها و أعاد إلى الأذهان ما رددته المذيعة "رولا الخرسا" ..هنا دمشق.. من القاهرة . وكم نتمنى أن يأتي اليوم الذي تقول فيه: هنا الوطن العربي من القاهرة لنشعر أننا مازلنا نتنفس هواء الحرية التي تربى عليها جيلنا. فهل سيبقى العالم يستخف بنا منفردين ومجتمعين بينما نحن نرصد كل محاولته وندرك مراميه القريبة والبعيدة؟ إن كان كذلك فنحن لا نستحق هذا الهتاف.

2013-09-03