الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
فريد الديب بمفرده هزم شعبا بأكمله/عونى عبد الوهاب العفيفى

مشهد قد يبدو للبعض من مشاهد ألف ليلة وليلة، وقد يبدو للبعض الآخر فيلمًا سينمائيًا بامتياز يثير الدهشة والغرابة، وقد يصيب المشاهد باليأس والإحباط والكفر بنظرية تحقيق العداله في المجتمع. لقد استطاع فريد الديب المحامي الذي سيظل معادلة صعبة وشخصية لها خصوصيتها ومهارتها الخاصة من بين كل محاميي مصر على مر العصور، وهو الخبيرالمخضرم العارف بكل القضايا والعارف بكل دهاليز المحاكم وبكل ثغرات القانون، ودائمًا يسبح ضد التيار فيسند إليه معظم القضايا المستعصية والقضايا التي ثير الجدل في المجتمع المصري وقضايا التجسس، والفرقة والحسبة، والفساد، والقضايا المتعلقة بالشرف، وخاصة التي تطال بعض الفنانين والفنانات ورجال الأعمال والمشاهير استطاع وبجهد كبير أن يهزم (مجازًا) شعبًا بأكمله بالقانون وليس بشيء غير القانون، واستمرارًا لمسلسل "للعدالة وجوه كثيرة"، الذي يلعب بطولته منفردًا، وأن يقضي على حلم المصريين في القصاص العادل من مبارك ونظامة على كل جرائم الفساد وقهر وظلم الشعب على مدى عقود. ففريد الديب المولود بحي السيدة زينب في العام 1943، تخرج في كلية الحقوق عام 1963، بتقدير جيد جدًا؛ بدأ عمله بالمحاماة عام 1971، بعد استبعاده من العمل بالسلك القضائي، فيما سمي بمذبحة القضاة عام 1969؛ حيث تم استبعاده و127 قاضيًا وعضوًا للنيابة، بعد فترة عمل قصيرة لم تتعد السنوات الست، كان فيها وكيلا للنيابة العامة في جنوب القاهرة ثم وكيلا للنيابة بالوايلي ثم شرق القاهرة، ونيابة سوهاج واختار الديب لنفسه الطريق الأصعب لمن يقرر أن يكون "قاضيًا واقفًا" قبل الديب الدفاع عن حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق في تهم تتعلق بالتورط في قتل متظاهرين، خلال ثورة 25 يناير، بعدها قرر التخلي عن العادلي ليتولى الدفاع عن الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه في مجموعة من منها قتل الثوار، والتربح بشكل غير مشروع، وإهدار المال العام بتصدير الغاز لإسرائيل، وتهم أخرى تتعلق بفساد مالي وسياسي. إن عودة مبارك للحياة بعد الإفراج عنه أمر في غاية الصعوبة، وإن المصريين لن يسمحوا بذلك، وإن حصوله على البراءة أمر لا يبعث على الشعور بالارتياح أو بالرضا. وامتصاصًا للغضب الشعبي، أصدر نائب الحاكم العسكري للبلاد الدكتور حازم البيبلاوي أمرًا بوضعه رهن الإقامة الجبرية. ونحن نحترم جميع أحكام القضاء ولا تعليق عليها، وأن هذه البراءات تقضي على حلم الغالبيه الساحقه التي خرجت فى 25 يناير بمحاكمة مبارك محاكمه عادلة وكل رموز نظامه. قد يتبخر حلم الثوار وكل المصريين فى إنشاء دوله ديمقراطيه مدنيه حديثه مع براءة المخلوع من غالبية التهم المنسوبة إليه، ولم يخطر في بال كثير من الشعب مطلقًا، أن يرى الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي أذل مصر والمصريين لأكثر من ثلاثين عامًا يغادر السجن، وأن يذهب دم أكثر من ألف شهيد وآلاف من الجرحى سقطوا احتجاجًا على ظلمه وفساد حكمه هدرًا. ولكنها الحقيقة للأسف الشديد، وقد رأينا بأعيننا طائرة عمودية تنقله من سجن طرة إلى المستشفى العسكري؛ حيث جرى إعداد جناح ملكي خاص به مجهز بكل وسائل الراحة يدفع تكلفته من دم الشعب المصري المقهور. إنها الهزيمة الأكبر للثورة الشعبية المصرية، بل لا نبالغ إذا قلنا أنها نقطة نهاية مأساوية أرادها أنصار الدولة العميقة أنصار الحزب الوطني المنحل ورجال أعمال مبارك وما يمتلكونه من وسائل إعلامية وكل المستفيدين من نظامة السابق، الذين يريدون إعادة مصر الى الوراء إلى ما قبل ثورة 25 يناير المجيدة. ولكن هناك باريقة أمل في خارطة الطريق، التي قد تحتاج إلى بعض التعديلات، حسب المسار الشعبي المؤيد والموجه لها، وقد تكون محفوفة بقليل من المخاطر، والتي قد تأخذنا في نهاية المطاف إلى دوله ديمقراطية وليدة، ولكن هناك بعض المخاوف أن يعود أزناب مبارك والحزب الوطني والإحوان والتيار السلفي إلى الحياة السياسية مرة أخرى، لكن إرادة الشعب قد لا تقصي أحدًا، وتسمح للجميع بالمشاركة عى أساس المساواة في الحقوق السياسية. ونتمنى لمصرنا العزيزة التطور والنمو والازدهار، حفظ الله مصر وشعبها، وحفظ جيشها العظيم ..تحيه لشهداء مصر الأبرار.

2013-09-06