الجمعة 21/10/1444 هـ الموافق 12/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نصارع الوقت ويصارعنا!/مطانس فرح

مع تطوّر الحياة التكنولوجيّة، والتحوّل إلى عالم الرقميّة (الـ"ديچيتاليّة") والتقدّم في الزمن، نكتشف معنى الدلالة الهامّة والمُُنهكة - في آنٍ واحد - لهذا الزّمن أو الوقت! فمنذ لحظة فتح الجَفن وحتّى إغلاقه، ونحن والوقت في صراع مستمرّ!
لا شكّ أنّ مؤشّر الوقت يتحكّم بنا ويسيطر على "أجندتنا"، فيعمل على  تنظيم عملنا وتحديد مواعيدنا؛ إلّا أنّ هذا المؤشّر لا يسعفنا دائمًا، ويخذلنا - أو بالأصحّ نخذله - عندما تتراكم مهمّاتنا وتكثر الطلبات الطارئة المُلحّة، فلا يسعنا حينها سوى الإلقاء باللائمة على الوقت الّذي دَهَمنا ولم يسعفنا.. ولكنّ الوقت لا يسعفنا، فعلًا!!
أبحث، حينًا، عن أسلوب أتمرّد من خلاله على سيطرة الوقت، أو على أدوات تمكّنني من التغلّب عليه، أو التخّلص من ممارساته التعسّفيّة الظالمة أحيانًا أخرى.. فأحاول أن أهرب إلى عالمي وأتقوقع - بعيدًا أو قريبًا - من هذا الوقت؛ قبل أن أعود إلى مصارعته، مجدّدًا، فهو يأبى أن يمنحني الرّاحة الّتي أرنو إليها.
وقد جاء في تعريف الوقت: الوقت أو الزمن أحد أعمق ألغاز العالم، لا يستطيع أحد تحديد ماهيّته بالضّبط، ولكنّ إمكانيّة تحديد قياسه تجعل طريقة حياتنا ممكنة وأسهل. ولكنّ للوقت مفهومًا مُغايرًا لدى إنسان وآخر، ولدى شعب وآخر. فقد تعني اللّحظة الكثير لشخص ما، بينما ساعات بأكملها لا تعني شيئًا لشخص آخر.
فما معنى العراك الدائم الآخذ بالازدياد بيننا وبين الوقت..؟! ففي نهاية المطاف ما نريده هو الاستقرار وهدأة البال. فمن المفترض أن يقوم الوقت بتنظيم حياتنا، ومن البدَهيّ أن نتعامل معه من هذا المنطلق. فلِمَ علينا أن نقضي نهارنا في حراك مُضاعف، وعجَلة من أمرنا، "حارقين" أعصابنا، "تالفين" مزاجنا، مُتعبين أفكارنا؟!
إنّ منظومة الحياة "الحديثة" الّتي نعيشها أخذت منحًى جديدًا، فغيّرت من مضمون مؤشّر الوقت وزادت صراعاتنا معه؛ إلّا أنّ مفهوم الوقت ومنظومته يختلفان في مِنطقتنا؛ فمنظومة حياتنا مغايرة هنا، من جرّاء المشاكل والضغوطات العسكريّة والسياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة الخاصّة الّتي نعانيها، وصراعات المعيشة اليوميّة؛ فنحن شعب اعتاد النضال والصّراع من أجل بقائه في وطنه وللحصول على حقوقه، وكأنّه في ديمومة صراع، حتّى بات يصارع الوقت الّذي يصارعه، أكثر من غيره، أيضًا!

البوم صور
2012-07-06