الخميس 13/10/1444 هـ الموافق 04/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مخاطر افتراس الحكومة للسلطة القضائية/رياض هاني بهار

 ابتداءا استرشد بالمقولة ( لا ديمقراطية بدون استقلال القضاء) والذي نخشاه في عراقنا بسعى السلطة التنفيذيه متمثلة برئيس الحكومة إلى بسط سيطرته باتجاه السلطة القضائية والانقضاض عليها(وهناك مؤشرات عديدة بهذا الاتجاه ) ، وهذا مسلك خطير إذا نجح به ، فتصبح الامور أخطر بكثير وذا نتائج كارثية إذا رضخت له السلطة القضائية ، انه اتجاه مخيف لتحطيم اي مشروع للتحوّل إلى الدولة ، إنه إلغاء لحلم تحقيق الدولة وهذه أكبر الكبائر ، إنه يدمر الكل الوطني من أجل شيء تحقيق رغبات سياسي جاء بمشروع غير واضح للجميع بلا اهداف وطنية ولاخطة حكومية واضحة وكانه يعمل لصالح منظمة سرية ، هو جريمة بحق الوطن، ان الدولة صيغة حضارية وهي المستقبل ، أما السلطة المجردة فهي في الحقيقة تمثل القمع والاستبداد ، الدولة هي كل المواطنين الأحرار، والدولة هي وعاء المواطنة والحرية والمساواة ، ولا دولة دون فصل السلطات، ودون احترام سيادة القضاء واستقلاله ، بما ان القضاء هو ملاذ الناس من تعسف السلطة ، فإذا أصبح القضاء في جانب السلطة ويدافع عن تعسفها بإنكار حقوق الناس ، فأنه بذلك يسمح باتساع دائرة الظلم ويضرب العدالة في صميمها ، فيصبح لصاحب السلطان السلطة العليا للتخلص كل من يناؤي سياسته ، فتضيع حقوق الناس، ويفقد الوطن معناه وقيمته لأن المواطنين في هذه الحالة يصبحون غرباء في وطنهم. ان محاولة إفتراس القضاء من قبل رئيس الحكومة يتمثل في تمكن سلطته من مصادرة حقوق الإنسان لأسباب غير وجيهة بدعوى (مكافحة الارهاب) او (محاربة اعداء وهو متمرس بصناعة الاعداء جدد ) وعندما تطغى سلطة الأوامرمن رئيس الحكومة وتتجبر وتفرض قراراتها بالقوة في خرق سافر للدستوروالقانون، فإن ذلك مؤشر على ضعف سلطة القضاء وعدم قدرته على القيام بواجب ايقاف انتهاكات رئيس الحكومة ، الشيء الذي ينتج عنه غياب الأمن الاجتماعي داخل المجتمع ، وهذه المصادرة لا تتمثل بمجرد توقيف الاشخاص ، أو إقامة محاكمات صورية غايتها القضاء على مناؤي سياسة الحكومة بالصاق تهم كيدية لها ، بل هي تصل لدرجة ممارسة نوع من التمييز على أساس سياسي أو طائفي أو غير ذلك من أنواع التمييز وعدم المساواة، وهو ما يشكل مخالفة للدستور والقانون ، إن حرية الإنسان وحقوق الإنسان هي أهمّ ضحايا سيطرة السلطة التنفيذية وتغوّلها على السلطات الأخرى وعلى الأخص القضائية منها، وهذا بالتأكيد ينعكس سلبا على الهوية والانتماء الوطني ، فإذا امتنع القضاء بطرق مباشرة أو غير مباشرة من الدفاع عن حقوق الناس، وأخذ جانب السلطة بأن حاباها ولو بأبسط الطرق؛ وبهذا يفقد القضاء حياده وصادر الوطن لصالح السلطة، وهذه الحالة تجعل البلاد في مهبّ الريح مما يوجب أن يبقى القضاء محايدا ومستقلا. والجميع أمامه بذات المرتبة وخصوصا السلطة التنفيذية، ليتمكن من أداء عمله في بناء الدولة المدنية الناجعة التي تصبح وطنا عزيزا لأبنائه ، وهناك حقيقة لا يمكن تغافلها بأن اقتصادنا لن يتعافى إلا في ظل سيادة القانون، فمن أجل جذب رأس المال وتوطينه ينبغي أن يكون رأس المال متيقنا من تطبيق القوانين المعلنة والمعروفة لديه دون استثناء ، أن حكومة الاوامر الديوانية التي يعتبرها بديلا عن القوانيين لبسط سلطانه تخيف الاستثمار ورأس المال ويدفعه للهرب من البلاد باعتباره يهدم سيادة القانون ، وهذه لا تكون أمرا واقعا وحقيقيا إلا بتطبيق مبدأ فصل السلطات تطبيقا حقيقيا ، هذا ماحصل بحيث جعلت الأداء للمؤسسات العامة سيئا، ويفسدها أكثر ، باعتبار أن تطبيق القانون يشمل المؤسسات العامة، فإذا استطاعت هذه المؤسسات أن تفلت من أحكام القانون انعكس ذلك على أدائها ضعفا. الخلاصة إنّ السلطة القضائية هي العمود الفقري للدولة ويبقى القضاء من أخطر السقوف في الدولة وهو الطريق المستقيم لاستقرار الأمن في كل مجتمع ، ويبقى العدل هو الطموح الأكبر لتقويم المسيرة الوطنية في كل المراحل والملمات سواءً الحروب أو بالسلم، والقضاء هو مظلة الناس العادلة ، وهي ضمانة المواطنة والاقتصاد الحر والحريات العامة ، وهي حلم العراقي بالدولة المدنية الحديثة ، فينبغي العمل على تحقيقها من خلال صيانة مبدأ فصل السلطات، وسيادة القانون واستقلال القضاء ، ، ولهذا يجب على كبار صناع القرار من المسؤولين في الدولة أن يراقبوا ويحفظوا ماء وجهه ، ويقوموا بحماية القضاء من سطوة الحاكم لكي يبقى سبيل إبعادهم عن الزلل قريباً من ضمائر الأمة والحرية والعدالة التي تطال أهل العدالة كأول من يستحقها ، ولا يمكن أن تحقق استقلالية القضاء والارتقاء به سلطة مستقلة إلا بكفاءة وتجرد القضاة من السعي وراء الاحزاب والطوائف .

2013-11-16