الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الويسكي والشمبانيا في ميزانية 2014 للحكومة الإسلامية !/حميد طولست

ليست هذه المرة الأولى التي تنحاز فيها حكومة السيد بنكيران الإسلامية إلى الطبقة البورجوازية برفض وزيرها في الميزانية السيد " الأزمي" التعديلات التي اقترحتها المعارضة للرفع من قيمة الضريبة المفروضة على " الويسكي والشامبانيا "- وهما ، كما هو معروف ، صنفان من الخمور الرفيعة التي تستهلكها الطبقات الميسورة ،- خلال مداولات مناقشة ميزانية 2014 ، والتي سادها خطاب حزب العدالة والتنمية الغريب والمزدوج ، والذي اثار استغراب المعارضة لتناقض مطالبته المتغيرة حسب الموقع الذي هو فيه ، حيت كان يطالب ، بل ويستميت في الرفع من قيمة الضريبة على المواد الكحولية ، ساعة كان في المعارضة وقبل ولوجه سراديب الحكومة , طبعا ليست هذه هي المرة الأولى التي يتحيز فيها رئيس الحكومة .....فقد سبق أن كانت هذه الحكومة –كسابقاتها- سخية جدا مع ذوي النفوذ بإعفائهم من أي مراقبة جبائية ، وخفض الضريبة على شركاتهم ، وتحاشي فرض أي ضريبة على ثرواتهم ورساميلهم ومواريثهم ...
إنه ليس من العيب في شيء أن يستميت رئيس حكومة ما ، في الدفاع عن الطبقة الميسورة من مواطني البلاد التي يسير شؤونها ، ويعمل على تمتيعهم بكل ملذات الحياة الدنيا ،  لكن غير المقبول والمستهجن هو الكيل بمكيالين ، ومحاباة طبقة على حساب أخرى ، ونهج سياسة طبقية تفاقم التفاوت والهشاشة والبطالة وتسمح للأكثر غنى بمزيد من الاغتناء ، بقليص الضرائبة على رؤوس أموالهم وزيادتها على الاستهلاك ، وعلى القيمة المضافة وتوسيع نطاقها ، ما يحرم ميزانية الدولة من موارد حيوية لتمويل الخدمات العمومية مثلا بناء مدارس ومستشفيات...
إن الزيادة في الضريبة على أصناف الخمور الرخيصة التي يستهلكها صعاليك الطبقة الوسطى ببلاده ، وبورجوازيتها الصغرى ، من جعة ونبيذ أحمر (فراكة) ، ليس رغبة من سيادته في ثني ذوي الدخل المحدود عن شرب تلك الخمور الضارة ، وليس لأنه يعتبرها "أم الخبائث وملعون صانعها وحاملها وشاربها ، ولكن لزيادة مداخيل ميزانيته والدس فيها بعضا من المال رغم تحريمته ، الذي ربما اكتشفت الحكومة بنكيران لإسلامية ولأول مرة أن الدين شيء ومتطلبات السياسة شيء آخر وترسخت لديهم قناعة "أن الدين والسياسة لا يجتمعان في الميزانيات ، او ربما وجد رئيس حكومتنا تخريجة أو فتوى تحلل ما يدره قطاع الخمر على خزينة الدولة من أموالا طائلة ، إذ ليس هو أول من عالج هذا الموقف المتناقض من الخمر ومردودها على ميزانية الدولة ، فقد سبقه إلى ذلك حلفاؤه الإخوان المسلمين حين قال أحد المتحدثين  باسم حزب الحرية والعدالة لسان حال الإخوان وهو يرد علي سؤال لأحد ضيوف قناة أون تي في حول فرض نظام مرسي ضريبة ٤٠٠٪ علي الخمور ، فيقول له إن هناك قاعدة فقهية تقول إنه إذا جاء المال من حرام وتم إنفاقه في مصارف حلال  فيجوز ، خاصة و أن قطاع الخمور يدر على الخزينة أموالا طائلة ويستوعب جزءا كبيرا من الطبقة العاملة وتنشيط السياحة .
الإسلاميون عندما يتخذون مثل هذه المواقف والسلوكات المتناقضة ، فإنهم لا يتوقفون لاختبار أنفسهم ، واختبار فهمهم ، ولا يسألون أنفسهم هل تناقضاتهم تلك - وربما قلنا ازدواجيتهم الشخصية التي ، مع الأسف ، يُجبرون غيرهم على الامتثال لها ، مقتنعين أو غير ذلك – هل هي متماشية مع بقية قائمة الادعاءات التى يرفعونها ، كمحاربة الفساد التي اختاروا لها أثناء حملاتهم الانتخابية ، شعار " صوتك فرصتك ضد الفساد والاستبداد "
فمزيدا من الشمبانيا والويسكي لمن يستحقونه ، ومزيدا من القهر وإفراغ جيوب الفقراء وصبها في صناديق الأغنياء ، في ظل حكومة لا تحسن الإنصات إلى آلام الشعب وما يعيشه من واقع مرير مفتعل ومفروض ، بقدر ما هي منشغلة بإرضاء الطبقة الميسورة التي لا تصوت لها ، لانشغالها بتدبير ثرواتها التي تستميت الحكومات في تنميتها وتحصينها ، مقابل الوعود العرقوبية والتي تشنف الحكومة باسطوانتها المشروخة آذان الطبقة المسحوقة ، تلك الوعود التي يقال عنها :"أنها لا تلزم إلا  من يصدقها" ، والتي تعد بتوفير الشغل والنهوض بالوضع الاجتماعي وتقوية القدرة الشرائية وخفض معدلات الفقر، بينما يبقى واقع البطالة ماض في جماهيريته و تفاقمه ، ويستمر الوضع الاجتماعي في مأساويته ، ولا يتوقف الفقر في اتساعه ، القدرة الشرائية في انحدارها إلى الحضيض...
 [email protected]

2014-01-05