الخميس 16/10/1445 هـ الموافق 25/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أحلام فوق التوقعات ... نصف الكأس الممتلئ

أطلس للدراسات
قادة الصهاينة الأوائل لم يحلموا في أيامهم بهذا الانجاز الذي يسعى الأحفاد بقيادة نتنياهو، يعلون، بينيت، ولوبي أرض إسرائيل الكاملة إلى مراكمته. ولنعرف أي مهزلة حلت بنا كفلسطينيين على وجه الخصوص، وكعرب ومسلمين بعد ان أسلمنا المقود للإدارة الامريكية، متناسين عمق الصلة التي تربط الدولة الأمريكية بالشعب اليهودي وبالصهيونية العالمية، وكيف فرضت الأخيرة إرادتها على الشعب الأمريكي وتتلاعب بقراه السياسي، وأن أمريكا هي حامية هذا الكيان، وهي تنفق، وهي التي تسلح، وهي التي تدعم، حتى المستوطنات.
وعودة الى العنوان وانجازات الصهاينة التي فاقت أحلام الآباء المؤسسين:
زئيف جابوتنسكي أحد القادة الكبار في الحركة الصهيونية، وأحد مؤسسي الصندوق القومي اليهودي والفيلق اليهودي الذي شارك في الحرب العالمية الأولى الى جانب بريطانيا لمساعدتها في هزيمة تركيا وانتزاع فسطين من السيادة العثمانية وجعلها موطن لليهود، ويعتبر عمله من أهم الاسباب في صدور وعد بلفور 1917؛ جابوتنسكي، ومنذ وقت مبكر، كتب يقول: "ان التحدي الذي يواجه الصهيونية ليس في اقناع الفلسطينيين بحق الصهيونية في دولة يهودية على أرض فلسطين – التي يسميها أرض اسرائيل – فاليهود أنفسهم بنظره ما كانوا ليوافقوا على هذا الأمر لو كان الوضع معاكساً، ولكن التحدي هو اقناع الفلسطينيين والعرب بأنه لا يمكن الحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني بقوة الذراع".

تحقق الرؤيا
بعد أكثر من ستين سنة على قيام هذا الكيان المصطنع، برعاية الاستعمار الغربي، بالتحالف مع الحركة الصهيونية؛ كيف تبدو الصورة في ظل الفوضى التي تمخض عنها الربيع العربي أو الشرق الاوسط الجديد – كما يرى المحلل في "هآرتس" بيتر باينرت – فإن رؤى جابوتنسكي قد تحققت بشكل ذي مغزى، فإسرائيل أقوى من ناحية اقتصادية وعسكرية، ليس فقط من خصومها الفلسطينيين الذين هم في أضعف مراحلهم، بل ومن العرب والمسلمين.

هزيمة فلسطينية تاريخية
يرى بيتر باينرت محلل "هآرتس" أن منظمة التحرير الفلسطينية رغم عمق مقاومتها لإسرائيل، وصراع امتد عشرات السنين بهدف التخلص من الاحتلال؛ اعترفت رسمياً بحق الوجود لإسرائيل في اتفاقات أوسلو في 1993، هذا الاعتراف مثل قبولاً فلسطينياً بتقسيم أرض فلسطين وتنازلاً عن أكثر من 78% لصالح إسرائيل، مقابل 22% لدولة فلسطينية.
ومثلما جرى الحال في استغلال حرب الخليج الأولى؛ يجرى الآن محاولة أمريكية اسرائيلية لإلحاق هزيمة تاريخية أكبر فداحة بالفلسطينيين وأحلامهم التي قزمت أصلاً في أوسلو، وذلك لاستهداف قضية اللاجئين، والقدس، وحدود 67، وفرض رؤية الحل التي تتجاوب مع توجهات المستوطنين ولوبي أرض اسرائيل الكاملة، والقبول باتفاق مرحلي يسمح للمستوطنين والجيش بإكمال مخططاته التصفوية في ابتلاع مساحات إضافية من أراضي الضفة (الجيش الاسرائيلي يتحرك بسرعة أكبر من البرق في هدم قرى ومساكن في مناطق الضفة والقدس) ليتم في النهاية تصفية الطموحات الفلسطينية قاطبة وتقزيمها الى أزمة انسانية تتطلب حلاً انسانياً باعتبارهم جماعة من البشر لا حقوق سيادية لهم، وانما ما تجود به دولة الكيان عليهم باعتبارهم "بقايا غزاة انقطعت بهم السبل في ديار ليست لهم"، وفي هذه الأثناء هناك تركيز على مراقبة مناهج التعليم والاعلام والتربية والثقيف التي يتلقاها الفلسطينيون، وأن من متطلبات الاعتراف بإسرائيل وثقافة السلام أن يتخلى الفلسطينيون عن أحلامهم، ويحظر على أطفالهم في غزة أو رام الله أن يعرفوا شيئاً عن حيفا وعكا وبئر السبع أو القدس.

لا خوف من انتفاضة
لا قلق من انتفاضة ثالثة حتى لو بدا الطريق مسدوداً في وجه الفلسطينيين من مبادرة كيري، يقول اليكس فيشمان محلل "يديعوت": "في قيادة المركز يؤمنون بأنه كلما كان الوضع الاقتصادي أكثر معقولية أصبح احتمال الانفجار العسكري أقل"، مضيفاً "ولهذا يوصي المستوى العسكري المختص المستوى السياسي بأن يرخي الحبل للفلسطينيين شيئاً ما في مجال التنقل واعطاء رخص البناء وتطوير المناطق الصناعية وتوسيع صلاحيات ما للسلطة الفلسطينية في المنطقتين (ج، ب)".
وأما عن حماس؛ يقول فيشمان: "حماس في غزة – حسب تقديرات امنية – أصبحت مشغولة أكثر من أي وقت مضى بالصراع من أجل تثبيت سلطتها على قطاع غزة، تثيبت السلطة أهم لديها من اشعال مواجهات عسكرية مع اسرائيل".
ويضيف: "الباعث الرئيس عند الغزيين أيضاً اقتصادي، فقد تركهم الإيرانيون، وضعف الأتراك، وأصبح المصريون يرون غزة عدواً، إن غزة تستطيع أن تشتري سلعاً من إسرائيل لكنها تكلف هنا أضعاف ما تكلفه في مصر، وعند قيادة الجنوب أيضاً سلسلة توصيات بتسهيلات في مجال نقل السلع ومواد البناء، إن الجيش يوصي لكن المستوى السياسي هو الذي يجب أن يقرر هل ينتهز هذه الفرص التي تُمكنه من أن يكسب الهدوء".

على الصعيد الخارجي
اليكس فيشمان المحلل في صحيفة "يديعوت" يرصد التحولات في البيئة المحيطة، والتي يراها بشرى خير لإسرائيل، ويبدأ بالتحولات الجارية في إيران بقيادة حسن روحاتي، فبرغم ان طموحاتها لأن تصبح قوة نووية ذات شأن فإن هناك تحول كبير، وان بشكل بطيء، ستكون له آثار مباشرة على محور التطرف كما يسمونه في إسرائيل.
يقول فيشمان أن إيران روحاني التي تواصل السباق الى القنبلة الذرية هي أيضاً إيران التي غيرت ترتيب أولوياتها الداخلية وجعلت رفاهة المواطن في المركز، إن حصة كبيرة من الموارد التي أُنفقت الى الآن على نشر الثورة الاسلامية ودعم نظم حكم ومنظمات متطرفة توجه الآن الى داخل إيران، وبهذا فقدت المنظمة – حرس الثورة – التي تدير المعركة السرية على اسرائيل باستعمال منظمات "ارهابية" وتهريب كثيف للسلاح، شيئا من ميزانيتها ومن قوتها أيضاً".
ويشير إلى نجاح روحاني في الأشهر الثمانية الاخيرة في أن إزاحة عدد من رجال حرس الثورة عن مناصب رئيسة رفيعة في الاقتصاد والجيش والاستخبارات والعلاقات الخارجية الإيرانية، وان من نتائج ذلك تخفيض الدعم الاقتصادي والعسكري الذي تعطيه إيران لسوريا وحزب الله.
ويرى فيشمان أن "سوريا وحزب الله بحسب التصور الأمني الإيراني هما الخط الدفاعي الأمامي في مواجهة إسرائيل، وعملهما أن يصدا ويردعا كل قصد اسرائيلي الى ضرب إيران، وأن يضعفا قوة اسرائيل، لكن هذه الجبهة أخذت تضعف، وهذه بشرى خير بالنسبة لإسرائيل، ولا سيما على خلفية تهديدات الجهاد العالمي، والفوضى الإقليمية، وعشرات آلاف الصواريخ الموجهة عليها، والمشروع الذري الايراني الذي لا يُصد، وهذه فرصة تاريخية كما عرفها اللواء أفيف كوخافي في محاضرة له في معهد بحوث الامن قبل أسبوعين".

ضعف المحور المناوئ
إن المحور المناوئ لإسرائيل في المنطقة تؤيده دعامتان أخريان سوى الدعم الإيراني، أخذتا تتضعضعان هما أيضا: الأولى مكانة الرئيس الاسد، والثانية قوة حزب الله، والجهات الاستخبارية في اسرائيل لا تشك في أن الاسد لن يبقى في الحكم في إطار أي تسوية في سوريا.
أما بالنسبة لحزب الله، والذي هو العدو المركزي لجيش الاحتلال، فالحزب – كما يرى الإسرائيليون – على يقين من أنه إذا نشبت أزمة مع اسرائيل فإن الجيش الاسرائيلي سيزرع في لبنان دماراً أوسع مما كان في أي وقت مضى، ناهيك عن نشاط اسرائيل السري في الدول المجاورة، وبحسب الصورة التي تصور في اسرائيل يمر حزب الله الآن بواحدة من أقسى الفترات في تاريخه، وبرغم انجازه الحالي بإدخاله 8 وزراء الى الحكومة الجديدة في لبنان؛ أخذت مكانته في لبنان والعالم العربي تضعف، والذي يتابع موقع الشيخ القرضاوي في الشبكة، وهو أعظم الفقهاء المسلمين تأثيراً في العالم، يستطيع أن يشاهد هناك مطر الشتائم التي يمطر حزب الله بها، لم يضعف حزب الله في الرأي العام فقط، بل ضعف أيضاً لأن الايرانيين أصبحوا يحولون إليه قدراً أقل من المال ومن الوسائل القتالية، وإذا لم يكن ذلك كافياً فإن الأوروبيين انضموا الى الأمريكيين وأعلنوا أنه منظمة إرهابية وهو شيء لا يزيده قوة.
إن حزب الله متورط اليوم في جبهتين؛ فهو متأهب في جنوب لبنان لإمكانية مواجهة عسكرية مع اسرائيل ويدير معركة في جنوب بيروت وفي البقاع اللبناني أيضاً، وفي مقابل ذلك أرسل الى سوريا الى الآن بين 3 آلاف الى 5 آلاف مقاتل هم 20% من عدد لابسي البزات العسكرية في المنظمة، وفي كل ليلة يدفن حزب الله موتاه الذين قتلوا في الجبهة السورية، وهو يفعل ذلك في الظلام بعيداً عن عدسات التصوير كي يخفف الانتقاد في الداخل، وقد قتل بضع مئات من رجال حزب الله في السنة ونصف السنة التي شارك فيها في القتال في سوريا، ويتحدث أحد التقديرات عن 400 مقاتل هم 10% من القوة التي أرسلتها المنظمة الى المعركة، ويحارب نصر الله لاستمرار ولاية الأسد الذي هو دعامته الرئيسة، حتى وقد أصبح واضحاً أن الأسد لن يبقى.
التعليق على الموضوع
التعليق من الفيسبوك

2014-03-03