السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
بالمشرمحي../جرير خلف

لفت نظري من خلال متابعتي لخطاب الأمين العام لحزب الله في ذكرى ( حرب تموز) بأنه ومنذ سنوات عدة والسيد حسن نصرالله يظهر من خلف الشاشات العملاقة وفي المناسبات الوطنية والدينية (حسب أجندته)، ويبدو جليا أن السيد يتعمد تحريم رؤيته على غير (أهل بيته) لأسباب ربما بدأت أمنية وأصبحت تكتيكية مع مرور الزمن خاصة بعد ظهور فوائد الاختفاء الجسدي لهذا الرجل من تشويق وبناء هاله مقدسه فوق رأسه حسب مرئيات التيار الحاضن له، حيث ندر بل اختفت الصور التي  تظهره بين الحشود أو في  لقاء مباشر أو اجتماع، وأصبح ظهوره يقتصر على شاشات عملاقة توضع في أماكن عامة ويتم جلب مجموعة من راكبي موجة ( المقاومة والممانعة للتصفيق طويلا (لمشرمحياته)..

 

وفي النظرة القريبة نجد أن التعمد والمبالغة في الحرص الأمني على حسن نصرالله واضحا  ولأسباب كثيرة (ليس الخوف من  اغتياله على أيدي العدو الصهيوني إحداها)..؛ فالخوف يكون على البنية الأساسية الفعالة للمقاومة وأذرعتها الضاربة في العادة، ومصادرة الخوف كله باتجاه الرأس يمثل سحبا  للأهمية من الجسد وتركيزها على مشروع إنشاء (رمز فوق العادة)  مقصود منه الاستمرارية ومطلوب له التقديس.. بما يعني توجيها  مقصودا للمسألة برمتها بعدما تم نقل الحركة من جسد الحزب الى  لسان الأمين العام بما يؤكد وجوده كحصان طروادة لمشاريع أخرى غير(المقاومة).

 

ولكن الظروف المتسارعة على الوطن العربي فضحت المشروع الخاص بحزب الله وزعيمه وكفلائه في المنطقة ولم يستطيع هذا  (الزعيم) المحافظة على شعبيته التي تنامت لفترة وجيزة وما لبثت أن ( نفّست) بعدما  فشل في إثبات نقاءه والتزامه بالقضايا الوطنية العربية، وكذلك أمام وضوح  التزاماته الطائفية للمشروع الفارسي والمعلنة بوضوح حيث  لم يستطيع من  النأي بنفسه على الأقل عن الثورة السورية بل انحاز كليا وعمل مع النظام السوري بكافة مقدراته التي فشلت في أن تضيف شيئا لرصيد النظام السوري على الأرض.

 

وجاء خطاب حسن نصرالله في محاولة يائسة لإلصاق صفة المقاومة والممانعة على النظام السوري برموزه الذي الذين قضوا وسماهم الأعمدة وقد أطال في التبجيل للجيش السوري المعروف مع استخدام المؤثرات الجسدية من خلال تحريك معالم وجهه في محاولة لفرض شخصية الوصي والرمز المقدس الذي ( لا ينطق عن الهوى).

 

هنا علينا أن نحذر من هذا (الزعيم) الذي حاول إفهامنا بأنه خرج عن النص حين قال انه سيتحدث (بالمشرمحي) في حين كان (يتشرمح) من الخطاب المكتوب أمامه ويلتقط رؤوس الجمل منه، فالأمين العام لم يأتي على ذكر المخطوفين اللبنانيين الشيعة في سوريا، ولم يأتي على ذكر الحالة السياسية والاقتصادية الممزقة في لبنان بفعل مصادرة حزب الله للاستقرار الوطني في لبنان.. ولم يأتي على تهديد الكيان الصهيوني مباشرة لأهل فلسطين ولم يهاجم الاستيطان الصهيوني مثلا ووعد بإيقافه.. بل تلخص خطابه بربط النظام السوري ( بنصر) حرب تموز وإعطائه حصة كبيرة منه، وكذلك ظهر جليا محاولة لانتزاع جزءا من  الصفة الجهادية المفترضة على حركة حماس كاستحقاق ( أسدي)..

ولا ندري كيف يراهن حسن نصرالله على (قدسية) لا نراها فيه  لكي يمسح أدمغتنا ويجعلنا نشكك فيما عايشناه من تاريخ إجرامي وانهزامي للنظام  السوري ومرفقاته خلال اثنان وأربعون عاما لم يطلق فيها رصاصة واحدة على الكيان الصهيوني رغم حدوث أكثر من مائتي اجتياح صهيوني منها ثلاث معارك كبيرة في مناطق نفوذ هذا النظام.

واستغرب من هذا المعمم كيف يقول انه هنا (يجب أن ننطق بالحق) حين يأتي على ذكر بطولات النظام السوري ويبجلها..!؟، فهذا النظام  وملحقاته ( أمل وحزب الله .. ) كان لهم الفضل الأوسخ في قتل عشرات الألوف من أبناء بلاد الشام في مجازر متتالية ( تل الزعتر 1976 وصيدا 1977 وسجن تدمر 1981ونهر البارد والبداوي 1983 وحماة 1982 وجسر الشغور 1981 و حرب المخيمات 1985 ولغاية 1988 وسجن صيدنايا ومذابح الثورة السورية.. الخ).

بالمشرمحي .. أصبح لزاما علينا أن نطلق العنان لأحذيتنا  باتجاه الشاشات الكبيرة التي تخبئ  خلفها فتّاوة الوطنيات وبائعي مساحيق التجميل الفاقعة الغباء لطغاة العصر ونعلن انه لم يعد هناك مكان للأصنام المقدسة.

2013-08-07