الإثنين 17/10/1444 هـ الموافق 08/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عندما تستغل قضية الأسرى لاستعراض العضلات / بقلم رمزي النجار

لا يختلف اثنان من أبناء الشعب الفلسطيني بأن قضية الأسرى هي محل اجماع وطني ومحور العمل الأساسي لكل الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية كون قضية حريتهم تشكل عموداً أساسياً في المسيرة التحررية لشعبنا، والجميع يجتهد على استنهاض الشارع الفلسطيني لتفعيل أشكال التضامن مع قضية الأسرى في ظل انشغال المواطن بالقضايا اليومية في كل تفاصيل حياته التي باتت جل اهتماماته وخاصة مع استمرار الحصار والاغلاق وانعدام الافق السياسي والوحدة الوطنية، ويعد الاعتصام الأسبوعي في الصليب الأحمر لأهالي الأسرى أهم أحد أشكال التضامن مع الأسرى الذي من خلاله تتفاعل الجهود الشعبية للوقوف بجانب الأسرى، وهناك حقيقة مثيرة ومؤلمة في آن واحد ظهرت خلال الاعتصام الأسبوعي بأنه أضحى هذا المكان لاستعراض بعض الفصائل والشخصيات العامة عضلاتها وإبراز نشاطاتها، وأصبح يستثمر بالكامل بشكل يصب في اطار المصالح الشخصية بعيدا عن بوتقة النضال والتضامن إلى جانب الأسرى بشكل حقيقي كما تعودنا عليه في الماضي، وما أكثر الناشطين اليوم في مجال الأسرى ومعهم تكثر التجاذبات والتناقضات على حساب الناشطين الأصليين الذين لهم باع وطني طويل ومشهود لهم فكريا ونضاليا ووطنيا، كما أن الخلافات الفصائلية وحالة الانقسام السائدة ساهمت بشكل كبير في تقزيم طاقة الفعل الشعبي التضامني مع الأسرى واخراجها عن المسار الهادف، وبالتالي خسرنا محفز آخر للنضال التكاملي حول قضية الأسرى، ورغم اهمية وجود لجنة الأسرى للقوى الوطنية والاسلامية للإشراف وتوجيه الفعاليات التضامنية مع الأسرى إلا أنها عاجزة على الابداع  وبناء استراتيجية موحدة لإتاحة المجال لهامش نضالي وتأثير أوسع شعبيا ومحليا ودوليا لتغيير قواعد الصراع مع الاحتلال، ولعل قلة الامكانيات المادية تقف حائلا أمام لجنة الأسرى ليبقي الروتين المعتاد في الفعاليات بنفس الطريقة والاسلوب، واختزلت اللجنة عملها على ساحة نضالية واحدة دون توسيعها بالتزامن على عدة ساحات داخل الوطن شعبياً ومحليا ودوليا وحقوقيا وإعلاميا، فمن شأنه أن يوفّر إمكانيات وآفاق نجاح أكبر، كما من شأنه أن يضاعف الأثر في الافراج عنهم، فقضية الأسرى بحاجة إلى مشاركة قوية وحضور دائم، وفعل متواصل في ظل ضعف الحضور والمشاركة العامة في الفعاليات التضامنية مع الأسرى، وعلى القوى والفصائل والجمعيات والمؤسسات أن تبادر بتقديم نماذج ايجابية ترتقي الى مستوى المسئولية الوطنية بحجم تضحيات الأسرى ومعاناتهم، ويجب الاستفادة من جهود كل الشخصيات والمؤسسات في إطار استراتيجية موحدة توزع خلالها الأدوار بشكل متزن نحو تحريك فعل التضامن واستدامته، واستثمار انضمام فلسطين للمنظمات الدولية والعمل على بذل الجهود التكاملية لمحاسبة إسرائيل عن انتهاكها لأحكام القانون الدولي فيما يخص القواعد المقررة لحماية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، فالمحك الحقيقي يكمن في تكوين جبهة نضال متكاملة لضمان تقوية فاعلية ومقومات نضال الأسرى وليس اللهث وراء تأسيس اجسام جديدة داعمة ومناصرة للأسرى لأنها سوف تساهم في المزيد من استعراض العضلات وبعثرة الجهود دون التقدم للأمام، وكل ما هو مطلوب لملمة الجهود وتوحيدها ضمن برنامج متكامل يصب في خدمة قضية الأسرى واعلاء صوت التضامن معهم بأفكار ابداعية جديدة.
 
[email protected]

2015-02-10