الأحد 1/11/1444 هـ الموافق 21/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أزمة إخوان الأردن في ذروتها بعد الترخيص الجديد

تقف جماعة الإخوان المسلمين بالأردن أمام أزمة تهدد بانقسامها بعد موافقة الحكومة على طلب مراقبها العام السابق عبد المجيد ذنيبات إعادة ترخيصها، بينما أدان مجلس شورى الجماعة "أي خطوات بعيدا عن المؤسسات الشرعية المنتخبة".

 

بلغت الأزمة التي تعصف بجماعة الإخوان المسلمين في الأردن ذروتها عقب إعلان المراقب السابق للجماعة عبد المجيد ذنيبات موافقة الحكومة على طلب إعادة ترخيص التنظيم الأكبر في البلاد وترتيب أوضاعه.
ولم تمض ساعات على الإعلان حتى سارع مجلس شورى الجماعة إلى عقد اجتماع طارئ، لبحث آخر التطورات والسيناريوهات المحتملة.
وأدان المجلس في بيان صدر في وقت متأخر من يوم أمس الاثنين "السعي لإعادة تصويب أوضاع الجماعة بعيدا عن مؤسساتها القيادية الشرعية المنتخبة". واستهجن المجلس قبول الحكومة الطلب، مقررا بقاءه في حالة انعقاد دائم لمتابعة أي مستجدات.
وتأتي هذه التطورات وسط صمت مطبق من قبل الحكومة التي حرصت على عدم التعليق، باستثناء تصريح مقتضب ومبهم لوزارة التنمية الاجتماعية، قالت فيه إن "مجلس إدارة سجل الجمعيات في الوزارة وافق على تسجيل جمعية جماعة الإخوان المسلمين بموجب أحكام قانون الجمعيات النافذ"، ولم تأتِ الوزارة على مصير الجماعة الحالية أو قيادتها.
ورفض الناطق باسم الحكومة الوزير محمد المومني الرد على أسئلة الجزيرة نت بهذا الشأن، واكتفى بالقول إن "الحكومة ترفض التعليق على موضوع الإخوان".
وأبلغت مصادر مقربة من مطبخ القرار الأردني الجزيرة نت أن امتناع الحكومة عن التعليق يشير إلى أن "ملف الجماعة وموضوع ترخيصها تحديدا هو بالأساس من اختصاص جهاز المخابرات العامة (واسع النفوذ) لا من اختصاص الدوائر السياسية".
وقالت المصادر إن "صمت الحكم يعني أنه يفضل إلقاء الكرة في ملعب الجماعة، ومراقبة المشهد من بعيد مع تغذية خلافات التنظيم الداخلية".
واستبعدت المصادر أن تلجأ الدولة إلى إعلان موقف واضح على المدى القريب، لكنها توقعت اللجوء إلى استخدام جماعة ذنيبات كسيف مسلط ضد الجماعة على المديين المتوسط والبعيد.

تنازع الشرعية
ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة ربما تضع الجميع أمام جماعتين، واحدة تستند إلى "شرعية قانونية"، وأخرى تعتمد على شرعية الكيان المتماسك والقوة على الأرض.
وستواجه الجماعة الأولى -حسب المراقبين- تحديات جمة، أهمها تحدي المصداقية أمام القواعد المتشككة بعلاقتها المريبة مع السلطة وافتقارها بالأساس إلى الأتباع والمريدين والقرار المؤثر.
أما الجماعة الثانية فهي الكيان الأقوى الذي يمتلك الشرعية التاريخية، عوضا عن المال والقرار وآلاف الأتباع.
غير أن ثمة من يتوقع أن تسفر الربع ساعة الأخيرة عن مبادرة ما لنزع فتيل الأزمة تحت لافتة "حكماء الجماعة" أو "القادة التاريخيين" من أمثال رئيس مجلس النواب السابق عبد اللطيف عربيات والوزير السابق إسحق الفرحان.
ويحتاج إتمام هذه المبادرة إلى ضوء أخضر من مجلس الشورى وقيادة المكتب التنفيذي، لإعادة ترتيب البيت الداخلي للجماعة والوصول إلى تفاهمات مع السلطة، ويبدو مثل هذا الخيار متعذرا في ظل تشبث كل طرف بمواقفه.

البنية القيادية
غير أن الأمين السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور الذي يعتبر من أبرز القياديين التاريخيين قال في تصريحات لافتة للجزيرة نت إن "الإخوان اليوم باتوا قريبين من مطلب إعادة النظر بالبنية القيادية، لتكون أكثر تمثيلا للجماعة".
وانتقد منصور في تصريحاته إعادة ترخيص الجماعة، وقال أيضا "حتى الآن لم يصدر عن الحكومة شيء رسمي يمكن أن يعتد به، ولكن إن صحت المعلومات المتعلقة بطلب الترخيص فهي معلومات صادمة ليس للجماعة فقط، وإنما للرأي العام الأردني".
وأضاف منصور "نأمل ألا تتسرع الحكومة باتخاذ قرار يؤذي الجماعة ويؤذي الوطن"، ووجه نقدا واضحا للمتقدمين بطلب إعادة الترخيص.
واستطرد قائلا "أقول لإخواننا -الذين اجتهدوا وتصرفوا وذهبوا إلى رئاسة الوزراء أو غير رئاسة الوزراء- الإصلاح مطلوب، لكن الذي يطالب به يجب ألا يتعجل وألا يطلبه من خارج الهيئات والمؤسسات المنتخبة".

قيادة مؤقتة
وكان ذنيبات قد صرح أمس الاثنين بأن "المصادقة الحكومية على طلب التصويب وإعادة التسجيل صدرت مساء الأحد، وأن العمل يجري على استكمال إجراءات التسجيل لدى وزارة التنمية".
وقال ذنيبات في تصريحات لاحقة للجزيرة نت إن "قيادة الإخوان الحالية أصبحت غير شرعية وغير قانونية".
وأضاف أنه "سيتم تشكيل قيادة مؤقتة للجماعة من القيادات التي تقدمت بطلب تصويب وضعها إلى مجلس الوزراء".
وكانت مجموعة ما تعرف بـ"اللجنة التحضيرية لمؤتمر إصلاح جماعة الإخوان" التي يرأسها ذنيبات نفسه قد أصدرت بيانا أمس الاثنين رسمت فيه ما قالت إنها ملامح المرحلة المقبلة لما بعد استكمال إجراءات تسجيل الجماعة.
وأكدت المجموعة استعدادها لتشكيل هيئة قيادية "مؤقتة"، داعية إلى تجديد البيعة، وتحديث سجلات العضوية للأعضاء.
غير أن الهيئات الشبابية المنتخبة داخل الجماعة أعلنت رفضها ما وصفتها بـ"محاولة الانقلاب على مؤسسات الإخوان من خارج أطرها التنظيمية"، وأكدت التفافها حول القيادة الحالية.
وكان مجلس شورى الجماعة قد قرر في وقت سابق فصل عدد من القياديين لإدانتهم بالتواصل مع الحكومة من أجل إصدار ترخيص الجماعة وتصويب وضعها قانونيا، وكان ذنيبات -الذي قاد الجماعة مدة 12 عاما متتالية- أبرز الذين تقرر فصلهم.

2015-03-03