الثلاثاء 10/11/1444 هـ الموافق 30/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
وما زال الأسير الفلسطيني على عتبات الانتظار // الأسير فادي بريكي

 

خليط من الأجيال والأعمار على مدى فترات متعاقبة مرت من هنا ، من كهوف الظلام وبرودة الليل والجدران ، من حر أيام صيف تشعل مشاعر الشوق والحنين إلى الأهل ومسقط الرأس ، من بين ذرات رمل ساعة رملية قديمة سئمت لحظات الانتظار الطويل ، من الخندق الأمامي لمعركة الاستقلال والنضال الوطني الفلسطيني الذي تشتعل بين جدرانه حرب التحرير ، من بين جلبات أقدس كتاب ثورة وقصة كفاح وديوان صبر وترانيم سيمفونيات ورواية نصر المنتظر يحمل تضحيات اطهر وآخر شعب محتل ، من بين الحديد أطلت برأسها الذي لا ينحني إلا لله ، صنعت من الأيام أجندات لبناء مستقبل واعد مليء بالتفاؤل والأمل بشروق شمس الغد ، ولتكتب بخيوطها سعادة شعب ينتظر الفرح منذ سنين ...

في كل يوم يستيقظ الأسير الفلسطيني هذا وان نعم بالنوم القليل ، على صوت أقفال الأبواب ، تفتح بعد أن أغلقت بالأمس مصحوبة بأصوات طاقم إدارة السجن ( عدد الإحصاء ) عدد الأسرى خوفا من هرب احدهم ، وهذا يتكرر ثلاث مرات في اليوم ، الخامسة صباحا والحادية عشر ظهرا والسابعة مساء.

يبدأ الأسير صباحه الذي تغيب عنه شمس الحرية بتناول وجبة الإفطار الروتينية من حيث الوقت والأصناف كما ينتهي النهار الحافل بالعذابات بشبيهتها العشاء ، بعد صراع مع الوقت يطرح الأسير أرضا مرات ومرات ، في محاولة للتغلب عليه ودفعه إلى الأمام ، أملا في انتهائه سريعا داخل أقبية السجون .

ومن الجدير بالذكر أن مسيرة آلام الأسير اليومية طويلة ومليئة بالعقبات وجميع أصناف المعاناة والعذابات، وتحتاج إلى مقام خاص لذكرها وتسليط الضوء عليها لكن ما نحن بصدده في هذا المقام توجيه لفته بسيطة وإرشاد ونصيحة قد تكون غائبة في تعامل البعض مع قضية الأسرى وأثناء تداولها.

فلقد سنت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية منذ سنوات قانونا يطلق عليه اسم (الشليش) ثلث المدة وهو يقضي باستدعاء المحكمة للأسير بعد قضائه ثلثي مدة محكوميته وذلك لإسقاط وخصم الثلث الأخير المتبقي له، والسؤال هو لماذا لم تطرح القيادة الفلسطينية تطبيق هذا القانون خلال طرح ملف الأسرى على طاولة المفاوضات حتى الآن.

إن عدد الأسرى الذين يمكنهم الاستفادة من هذا القانون وبالتالي إطلاق سراحهم في هذا الإطار يتجاوز الألف أسير وهذا الرقم قابل للارتفاع , وقد تم الاتفاق مسبقا في اتفاقية أوسلو على مثل هذا التفاهم , ولا ضير في المطالبة بتطبيقه من جديد.

إن التفاوت في أعمار الأسرى والتنوع في حالاتهم الاجتماعية وسوء أوضاعهم الصحية يقتضي أخذها في عين الاعتبار عند فتح هذا الملف وتجهيز قوائم للجهات الإسرائيلية لإطلاق سراحهم ,فقد يتساوى طرف الأعزب والمتزوج, المسن والشاب, فكل حالة في سجون الاحتلال هي استثناء بحد ذاتها..

فلن يبقى الأسير يبحث عن سنواته التائهة في غياهب السجون فلقد آن الأوان أن يجد نفسه بين عائلته وقريته ومخيمه ومدينته ووطنه ولن ينتهي الحلم عند حريته بل عندما يرى هذه السجون خاوية على جدرانها وحديدها وناصعة البياض بمغادرة آخر أسير فلسطيني فمثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

فيا أبناء جلدتنا لا تنسوا أسماء دفعت زهرة شبابها فداء للوطن وضحت بأغلى ما تملك لتكون الوقود والحطب في مسيرة الاستقلال والتحرر من الاحتلال فكل لحظة تمر من عمر الأسير ألم يعتصر داخل قلبه وفي خاصرته

2012-08-07