الأربعاء 8/10/1445 هـ الموافق 17/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حدود التنسيق الإسرائيلي السعودي بعد "عاصفة الحزم" وقبل صفقة النووي الإيراني

 ترجمة خاصة:

في العربية السعودية يتزايد القلق من إيران، ومعه تنمو الشكوك بقدرة أو جاهزية حكومة أوباما لكبح مساعي إيران للهيمنة، في المقابل يتعزز ميل السعودية للمواجهة المباشرة مع إيران – مع أو بدون تصريح أمريكي – حتى وإن اضطرت الى استخدام القوة العسكرية في هذه المواجهة.

التعبير الأوضح عن هذا الموقف هو المعركة الجوية التي تقودها السعودية في اليمن، والتي سميت "عاصفة الحزم" وبدأت في نهاية مارس بهدف وقف تقدم الثوار الحوثيين الذين يتمتعون بالتشجيع الإيراني، الولايات المتحدة الحليف الأكثر تقربًا للعربية السعودية لم تعرف مسبقًا عن هذه العملية كما اضطر رئيس القيادة المركزية ان يعترف أمام مؤتمر الخدمات المسلحة التابع لمجلس الشيوخ، في الواقع ان الأمريكيين سمعوا عن العملية قبل بدئها بثلاث ساعات فقط بعد ان دعي الملحق العسكري إلى مؤتمر إحاطة.

إصرار سعودي مستقل كهذا تجاه لاعبين إقليميين، يشتبه بأنهم يتمتعون بالدعم الإيراني أو في مواجهة لاعبين يسهمون بفاعلية لفرض السيطرة الإيرانية في الشرق الأوسط؛ ليست فريدة من نوعها إطلاقًا، على سبيل المثال القوات السعودية (وقوات الامارات المتحدة) أرسلت الى البحرين في مارس 2011 في ذروة انتفاضة الأغلبية الشيعية ضد النظام الملكي السني، غير ان هذه القوات لم تدخل في معركة مباشرة ولم تتحمل جزءًا أساسيًا في القمع الجسدي للثوار، لذلك فإن التدخل في اليمن يعتبر تطورًا في الفاعليات السعودية، والتي رغم انها ليست جديدة فإنها لا شك دراماتيكية.

بعض المحللين يرجعون هذا التغيير الى موت الملك عبد الله في يناير وقرار وريثه الملك سلمان بدفع المواضيع المجمدة ذات الطابع الأمني، ومن بينها أيضًا تم تعيين أبناء الجيل القادم من الأمراء "أحفاد الملك سعود"، والذين حظي اثنان منهم بتعيينه وليًا للعهد ونائبًا لولي العهد، ولكن وقبل ان يكون من الممكن إنكار سياسة الوراثة كعامل في قرارات واضعي السياسة؛ فإن التفسير الأكثر منطقية لمضاعفة التدخل السعودي هو اقتناعها العميق والراسخ حول طبيعة المحادثات الدائرة مع إيران حول الموضوع النووي، وأن الولايات المتحدة مصرة على التوصل الى اتفاق واسع النطاق مع إيران (والذي على ما يبدو سيشمل تطرقًا لقضايا إقليمية أخرى).

خيبة أمل الدول الخليجية والعربية السعودية في الموضوع الأمني، وإصرار الولايات المتحدة على العمل بالشكل الذي يخدم مصالحها فقط؛ أوصلت هؤلاء الى الحد الذي باتت عنده تلمح بنيتها منح الدعم الحقيقي للقوى الإسلامية التي تواجه بشار الأسد (وإيران) في سوريا، القوى الإسلامية التي أقسمت الولايات المتحدة بأنها "ستضربها وتهزمها"، التخوف الأمريكي تجاه ابتعاد العربية السعودية ودول الخليج جعل الرئيس أوباما يعقد مؤتمر قمة مع قادة دول الخليج في الـ 13 من مايو هدفه إفشال المعارضة العربية للاتفاق النووي المتبلور مع إيران، وهو التطور الذي يزيد من الانتقادات التي يتلقاها أوباما فقط في الداخل الأمريكي.

ومثل العربية السعودية ودول الخليج؛ إسرائيل أيضًا ترى في إيران العدو الأخطر لها، كما وأن لديها شكوك كبيرة بما يخص السؤال فيما إذا كانت الولايات المتحدة تحت حكم أوباما ما زالت تعتبر سندًا وثيقًا، وبتسلحهم بمثل هذه الرؤية فإن أطرافًا معينة في إسرائيل يميلون للاعتقاد ان تنسيقًا استراتيجيًا وتقوية العلاقات مع العربية السعودية ومع دول أخرى مقربة منها أصبح هدفًا سياسيًا مهمًا، وإلى ذلك ففي الظروف القائمة فإن أملًا كهذا يتجاهل حقيقة انه ورغم ان أغلبية الدول العربية السنية تخشى من إيران ولا يستسيغونها إلا انهم لا يستسيغون إسرائيل أيضًا، حتى وإن كانوا يخشونها أقل؛ ذلك بسبب التضامن العربي مع الفلسطينيين، لذا حتى العلاقات الدبلوماسية الاعتيادية التي ما زالت غالبية الدول العربية تقيمها مع إيران فهي أمر لن تفعله عندما يكون الحديث عن إسرائيل، فما زال الإسرائيليون الذين يعتبرون أنفسهم واقعيين، وسيما دوائر اليمين السياسي يفضلون التخفي (بشكل مفهوم حسب رأيهم) من الفيل الفلسطيني الجاثم في غرفة العلاقات الاسرائيلية العربية لكونهم في الحقيقة آخر من يستعد لدراسة التغيير الجوهري في موقف إسرائيل الحالي من القضية الفلسطينية.

حقًا ربما ان تقديرات التهديد المتشابهة تساعد فعلًا في خلق اتصالات سرية من نوع ما بين المستويات الأمنية الإسرائيلية وبين بعض الدول العربية القلقة من الظل الإيراني الثقيل، وأن نخلق إمكانية توسيع العلاقات بينها وبين إسرائيل، ولكن المبدأ الذي تضيفه إسرائيل بشأن العلاقات القوية و/ أو الأكثر علانية مع دول الخليج غير مقبول على هؤلاء، وهناك أساس منطقي للاعتقاد ان الامتيازات الكامنة فيها يتكون أصغر من ان تبرر محاسبة الذات والتوترات السياسية الداخلية التي قد يوقظها النهج الإقليمي على الساحة الإسرائيلية الداخلية.

وزيادة على ذلك؛ مهما كانت احتمالية النهج الاقليمي فإن مزاياها لا يمكن ان تتحقق دون التقدم الواضح في المسألة الفلسطينية، أو وإن لم يكن هذا ممكنًا (والأمر ليس متعلقًا بإسرائيل وحدها) ومن دون رؤية مقنعة بأن العائق الأساسي ليس في الجانب الإسرائيلي، على سبيل المثال الاعلان المتكرر عن التزام اسرائيل بحل الدولتين، تبني مبدأ المبادرة العربية والحد من البناء في المستوطنات؛ غير ان تقديم رؤى من هذا القبيل ستكون بحاجة الى تغيير السياسات، والتي تظهر الحكومة الاسرائيلية نوايا لا تكاد تذكر في تبنيها، أولئك الذين يفتخرون بموقفهم الواقعي من حقهم فعلًا ان يزعموا ان "الثمن الفلسطيني" لا يساوي "الفائدة الإقليمية"، لكن ينبغي ألا نستغرق في الأوهام التي تقول ان تدخل إسرائيل في الرد الإقليمي على التهديدات التي تطرق أبواب إسرائيل أيضًا – وهي التحدي الإيراني والاسلام المتطرف والضعف الأمريكي وأي تهديد إقليمي آخر – يمكن ان يكون بديلًا عن التقدم في القضية الفلسطينية وليس ناتجًا عنها.

مركز دراسات الأمن القومي الاسرائيلي

ترجمة اطلس للدراسات

2015-05-12