الثلاثاء 11/4/1446 هـ الموافق 15/10/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هذيان عاشقة 'المستحيل مع الأحبة جائز'!! ... بقلم: محمود كعوش

 في تلك اللحظات دارت بيَ الدنيا كاملَ الدوراتِ،

وتَمايَلْتُ زهواً فتعثرت خطواتي،

ومَعَ الربيعِ تَنَهَدَتْ خطراتي،

وهام خاطري ثملاً بكاتم العبراتِ،

 

وتَلَوْتُ خلالها أيةَ حبنا مَعْ حِمَمٍ منَ الآهاتِ،

واخْتَلْتُ في غَنَجٍ كأن خيالي حُلُمٌ تهادى سارحَ الصبواتِ،

وتواترت في ذهني صورُ الجمالِ بأعذبِ القسماتِ،

 

وقابَلْتَني بأصدقِ وأزهىِ البسماتِ،

وغمَرْتَني بأرقِ وأرقى النظراتِ، 

وأغرقتني بألطفِ وأعطرِ العبراتِ،

ودَسَسْتَ في أُذُني أدفأ وألطفَ الهمساتِ!!

 

كل ذلك حدث دفعة واحدة بعد طول ظمأ وفيضِ لظىً،

ومرارة وجدٍ وشوقٍ عاصفٍ،

فتحركَ بداخلي كل شيئ إسمه أُنثى

وبدأ يدب في الأوصالِ دبيبَ كائن يمشي على أربعٍ

وأكثر كثيراً!!  

 

وقتها تخيلتَني تلك الحسناء تتمخطر وتتبختر بثوبها البنفسجي الشفاف،

تراقبك بارتباكٍ وحيرةٍ وبوجنتين كباقي الغروبِ يذوبُ في أفقِ السماءِ،

وأنت تحدق فيها بذهول وفي نفسك أشياءٌ كثيرةٌ تثير ما لا يقال !!

  نظراتك كانت تلهب كل مشاعري وتُحيي ما مات منها وتوقظ ما غفى ودخل في غيبوبة أو غط في سباتٍ عميق منذ أمدٍ طويل.

 

كان كل شيء يعاندني ويدس في أنفي رغبة لم أشعر بها من قبل،

رغبة كانت تثور حيناً وتهدأ أحياناً لتختفي بين ما كنتُ أتخيله وما كان حاضراً. 

أنفاسك كانت تلاحقني في كل الاتجاهات وفي كل المرئيات والمخفيات،

وكلماتك كانت تلامس بعضاً من بعضي فتبهرني وتثيرني كلي على كلي،

وتثير جنوني وتحضنني برقة ولطف وحنان وتغمرني بنشوة أعجز عن وصفها الآن.

 

 كنت ألمس كل شيء وقعت عليه يدي وكل شيء وقع عليه نظري ولم يقع،

وكنت أعانق وألثم وأتقاسم معك كل كبيرة وصغيرة بتناسق تام وإيقاعٍ رائع غير مدروسين وغير مُخطط لهما.

 

كان كل شيء فيك ومنك يعانق نبضات قلبي ويعزف على شغافه معزوفة "العشق الممنوعِ"، الذي اجتاحني على غير موعد متوقع،

والذي ما كان لحظة في الحسبان،

ذلك العشق الذي كان على الدوام غاية مستحيلة فبات معك واقعاً ممكناً وسهل المنال.

 

 قُلْ لي يا أنت كيف اقتحمتني هكذا فجأة وعلى حين غرة...كيف؟!

وكيف اخترقت سكينتي وسكوني بلا إيذان أو استئذان...كيف؟!

وكيف أبحرت في يمي برغم المد والجزر وكل هذا الموج العاصف...كيف؟!

بربك قل لي كيف غُصْتَ هكذا في أعماق أعماقي...كيف!!

 

يا أنت كيف استطعت الوصول إلي...كيف وكيف وكيف؟!

 ومن هداك إلى سبيلي لكي تقطع علي خلوتي التي طالت وطالت وطالت؟!

 

 كم كان جميلاً ما شعرت به وأنت تهمس في إذني بتلك الكلمات الشاعرية الدافئة صعبة المنال،

 وكم كانت جميلة تلك الغيرة التي انتابتني ولم ألبث طويلاً قبل أن أصُرَها في صدري لتفعل فعلها،

فهي مذ اخترقت أضلعي بقيت كالنار تحت الرمادِ ولازمتني كالظل المستكين،

ولم تفارقني لحظة واحدة.

لا لا لا بل لازمتني كنبض الفؤاد والرقصِ على عزفِ أوتارهِ ونقر الدفوف على شغافه

لازمتني هكذا وأكثر كثيراً كثيرا!!

 

 أحسست كأني أغوص بداخل صدرك أبحث عن شيئ ما أو عن لا شيئ،

وأغرق في شيئ ما أو لا شيئ.

أحسست كأني أبحث وأبحث وأبحث، وأحسست وكأني أغرق وأغرق وأغرق.

أحسست وأحسست وأحسست، لكن ما أذكره ولا أنساه أني كنت أسترق النظر إليك،

ولم أرَّ شيئاً إلا ما أحسست به و خالج صدري في تلك اللحظات الحالمة.

أحسست وأحسست وأحسست، لكن ما أذكره ولا أنساه أني كنت وإياك وحدنا هناك،

وأننا عشنا لحظات غير كل اللحظات،

لحظات ليست كاللحظات،

يا لها من لحظات، يا لها من لحظات!!

أتراها تعود وتتكرر مثنىَ وثلاثاً ورباعاً؟

ربما نعم وربما لا،

وعلى الأرجح لا، لأن ما هو جميل وخاص وممتع المذاق نادراً ما يتكرر،

بل من المستحيل أن يتكرر،

من المستحيل لأنه المستحيل بعينه،

نعم هو المستحيل،

لكنه المستحيل الذي يُصبح مع الأحبة جائزا كما اعتاد على ترديد هذا صديق لي:

ألمستحيل مع الأحبة جائزٌ ... لا تجزموا أني أقولُ المستحيلْ

والشهدُ يَحْلو طعمُهُ في قِلَةٍ .. والوجدُ مهما زادَ يكفيهِ القليلْ

 

انتهت......

 

محمود كعوش – كوبنهاجن

[email protected]

2015-08-04