الأربعاء 7/3/1446 هـ الموافق 11/09/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الناس .. في عبث ستان !! / محمد عزت الشريف

 ليت مَن يخططون، و يضعون سياسات العالم هم أصحاب الفكر والخيال، والحس والإبداع .. فالساسة والملوك لايرسمون أو يخططون .. بل .. يسيرون ـ عادة ـ في طوابير .. على خرائط للطريق .. !! إلى هنا ويوصيني الأديب في داخلي أن يتوقف القلم عن نقش الكلام ولكن ... على غير نصوص الأدب؛ يحتاج المقال لفضل بيان .. أستل قلماً ثالثاً.. من صندوق الشرق الفارس (قلماً كما العبارة ، مستعارة .. من مقال لي قديم .. بعنوان خط البداية) ونبتدي منين الحكاية ؟! شاءت لي الظروف أن أعيش في منطقة (بعث .. ستان) شخصٌ حياديّ .. قلت للناس في كردستان نفس ما قلته بعد ذلك لعمر سليمان: إن كان ومن اللازم أن تـُصنـِّفوني كحزبيّ .. فلا بأس أن أدلـَّكم .. أنِّي أنتمي إلى ..( حزب نفسي ) .. لأني .. لم أنتمِـ (ي) لا للبعث يوماً، ولا للحزب الوطني ..! وعندما التفت وبَحلقَ فيّ ـ وقتها ـ اللواء: عمر سليمان أكدتُ له أن جميع الأحزاب رائعة ومبهرة .. ولو مش مصدقني .. روح اقرأ مباديء أي حزب في العالم وقل لي ما رأيك .. !؟ حتماً كل الأحزاب مبادئها انسانية ومثالية .. ولكن .. !! ... في حديث الأحزاب والتنظيمات وإدارة المؤسسات أنا أرى الآن و دائماً أنَّ أكبر وأقوى الأحزاب (المؤسسات) في الوطن العربي .. هي مؤسسات: حزب البعث ، والنادي الأهلي، والأخوان المسلمين .. ! نعم .. مؤسسات قوية حتماً؛ كالأشجار الأبدية تداعب فروعها نسيم الحاضر .. وتضرب بجذورها قديم الزمن ! قوتها حتماً ذاتية، وليست مستمدة من الغير .. مؤسسات نالت إعجاب الكثيرين، ولهذا .. أبغضها الكثيرون والمبغضون ليسوا كالمحبين .. فالمحبون لا يملكون منح المحبوبين أسباب البقاء لكن المبغضين دائما لديهم دوافع هدم، وتدمير ما يبغضونه ... من أي نوع هذا القلم ..؟ حتماً من نوع الذين لا يملكون .. القلم والكفن .. لا جيوب لهما .. للقلم كما للكفن ـ فقط ـ ذاكرة، وبصرٌ حديد ومما يتذكره بصري : أنَّ هذه المؤسسات الثلاث لم تؤسَّس أو تُوجَّه ضدّ أحدٍ بعينه، أو جماعة بعينها، أو قومٍ بعيونهم كما أنَّ في شعارات تلك المؤسسات؛ بل وفي عناوينهن، و أسمائهن جميعاً .. (حياة وبعث، وأخوة، وأهليَّة، وسلمٌ، وحميمية) لكني ـ وياللمفارقة..!! ـ أعرف أيضاً .. أنَّ كل المؤسسات المحترمة (وغير المحترمة) يتم إنتقادها بالكلمة المكتوبة أو المنطوقة، أو حتى المصروخة والمشخوطة .. إلا هذه المؤسسات .. !! فالعالم ـ جميعاً ـ دولاً، وجيوشاً، وأفراداً؛ عندما ينتقدون هذه المؤسسات بالذات، لا ينتقدونها بالكلمة أو حتى باللعنة والسباب .. بل؛ بالسلاح والقنابل والصواريخ .. !! بالطبع لم ينحدر مقالي لكتابة نص أدبي أو شعري بعد ، ولم تجرفني موجات الأفكار، ودفقات الشعور للحديث بالخيال، والكناية والمجاز؛ بل هي الحقيقة الشاخصة و الصورة المُشاهدة؛ فمنطقة (بعث ستان العراق) لازالت الأدخنة تتصاعد في أجوائها منذ عقود من الزمان، وأتحدى لو يقول لي أحدٌ في العالم عمّا الذي دفع جيوش العالم لدخول تلك البلاد مرة بعد مرة بمختلف وأحدث أسلحة دمار العصر، لتحرق بها كل يابساتٍ و خُضر ..؟! و النادي الأهلي .. حتى النادي الأهلي المصري .. ! أصبح النادي الرياضي الوحيد الأوحد الذي قدّم من أبنائه، والمنتمين إليه والمؤيدين عشرات القتلى ( الشهداء) .. في مباراة واحدة لكرة القدم؛ وليست للمصارعة أو الملاكمة أو للرماية و الصيد !! لا أدري .. لماذا تواجَه هذه المؤسسات بغير ما تـُواجه به غيرها من مؤسسات؛ عند النقد أو توجيه اللوم، أو حتى التعبير لها عن البُغض ؟!! لماذا تحديداً هذه المؤسسات يواجهها مبغضوها بالنفي والإقصاء بديلاً عن النقد والعتب واللوم بقصد الإصلاح؟! والأخوان المسلمون .. وما أدراك ما جماعة الأخوان المسلمون !! تلك التي بالغ النظام المصري البائد في حظرها على مدى عقود؛ حتى كاد الناس ينسون اسمها ويستبدلونه بـ (جماعة المحظورة) ليس النظام البائد فقط .. بل؛الحق أقول لكم : على مدى سني عمري ـ لم أستمع لندوة أوبرنامج تلفزيوني أو إذاعيّ يناقش ـ مرة ، قضية من قضايا الأخوان المسلمين، إلا وناقش قضية شرعية وجودها ذاته .. الجماعة التي نال حزبها السياسي ثقة أغلبية الشعب المصري في أول انتخابات ديمقراطية \"حرة، ونزيهة\" يعمد القضاء ـ عندها ـ لإسقاط مجلس الشعب بكامله و الذي يشكل حزب الجماعة أغلبية أعضائه .. ليس هذا فقط .. بل يتحفز المبغضون هذه الأيام ويعلنون عن ترتيبات جدية لحشد مليونية يوم 24 من الشهر لحرق مقرات الجماعة، وإسقاطها عن آخرها .. ! (صراع وجود .. لا حدود !!) ونعود للبعث الذي حاولت سحقه حشود تحالف جيوش العالم في العراق عقوداً، وعقوداً، بلا أيَّ مبرر شرعيّ أو منطقيّ لتعاود في هذه الأيام نفس الحشود لمحاولة سحق ما تبقى من جسد المؤسسة الشبح ( حزب البعث .. بعث العرب في سوريا) ! وأتحدى مرة أخرى أن يقول لي أحدٌ .. عن سبب واحدٍ مُوحد .. لما يدفع كل هذا العدد من الأشخاص والدول والأمم لمحاولة ضرب سوريا .. !! هل لمحمد مرسي نفس المبرر الذي لهلري كلينتون؟! وهل لحمد بن حمد بن عم حمد نفس مبرر أردوغان ؟! وما هو السبب الواحد الوحيد الخطير هذا الذي وحّد بين تنظيم القاعدة ودولة بني صهيون، وعبد الله جول، والسلفيين، وأمريكا وآل سعود ؟!! سبحان مؤلف القلوب .. وموحِّد الجهود .. !! لقد علمتني حياة الاغتراب الطويلة أن العنصرية هي أبغض البغيض، إنها الرذيلة و الجاهلية المنتنة الوحيدة التي يمكن أن تبرر حشد الحشود وبغض المبغضين .. والحق ترون و نرى .. أنَّ مؤسساتنا الثلاث (موضوع مقالنا هذا) لم تكن، ولم تدعُ يوماً لعنصرية أو قبلية أو حتى قطرية، فحزب البعث كان ودائما وسيبقى حتماً ينادي بأمة واحدة ، والقيام بواجب حمل رسالة واحدة (رسالة انسانية، لا عنصرية فيها ولا قطرية). والنادي الأهلى الذي نال اعجاب العالم يرتبط اسمه باللقب الأهم (نادي القرن الأفريقي) وليس نادي دوري مصر أو حتى كأس العرب .. أمّا جماعة الأخوان المسلمين ، فتنظيم عالمي ، دَعَويّ، ولا يمكن أن يُوجَه يوماً ضد جهة ما أو جنسية ما من العالم ومَن يتشكك في عالمية كل هذه التنظيمات الثلاث، فليذهب بنفسه (أيّا كان جنسه، أوجنسيته) ويطلب العضوية ـ وفي الحال ـ من النادي الأهلى، أو حزب البعث العربي الإشتراكي، أو جماعة الأخوان المسلمين . ... وأمّا رؤيتي هذه وشهادتي تلك .. فيأتي داعيها و تأتي أهميتها من كوني عشت سنواتٍ طويلةً عريضةً؛ على تماسٍ مباشرٍ مع كل هذه المؤسسات الثلاث ولم أكن ـ يوماً ـ عضواً منتمياً رسمياً أو غير رسميّ لأيّ من هذه المؤسسات .. والصدق أقول لكم : أني رغم نظرتي النازعة للنقد والانتقاد إلا أنني لم استطع (على حدِّ ذاكرتي وعلمي) أن آخذ على أيٍّ من هذه المؤسسات الثلاث مأخذاً واحداً بغيضاً يمكن أن يؤلب عليهم قوماً ما من البشر، أو يثير حفيظة قطعة ما من الجغرافيا .. !! ولكن.. مين يقول؟ .. ومين يسمع؟!! ومين يكتب ؟ ومين يقرا ؟! ... ليت مَن يخططون، و يضعون سياسات العالم هم أصحاب الفكر والخيال، والحس والإبداع .. فالساسة والملوك لايرسمون أو يخططون .. بل .. يسيرون ـ عادة ـ في طوابير .. على خرائط للطريق .. !! ***

2012-08-15