السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مذكرات معلم للكاتب تميم منصور عن دار الوسط اليوم وشوقيات للنشر

رام الله-الوسط اليوم:أهدى الكاتب تميم منصور كتابه الجديد"مذكرات معلم " الذي صدر قبل ايام عن دار الوسط اليوم وشوقيات للنشرالى روح صديقه وزميله المربي الكبير زاهر بشارة مؤكدا على ملاحظة قال انه لا بد منها:

"لم أذكر في هذه المذكرات كــلّ الــحــقّ، لكنّني لم أذكرْ فيها إلّا الــحــقّ، والعِبرة التي أضيفها أمامَ كلّ مَن يفكر أن يحملَ أداة للكتابة أقول: الكتابة ترتبط ارتباطا عضويًّا بالحرّيّة، فعندما لا تكون حرّيّة، لا تكون كتابة..!!".  

وقال منصور في مقدمة كتابه الواقع في 144 صفحة من القطع الكبير انه لا يمكن اعتبار المذكرات شاهدًا على العصر، أو شاهدًا على حدث من الأحداث، إلّا إذا كان صاحبها صادقًا وجادًّا في تعرية نفسه من جديد، حتى يصبح كالطفل الذي لا ينطق سوى بالصدق ولا غير الصدق. المُذكرات تعيد الحياة  إلى الأحداث، بعدما كانت ميّتة، وهي أيضًا إعادة لتأبين الزمن الذي أصبح راكدًا، وإعادة لفتح تابوت الألم والحزن والصور والخيالات، والكشف من جديد عن القاب وأسماء طواها الزمن، وتفتح أبواب الفضائح، وتغلق نوافذ المجاملات والخجل، وتثبت رمال التاريخ المتحرك، وقد صدق قول الأديبة المبدعة "غادة السمان": حذاري من الذكريات والمذكرات، لأنها حرف جرٍّ الى التكرار. 

وأضاف منصور  كثيرون من مديري المدارس والمعلمين سبقوني إلى فتح أبواب ذاكرتهم، وجعلوا منها جبالًا من الكلمات، نُشرت فوق الورق بعد خروجهم للتقاعد هنا في الداخل الفلسطيني، وهناك في الأقطار العربية، إلّا أنّ انعتاقهم وتحرّرهم من قيود التعليم وأجهزته، لم تكسبهم الشجاعة وقوّة المواجهة، فكلّ كلمة في مذكّراتهم تشير إلى أنّهم لا زالوا مَهزومين، وكابوس الرّهبة والخوف يطاردهم ويلاحقهم. لذلك جاءت مذكّرات الكثيرين منهم بعيدة عن الموضوعيّة والاستقلاليّة في الرأي، خالية من العبر.

وتساءل منصور في مقدمته: كيف يمكن لموظف تربية في دولة بني سعود، أن يتحدّث بصدق من خلال مذكراته، إذا فكر القيام بذلك؟ هدف التربية والتعليم في دولة مثل السعودية أو المغرب هو تدجين المربين والطلبة، من خلال رفع شعار (وأطيعوا أولي الأمر منكم)، حتى لو كانوا غارقين في الفساد والانحطاط والتخلف.

أمّا جمهور المعلمين العرب في (إسرائيل)، فهم موجودون دائمًا في حالات استثنائية، لأن السلطات الإسرائيلية تضعهم دائمًا في دائرة الشكّ، خاصة أولئك الذين عانوا من ممارسات الحكم العسكريّ، وعانوا ولا زالوا يعانون من تدخل أجهزة الظلام في توجيه جهاز التعليم العربي في البلاد.

وأكد ان المربي العربي والطالب العربي يعيشان في بحر من التناقضات، من الصعب التغلب عليها. المربّي يعمل في جهاز تعليم داخل دولة مسؤولة عن نكبة شعبه، ولا تزال تتنكر لحقوقه.

المعلم العربي في (إسرائيل) لا يختلف عن زميله الجزائري قبل حصولها على الاستقلال. المعلم في الجزائر كان يعلم طلابه بأن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا، هذا هو حال المعلم العربي، فهو ملزم بتدريس طلابه عن التغيير غير الشرعي والقانونيّ في هُويّة وطنه الجغرافيّة والسكانيّة والسياسيّة التي فرضتها النكبة. مُلزَمٌ بتدريسهم واقعًا مُغايرًا للحقيقة، وتعليمهم عن الصهيونيّة، ضِعف ما يتعلّمونه عن الوطنيّة الفلسطينية أو حركة القوميّة العربيّة، وتعليمهم عن الهولوكوست وما يُسمّونه معسكرات الإبادة، في حين أن هذا الطالب لا يعرف شيئًا عن المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونيّة ضد الفلسطينيين، خلال مائة عام من الصراع.

واختتم قائلا:"مذكّرات معلم" أضعها أمام القارئ، وهي صور حقيقيّة، تعكس وجه جهاز التعليم العربي في الفترة التي مارستُ بها هذه المهنة المقدّسة، فمن خلال هذا الجهاز، عَرّيْتُ أتباعِ المتعاونين والمنتفعين والمتناقضين والمكلفين بالتغطية على سياسة التمييز القوميّ، الذي تمارسه وزارة التعليم ضدّ المؤسّسات التعليمية في الوسط العربيّ، لأن هذه الوزارة لا تأخذ بالحسبان كافة الأبعاد القوميّة، التي تعني المعلم والطالب العربيّ

فيما حمل الغلاف الاخير للاصدار كلمة للكاتبة شوقية عروق المعلم.. أمام الطلاب.. يكون القويّ، القادر الذي يستطيع تكسير زجاجات عطر الطفولة بصوته، يحول زرقة السماء الى غيوم داكنة تمطر رعبًا.

أمام الطلاب يكون المتجهم، قد تشق ابتسامته عتمة الصف، ويخرج الطلاب المسامير من بين أسنانهم، لعلهم يدقون ابتسامته فوق فرحهم العابر، ولعلّ الابتسامة تكبر، وتبقى وجهاً مشرقا يمسح خوفهم منه، لكن أمام "مذكرات معلم"، نكتشف أنّ ليل المعلم له أنياب الخوف، إنّه مثل الطلاب، فليله يحمل القمع والرفض والمؤامرات والقوانين، وجهاز وزارة المعارف الذي يحاصر عقله وأحاسيسه وأفكاره ووطنيّته ومبادئه، فهناك من بعيد من يُتقن تفسير قسمات الوجوه والكلمات والسلوكيّات والحركات، وتحت الذرائع العديدة تكون شراسة الفصل والطرد. 

واكدت عروق ان "مذكرات معلم" تتميز بروعة التجربة، قرع طبول التمرد في زمن كانت قبعة قبطان الذعر تطفو فوق شواطىء الوظيفة،كما انها تلخص العمر.. وتكتب على عتبة دخولها (قل كلمتك وامش.. حذار من التردد)،وأنها ليست المذكرات الخرساء، ولا مذكرات الثرثرة، ولا مذكرات الترويج للكراسي المكسورة أو المناصب التي نخر خشبها السوس،إنما هي مذكرات الحق والحقيقة ومحطة القطار التي شهدت بداية رحلة السفر وشهدت رحلة العودة، وهي وثيقة.. وشاهدة عيان.. وشاهدة اثبات على وجودنا  وصراعنا  الدائم  مع الذين يحاولون مسحنا، تهميشنا، رفضنا.  

وكان قد صدر للكاتب تميم منصور: الأمس لا يموت عام 2006 ،وجمراتداخل رماد الايام عام 2009 ،والحاضر الذي مضى عام 2010 ،وأيام فلسطينية عام 2011 .

البوم صور
2015-11-10