الأربعاء 4/11/1444 هـ الموافق 24/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
في ذكرى رحيل آبو عمار : الله يرحمك والا مين قتلك....نادية حرحش

 مر اكثر من عقد على رحيل عرفات ولا يزال التحقيق مستمرا في وفاته او مقتله ولا حس ولا خبر .

موضوع يخرج الى ضوضاء حياتنا عند الحاجة السياسية له على حسب اجندة فلان او علان ويتم اخراسه كذلك حسب الحاجة وهكذا دواليك .

رحيل عرفات كحياتنا الحالية ، معضلة تبدأ بتساؤل وتستمر بفضول وتنتهي بنميمة لا تقدم خبرا ولا خيرا يرجى. والنتيجة حالة يأس كتمت ما يتبقى من شعورنا نحو الحياة.

مشاهد الطعن اليائسة التي تودي بحياة ابنائنا وبناتنا تشبه محاولة عرفات في لفظ انفاسه الاخيرة . تلك التي شاهدناها بين خروجه جثة حية من رام الله ورجوعه اليها جثة هامدة. مشاهد تختلط فيها النظرات بين امل ورجاء . وبين استصراخ ويأس. نظرات فيها الكثير من الهول والرعب … نظرات تحاول ان تقول هذا قاتلي .. افضحوه.

وكعادتنا شعب الطبالون بلا اذن موسيقية .. نسمع النداء بعد فوات الاوان ، ونتهافت في تحليل النظرات والعبرات بعد ان يواريها التراب.

نمجد الشهداء وننسى اننا دفعناهم الى الموت . ولا نتعلم شيء . نندب فقط ونلطم ونذرف الدموع التي لا توصف الا انها دموع تماسيح. فلم يعد احد يصدقنا حتى في حزننا .لاننا ربما لم نعد صادقين في حزننا ..لأننا لم نعد نحزن.

بعد عقد وعام من وفاة ابو عمار .نقف جميعا على دمار خلفه رحيله كما اسس له وجوده.

نقف في نفس الحالة من التيه ..نترحم عليه ..نرثي حالنا من بعده …

ليس لانه كان ايقونة العدل ولا الكرامة ولا التحرير … ولكن لان ما تركه لنا من ميراث انتهى الى ظلم وهوان وخنوع.

فصرنا كحالنا دوما .. نترحل على ما كان .

وبينما نمجد ابو عمار الشهيد …

نبكيه …

نرثيه …

نتصارع على تأبينه في ميدان او قاعة … في مسيرة او امام الشاشات …كلنا نردد نفس الشعارات البالية . نمجده لدرجة اننا نصبناه رمزا لحلم لم يعد . ونطالب كما في مقاومتنا نحن الشعب المتفرج دائما بمطالب لا نريدها الا من خلال هاش تاغ او لايك . هذا اذا ما تجرأنا ، لاننا لا نعرف من من المحسوبين علينا او نحن المحسوبين عليهم لا يريد لهذا التحقيق ان يكشف.

العار يلتهمنا …

بنفس المشهد ذاك لأحمد مناصرة ، وكل طفل ينكل به الاحتلال ولا امن ولا امان للانسان الفلسطيني في اي بقعة من ارض لا يزال يسميها فلسطين.

نتسابق جميعنا لرجم الاحتلال باللوم ونتركه يكمل تنكيله بنا كأن الحياة هو النفس الذي يأخذه الواحد منا وتنتهي اليه.

في ظل الفراغ الدامي والحالك الذي خلفه رحيل عرفات من جهة ، وانهيار المؤسسة الوطنية من الجهة المقابلة ، تحول الفراغ الى هوة تشتد اتساعا وعمقا .. تلقف ابناءنا اليها كما تلتهم النار ما يرمى اليها . وندور في هذا الفراغ كشعب تحول الى وثني في عرفه وفي عقله. فنمارس الشعارات الغاضبة والللافتات بالمطالبات الحقة كأنها فرائض نصل من خلالها الى الحل الالهي.

نستمر في المطالبة بنتائج التحقيق او اي شيء فلم نعد نعرف لاننا لم نعرف من الاصل ما الذي جرى . ننتظرالاخبار عن طريق الفضائح التي يكيدها المتنافسون على كراسي السلطة لإسقاط خصومهم. ونحن نلقف ما يرمونه لنا على امل نعرف انه غير موجود ولكن نستمر بالتمني بعسى وليت .

ونستمر في مطالبة لحق شعب في معرفة ما جرى ومن قتل رئيس نتأكد كل يوم انه لن يتكرر.

كما نستمر في المطالبة بجثامين شهداء جف دمهم قبل ان يتوارى الى تراب في ثلاجات الاحتلال ولا تزال المهات ينتظرن وداع اخير لا نقوى حتى على الخروج بمظاهرة حقيقة لذلك. اكتفينا بهاش تاغ ، ومباراة تحرير . وتنديد فارغ بفراغ القيادة التي تندد والشعب الذي لا يزال واقفا نفس الوقفة الهزلية بالتطبيل والتصفيق.

كما رضينا ان تكون مقاومة البعض منا نشيد موطني . ورضينا ان يصبح الفدائي هو فريق كرة القدم ، وزراعة الزيتون هي المقاومة، وان الجدار هو رمز التعبير عن صموده بجداريات صرنا نتسابق في الحفاظ على بقائها …

نرضى بأن يكون تأبين آخر لرحيل ابو عمار حافل بالشعارات والناس هو البديل لمعرفة الحقيقة…

لأن الحقيقة فاضحة …

فالافضل ان نستمر بكوننا جزءا من هبة جماهيرية هبوها التصفيق للرجاء والصراخ للتنديد…

رحم الله ابو عمار … كما رحم كل الشهداء …

رحمهم من ظلم كلنا شركاء في وقعه علينا

2015-11-10