الجمعة 30/3/1446 هـ الموافق 04/10/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الفرص الاسرائيلية ووسائل الصمود الفلسطينى... بقلم جمال ابو لاشين

 كل التقديرات تشير أن القضية الفلسطينية في الوقت الحالي باتت قضية ثانوية نتيجة الوضع المتأزم الإقليمي، والدولي، وهذا يعني أن الهبة الفلسطينية في الأراضي المحتلة تبقى على القضية أمام العالم وتحول دون تراجعها أكثر للخلف ، وهو يعني أيضاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) يقوم الآن باستغلال نافذة الفرص تلك لـ :
1- الهيمنة على قرارات الرئيس الأمريكي (أوباما) حتى انتهاء إدارتها في غضون ال 14 شهر القادمة طالما الوضع الدولي منشغل بالصراعات في الإقليم.
2- معارضة إسرائيلية لأي تدخلات دولية أوروبية أو عربية في الصراع القائم رغم أنها حتى اللحظة ضعيفة وتكاد تكون منعدمة .
3- المزيد من الاستيطان والهيمنة في القدس، والضفة الغربية واضعاف كل المحاولات الفلسطينية للدفاع عن الأقصى.
4- توجيه البوصلة نحو ضرب قطاع غزة لتضليل الرأي العام عن الاحتلال الجاثم على أراضي الضفة، وهو توجه إسرائيلي تكرر مرات عدة، ونال من الضفة الغربية والقدس.
نافذة الفرص تلك تخدم استراتيجية يمينية متطرفة، وعنصرية اتسمت بها حكومات نتنياهو المتعاقبة، وهي بالأساس تقوم على الغاء حل الدولتين، وهو ما عبر عنه قبل يومين الكاتب في صحيفة هآرتس (إسرائيل هارئيل) عندما كتب يقول :" الارهاب يتصاعد ويفهمون فى الادارة المدنية أن ما سينقذنا من الموت هو نقل 10 آلاف دونم من المنطقة (ج) للسلطة الفلسطينية. ألم يحن الوقت لعمل مبادرة حسن نية تتسبب للفلسطينيين بضرر مؤلم، حيث بعده لا يطلبون مبادرة حسن نية ؟ ضم المنطقة (ج) لدولة إسرائيل حسن نية أيضاً."
ونتنياهو في جلسة الأحد 29 نوفمبر تحدث لحزب الليكود قائلاً: "لن نسلم السلطة ولو متراً واحداً في الضفة" ، ويشتكي الرئيس عباس للرئيس الامريكى كما أعلن مكتبه في لقاء به بقمة باريس للمناخ ولمدة عشر دقائق بأنه على عباس أن يوقف تحريضه وكذبه، وأن الرئيس أوباما اتفق معه على طرح الموضوع مع الرئيس عباس ووافقه الرأى.
إذاً أصبح من الجلي والظاهر للعيان عدم وجود أُفق سياسي واضح لحل القضية الفلسطينية للعامين القادمين على اقل تقدير.
قد يكون بالأساس حل الدولتين حلاً خاطئاً من البداية لأنه اعتمد القرار 242، 338 والتي لها علاقة بالأراضي المحتلة عام 1967م وتم التغاضي تماماً عن أهم قرار أُممي أُنشئت بموجبه دولة إسرائيل، وهو القرار 181 والمعروف بقرار التقسيم، والذي أعطى للدولة العربية الفلسطينية التي ستنشأ إلى جانب إسرائيل 44% من مساحة فلسطين، وهي ضعف مساحة  الأراضي المحتلة في العام 1967.
ولكن بعد الحصول على عضوية دولة مراقب في الأمم المتحدة في العام 2012 والمعززة بالمبادرة العربية الهزيلة والتي حددت الدولة الفلسطينية في حدود العام 1967 لم يعد هناك خيارات أخرى للفلسطينيين إلا المضي قدماً في ما اجتمع عليه العرب، والعالم، ولم تقبله إسرائيل وتحاول تمييعه دون وجود أي مبادرة منها للحل السياسي.
لذلك تبقى للفلسطينيين في الوضع الراهن التالي:
1- المقاومة الشعبية الفلسطينية في الأراضي المحتلة.
2- المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية وبضائع المستوطنات.
3- الانضمام للمؤسسات الدولية وملاحقة إسرائيل.
هذه الوسائل ورغم أنها سياسية ودبلوماسية إلا أنها لا تعطي نتائج سريعة للحل السياسي، بل نتائجها بعيدة المدى، وما يضعفها أنها جاءت في بيئة إقليمية مشغولة عنها تماماً ، وأكثر ما يزعج إسرائيل أن الفلسطينيين لديهم خطة واضحة للحل السياسي تفتقدها هي أمام العالم، لذلك علينا كفلسطينيين التعامل مع تلك الوسائل بجدية أكثر رسمياً وشعبياً حتى لا نترك أي مجال لإسرائيل بالاستفراد بنا، وهذا يتطلب أكثر من أي وقت مضى، وفي ظل المتغيرات الإقليمية التي أضعفتنا أن ننهي الانقسام البغيض، ونلملم الجراح حتى يصلب الموقف الفلسطيني.
إن الانقسام الذي خدم الفصيل في وقت ما، لم يعد يفيد أحداً سوى إسرائيل، واستمراره على تلك الشاكلة لا يعني سوى أمر واحد أنه أصبح مهرباً لمواجهة حقائق الوضع السياسي حيث لم يستطع أي فصيل تحقيق اختراق يذكر، وبالتالي بات الانقسام رداء يتدثر به الجميع خوفاً من مواجهة التعقيد السياسي في القضية الفلسطينية، ومعنى إنهاء الانقسام هنا هو الاتفاق على خطة سياسية وبرنامج موحد نستطيع من خلاله الاستفادة من جهودنا معاً لوقف الدم الفلسطيني النازف، والحلول المجتزأة التي تدير عملية سلام بدلاً من الخوض في الملفات الهامة التي ترحل دائماً، والتي هي صلب القضية الفلسطينية.
____________________
مدير الدراسات بمركز عبدالله الحورانى للدراسات والتوثيق

 

2015-12-02