لا شك بأن إغتيال الأسير المحرر سمير القنطار, شكل ضربة قوية لحزب الله اللبناني , سواء لدور القنطار كقائد عملياتي للمقاومة في جبهة الجولان والقنيطرة كما هو معلن , أو رمزيته ومكانته بين جمهور المقاومة فدائي وأسير محرر , وهي إعتبارات تحتم على حزب الله الرد على تلك الجريمة الصهيونية, لإبطال مفعول بعض الرسائل التي تحاول الحكومة الصهيونية توجيهها عبر جريمة الإغتيال, ومن هذه الرسائل بأن الإحتلال لا ينسى ثأره مع رموز المقاومة, والذين وقفوا خلف عمليات فدائية أوجعته عبر إستهداف قواته ومستوطنيه , وأن الإحتلال سيمس بهؤلاء المقاومين في الوقت المناسب له عبر ذراع المخابراتية الطويلة , وهذه الرسالة يجب الرد عليها بقوة مساوية لحجم وأثر الجريمة , والا فإن باباً من الإغتيالات تم فتحه على حزب الله , ويتزامن هذا الإغتيال مع تهديد قادة العدو الصهيوني لبعض قيادات المقاومة عبر وسائل الإعلام العبرية مؤخراً , فإن لم يشكل الرد على الإغتيال عملية ردعاً للكيان الصهيوني, فأن الحصانة التي توفرها المقاومة لقادتها سيتم إبطال مفعولها , وسيتجرأ العدو على تكرار عمليات الإغتيال بكل أريحيه , وقد يطال ذلك رؤوس كبيرة في المقاومة اللبنانية . فيما يتعلق بإغتيال القائد سمير القنطار, فإن الأمر له علاقة مباشر بأمن الكيان الصهيوني, حيث أفادت وسائل الإعلام العبرية أن القنطار ورفاقه ,كانوا يخططون لعملية كبيرة تستهدف "إسرائيل" عبر بوابة الجولان السوري المحتل ,وهذا ليس من باب الدفاع عن القنطار بل قراءة لدور الرجل وفقا لما رشح من معلومات نشرتها دوائر مقربة من حزب الله عبر وسائل الإعلام المختلفة , فلقد أفادت مصادر لبنانية معتبرة بأن القنطار كان يشرف على تشكيلات للمقاومة , يتركز عملها في ضرب الإحتلال الصهيوني في الجولان ومحيطها , وأمكن لكل متابع تقييم التصريحات والتقارير الصادرة من الكيان الصهيوني , التي تفيد بأن تغييب وقتل القنطار مصلحة صهيونية بحتة , فلا يمكن أن تتحرك الطائرات الصهيونية الا إذا كان أمن الكيان الصهيوني في خطر محدق, ولعل الخطر الذي كان يشكله سمير القنطار ورجاله على الإحتلال في الجولان , سرع من عملية إغتياله فجر يوم السبت 19-12-2015م . وبعد جريمة الإغتيال يقف حزب الله أمام خيارات صعبة , فهل يرد حزب الله ؟ سؤال يدور في أذهان الصديق والعدو في آن واحد , وماذا إن لم يقم حزب الله بالرد الموجع والمعتبر والذي يتناسب مع جريمة إغتيال قائد بحجم سمير القنطار ؟ , ليس أمام حزب الله الا الخيار الذي تعودت عليه الجماهير من قادة الحزب بالعمل على قاعدة العين بالعين والسن بالسن , ولكن هل وضع حزب الله يسمح بذلك ؟! وقد غرق حتى أدنيه بالأزمة السورية الطاحنة , والتي تكبد فيها الخسائر الفادحة على صعيد التأييد الشعبي الذي كان يحظى به في لبنان وخارجه , إلى جانب الخسائر المادية والبشرية الفادحة ,وإنشغاله عن ساحة المواجهة مع الإحتلال ومتطلباتها الأمنية ,وهذا ما يفسر كثرة عمليات الإغتيال الصهيونية لقادة المقاومة اللبنانية مؤخراً , مروراً بعماد مغنية ورفاقه والقائد حسان اللقيس والذي تم إغتياله في معلق الحزب في الضاحية الجنوبية . وهنا يبرز الخطأ الكبير واضحاً وجلياً لقرار تدخل حزب الله في الحرب الدائرة على الأرض السورية , وكان على حزب الله أن يكون أحرص اللبنانيين على سياسية النأي بالنفس عما يدور في سوريا , وأن يعمل بكل جهد وجد على تعزيز الوحدة بين اللبنانيين , على قاعدة العيش المشترك والمصير الواحد , دون الإستفراد أو الإستقواء على أي مكون لبناني , لأن التوافق اللبناني اللبناني أكثر حاصنة وحماية للبنان من كل سلاح!. لقد كان حزب الله يدخل كل معاركه مع الإحتلال الصهيوني , مستنداً إلى جبهة داخلية لبنانية صلبة وقوية وداعمة للمقاومة ,على إمتداد جغرافية لبنان بعيداً عن الإنتماء الطائفي أو الحشد المذهبي , فبذلك وحدة كان يقف حزب الله صلباً قوياً في مواجهة الحروب الصهيونية, فهل هذه الأجواء متوفرة الآن للحزب ليستند إليها في إتخاذ قرار الرد على جريمة الإغتيال ؟!, بكل تأكيد حالة الإلتفاف السابقة غير متوفرة ,وهذا ما جعل الإحتلال الصهيوني يتجرأ على عمليات الإغتيال ضد قادة ونشطاء حزب الله , دون الخشية من رد قوي أو مؤثر من الحزب الذي فقد الرصيد الشعبي والغطاء السياسي , في ظل التجاذبات والأزمات السياسية اللبنانية المعقدة والمتواصلة منذ سنوات . هذا المعطيات والمؤشرات يجب أخذها بعين الإعتبار من قبل قيادة حزب الله عند الإقدام على أي مواجهة مع الإحتلال الصهيوني, ومراجعة السياسية الحالية للحزب , والتسلح بالإنفتاح على المجتمع اللبناني , والبعد على المحاور الطائفية والمذهبية , والعودة إلى ميدان الأمة الرحب والذي يتسع لكل الأحرار , وعدم الإنحسار في رؤى سياسية ضيقة الأفق بخصوص الشأن اللبناني الداخلي , وعدم التصادم مع إرادة الشعوب العربية الرافضة لكل الأنظمة الديكاتورية القمعية ومنها النظام السوري , هذه الأسلحة يجب أن تتصدر ترسانة حزب الله السياسية إلى جانب الترسانة العسكرية لمواجهة ولجم الإحتلال وردع غطرسته ووقف عدوانه , والا فأن المسلسل الصهيوني سيتواصل إلى حد الإستباحة الكاملة للحزب . كاتب وباحث فلسطيني 21-12-2015م