الجمعة 21/10/1444 هـ الموافق 12/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الأسْلَمةُ السياسية...وأولي الأمر 'مسلمي يَهْوَه التلمودي'...فراس ياغي

 

 وقف عارياً أمام ربه...رفعَ يَديهِ عالياً، ركعَ، سَجدَ، صَلّى ثم صَلّى، دعا ربّه علناً وسراً، أسلمَ نفسه لبارئه، ووجه وجهه لخالقه، وفوض أمره لربّه...في الصباح حمل بندقيته وذهب ليقاتل الكُفّار، قتلَ من كان في البيت سالماً وآمناً، وفَجّره على من فيه من الكافرين...أحصى الجُثَث، عجوز إيزيديه، وجارتها وطفلتها المسلمه، وآشوريْ كان يمشي صدفةً في الطريق الملاصق للبيت، ووجد بين الأثاث المُمَزّق كتّاب الله...إندهشْ، كافرون ويقرأون كتّاب التنزيل الحكيم، عزّى نفسه وقال: هؤلاء من أتباع "عبد الله بن سلول"، فهم يجلسون مع إيزديه وجيرانهم من الآشوريين، هؤلاء هم المنافقين، تذّكر القرون الوسطى، حين أرسل البابا "أنوسنت الثالث" الجند لقتل المهرطقين من مسيحيين في جنوب فرنسا عام 1209، لحظتها، قال قائد الجند لممثل البابا: إنّهم يصلون مثلنا، فكيف سنعرف المؤمن المسيحي من المُهَرّطق، ردّ عليه ممثل البابا: أقتلهم جميعا وإترك مهمة تمييز رعية الرّب للرّب، يقال أنه يومها قُتل مئآت الآلاف ممن سموهم مهرطقين...تذّكر الخليفه المؤمن الذي لا ينام إلاّ حين يسمع أنغام السكاكين على رقاب الكافرين، نظرَ نظرةً أخيره على الجُثَث، وأدى التحية العسكريه لأمير المؤمنين متوجها بوجهه بإتجاه الموصل، وقال في سِرّه: لولا أن الله حددَ قبلته تجاه بيته في مكة، لكان الأفضل للمؤمنين في هذا الزمن، أن تكون قبلتهم نحو خليفتنا ومدينته...طمئَنَ قلبه حين تَذكّرَ فتاوي وأحكام قضاة وشيوخ الأسلَمةِ السياسيه والسَلفّيين بالذات، هؤلاء الأتقياء الصالحين الراكعين والساجدين للربِّ الواحد الأحد، ربِّ مُجمد عليه السلام، وربِّ الصالحين من بني إسرائيل، سوفَ يكافؤونه إمّا ب "إيزيديه" على الأرض أو حوريّه من حوريات الجَنّه في السماء، سيكافأ بحسنةٍ على الأرض أو حسناوات في السماء.

الأسلَمةِ السياسيةُ وبمختلف عناوينها مُتطَرفه أو مُعتدله الشكل لا الجوهر، لها نفس المباديء ونفس القواعد، بعضها فيه غُلوّ في كل شيء، والبعض الآخر غُلّوه على المرأه والعلمانيه السياسيه والقوميه العربيه، وفي الحقيقه جميعها تحوي غُلوّ وإصَر على كل من يعيش تحت حكمها وفي ظِلها (غزة مثلاً فرضت "حماس" المناديل على تلميذات المدارس، وحددت مفهوم الحرية بمن لا يعارضها وقمعت حتى أقرانها من نفس أيديولوجيتها).

الشريعه الواحده أصبحت شرائع متعدده، هناك شَريعة البغدادي وشريعة القاعده للظواهري والجولاني، وشريعة الإخوان المتأسلمين لأردوغان والقرضاوي ومعهم الشيخ الأكبر "تميم بن حمد" وإنضم إليهم خادم الحرمين وأولياء عهده، الموروث المُتَعَدّد من مؤرخي ومُفَسّري وكاتبي السِيَر النبويه والأحاديث النبويه اللانهائيه، تَتَدَخّل في كل صغيره وكبيره في حياة الإنسان، بحيث جعلوا من تلك الشريعه "تِلمود لِمسلمي يَهوَه"، وقَرّروا أن دين مُحمد بن عبد الله صلوات الله عليه وسلم المُتَسامح والذي جاء "ليتمم مكارم الأخلاق"، هو الذي يتناسب مع "فقه الباديه" و "فقه إبن تيميه" و "فقه الوهابيه المطبوع بطبعة إنجليزيه"، لقد "أصبحت البِدعَه شَرع يُتَبَع" كما قال "السفاريني"...إنهم يُسقطون الموروث على القرن الواحد والعشرين ولكن بصبغة إستعماريه غربيه، هدفها التصادم في داخل الحضارات بعد الفَشل الذريع لمفهوم "فوكوياما" والمحافظين الجدد "صدام الحضارات".

علماء وفقهاء الجهالةِ والتابعين للبترودولار خطفوا الإسلام وسماحته، وخطفوا الإسوة الحسنه وحولوها إلى إسوة آسنه مليئه بالدماء، فأوقفوا جمهور المسلمين ومنعوهم من التَفَكُّر والتَدَبّر والتَعَقّل، والنتيجة، كانت "عرعور" و "قرضاوي الناتو" و "عريفي" أنيق بأناقة الإنجليز، ومفتي مريض نفسياً ونسائياً وجنسياً، ولا يرى الفساد سوى في المرأة وعند المرأة ومع المرأة وفي عقل وجسد المرأة، ويستشهد بأن "كيدهّن عظيم"، وبما عملت إمرأة العزيز بالصديق يوسف عليه السلام، وبما فعلت حواء بآدم وفقاً للمفهوم التلمودي اليهودي وأدت لطرده من جنة الله تعالى، رغم أن الله تعالى في كتاب التنزيل ينفي هذه التهمه عن حواء حيث قال "فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ..."(البقره36)، "فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ" 'الأعراف20'، إنه الشيخ "عبد العزيز آل الشيخ" مفتي السعوديه الذي يرى في أولياء أمره في بلده أتقياء وصالحين لا تشوبهم شائبه، خاصة وأنهم يعملون سيوفهم في رقاب العباد بلا رحمه وبإسم "طاعة ولي الأمر" وعدم الخروج عليه، ومستندين لقوله تعالى "أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" 'النساء59'، وهنا الطاعه منفصله وليست متصله، فهي طاعه مرتبطه بأن يكون الحاكم 'أولي الأمر' عادل لا يظلم ولا تتعارض وتتناقض أفغاله مع القيم الأخلاقيه من "فرقان عام" و "فرقان خاص" تُميّز الديانه المُحَمديّه عن غيرها، إعدام الشيخ "نمر النمر" الذي رفض الخنوع والذل والظلم، ودعا للعدل والإنتخاب، يؤكد أن الطاعه هنا لأولي الأمر في تلك المملكه إنما هو طاعه للتلموديين أبناء "شهود يَهوه"، طاعه للتكفيريين، خوارج هذا العصر.

قال كونفوشيوس " الحكيم يتطور بإتجاه الأعلى، أما الجاهل فيتطور بإتجاه الأسفل"...وهذه هي الأسلمه السياسيه بكل منابعها وأحزابها المموله من الممالك والإمارات المُصَنّعه والمحمية من الغرب الليبرالي، تتجه في أفعالها وبرامجها نحو الإنحطاط للقرون الوسطى، كيف لا؟!!! ووليّ الأمر لهم عائلات تملك دولاً ونفطاً وغازاً، ملوك وأمراء مرتبطين بدين الوهّابيه، دينٌ بريطاني البرمجه، تلمودي المنهج ، بدوي المُنطلق والتطبيق...وعلى الرغم من الظلام الذي يلّف منطقتنا المشرقيه بالأخص والعربيه بالعموم، إلاّ أن الفجر آت، فسابقاً كانت "الصداقه المُرهَقةُ" مع تلك الممالك والإمارات ومعها تلك الأسلمه تعبيرا عن "تَبرّع أحمَق" لإستمرارها...اليوم، لا مكان لهم ولا لأفكارهم، والمعركه معهم قائمه ومستمره وفي كل الميادين حتى التخلص من هذا الثِقلْ الذي يطبق على الأمه ويكتم أنفاسها ويمنعها من أن تكون شيئا فاعلاً في الحضاره العالميه الإنسانيه...لا مجال، ولا يمكن، أن تحيا الأمه بفكر ظلامي مجرم وفاشي ونازي لا يرحم...و"من إستوى يوماه فهو مغبون" كما قال الحسن البصري في رؤياه للرسول محمد صلوات الله عليه وسلم في المنام.

2016-01-03