أيمن كنموذج لما يجري في فلسطين من إنتهاكات لحقوق الإنسان وإحتجاز الناس على خلفية حرية الرأي والتعبير، وتعرضهم للقمع والتخويف في الضفة الغربية وقطاع غزة وملاحقتهم. ربما أدعي معرفة السبب الحقيقي لإحتجاز أيمن العالول والتحقيق معه على أشياء كثيرة وتوجيه تهمة له أثناء التحقيق معه وهي إضعاف الروح الثورية وتلقي أموال وغيرها من التهم لإخافته كي لا يعود للكتابة على الفيسبوك وسأفترض ان ذلك حقيقي، لكن هل ما جرى معه أثناء الإحتجاز والتحقيق وتعرضه للتعذيب والإهانة، وهل هذا يستدعي كل ما جرى؟
والخوف لاحقا ونكوصه عن ممارسة ما كان يقوم به وحقه في حرية الرأي والتعبير من دون خوف وخشية من الملاحقة والتضييق، وكما قال لي إنه قرر اتخاذ خطوتين للوراء وعدم العودة لما كان يقوم به سابقا من نقد لسياسات الحكومة وحركة حماس، ونشر الفيديوهات الساخرة وما ينشره من بوستات لاذعة على حسابه على الفيسبوك.
أيمن حسن النية هكذا يقال عنه وأنا اعرفه كذلك، وعبر بجرأة عن ما جرى معه ويشعر بالخوف، ولم يتوقع أن يحدث معه ما حدث، ولم يبحث عن نجومية وشهرة واستعراض فهو يقوم بذلك من خلال مشاهداته للحياة وكواحد من الناس يعيش في غزة المحاصرة والمنكوبة بالانقسام والكوارث، وموهبته في النقد الساخر وسرعة البديهة، ولم يختبئ بين الناس كما فعل آخرين عندما استدعوا من الأجهزة الأمنية وقاموا بتهييج الدنيا وفي النهاية عقدوا صفقات مع الأجهزة الأمنية، فهو اتخذ قرار بالتوقف وأشك ان يستمر في ذلك فأبسط حقوقه هي التعبير عن نفسه.
وربما أجد المبرر كغيري لجهاز الأمن الداخلي أو من اتخذ القرار باحتجاز أيمن، لكن ان يتم اعتقاله بطريقة غير إنسانية وغير قانونية ومصادرة حاسوبه وحاسوب زوجته وأجهزة الهواتف النقالة، وإخضاعه للتحقيق ومعاملته معاملة قاسية وحاطة من الكرامة هذا غير مقبول وليس قانونيا، احتجازه بشكل غير قانوني كغيره من المحتجزين الذين يتعرضوا للتعذيب بأساليبه المختلفة بدء بالشبح وليس انتهاء بالحجز في الزنزانة الضيقة كالقبر، ومعاملة المحققين والسجانين المختلفة حسب التعليمات أو قدرتهم ومهنيتهم على انتزاع الاعترافات بدون عنف وتعذيب.
نموذج أيمن ليس في غزة فقط، هو نموذج مكرر في الضفة الغربية للقمع واعتقال الناس والصحافيين والناشطين من حماس وغير حماس وتخويفهم والتهم متشابهة والأمثلة موجودة باعتقال الصحافي سليم سويدان مدير تلفزيون نابلس واحتجازه لنشر بوست على حسابه على الفيسبوك وصفحة التلفزيون حول دور لجهاز الأمن الوقائي وأحد ضباطه في اعتقال الاحتلال أكرم المصري أحد أعضاء خلية نابلس، و وتوجيه تهمة له بالمس بالمقامات العالية ونشر مواد تضر بالوحدة الوطنية، سويدان تم توجيه تهمة له بالمس بالوحدة الوطنية، والتحريض، وإثارة النعرات الطائفية، والشتم، والتحقير. المقال ليس للمقارنة إنما هذا هو الحال الذي نعيش، في غياب القانون وادعاء الحفاظ على المصلحة الوطنية تنتهك حقوق الناس ويحرمون من حرياتهم والتقييد عليهم وتخويفهم، لكن حرية الرأي والتعبير مكفولة وطنيا وأخلاقيا وقانًونينا، فنحن شعب تحت الاحتلال ويناضل من اجل الحرية ولا يجوز لأي كان إسكات الناس والتعبير عن رأيهم بحرية ومن دون خوف، وأقول لأيمن وغيره لا تتخذوا خطوات للوراء إنما اتخذوا خطوات واثقة للأمام بأنفسكم وبحقكم في التعبير عن الرأي ونقد كل ما هو ضار بالمصلحة الوطنية ومستقبلنا ومستقبل قضيتنا.