الأربعاء 8/10/1445 هـ الموافق 17/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أهالي الضفة في القدس ويافا.. الهدف والمغزى/د.عصام شاور

أستغرب أن التحليلات السياسية  الفلسطينية بالنسبة لزيارة العرب إلى بيت المقدس التي دعت إليها السلطة الفلسطينية ذهبت باتجاه دعم أهلنا في القدس اقتصاديا وسياسيا، ولكن بعد سماح الاحتلال الإسرائيلي لعشرات الآلاف من أهل الضفة الغربية بالصلاة في المسجد الأقصى أخذت اتجاه معاكسا تماما وهو دعم الاقتصاد الإسرائيلي وتحسين صورة الاحتلال أمام الرأي العام.
ما يسمى بـ" التسهيلات" الإسرائيلية التي قدمها الاحتلال لأهالي الضفة الغربية للوصول إلى العاصمة الفلسطينية  والصلاة في المسجد الأقصى المبارك وفي الشهر المبارك، والمتمثلة بعدم طلب " تصاريح الدخول" لمن هم فوق سن الأربعين وتخفيف الرقابة الأمنية ،وكذلك إصدار عشرات آلاف التصاريح من اجل زيارة المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 كانت خطوة مفاجئة من جانب الاحتلال الإسرائيلي لم يقدم عليها منذ بداية الانتفاضة الثانية التي انطلقت قبل 12 عاما.
قد يكون هناك أهداف اقتصادية وسياسية كامنة في الخطوة الإسرائيلية المفاجئة، ولكن ليس بالصورة التي رسمها البعض، فالذين سمحت لهم دولة الاحتلال بالوصول إلى مقدساتهم ومناطقهم المحتلة لن يؤثروا في اقتصاد دولة الاحتلال لقلة عددهم ولانخفاض قدرتهم الشرائية بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية، ولكن ربما تكون هذه مقدمة للسماح لعشرات الآلاف_أو أكثر_ من عمال الضفة الغربية للعودة إلى العمل داخل الأراضي المحتلة حيث أن " إسرائيل" بدأت بالاستغناء عن العمالة الأجنبية _الرومانية والتركية وغيرها_لصالح العمالة الفلسطينية لما تسببت به العمالة الأجنبية من خسائر اقتصادية ومشكلات اجتماعية للكيان الغاصب,ولكن في حالة العمالة الفلسطينية فإن الاموال التي يحصلوا عليها تعود لتصب في عجلة الاقتصاد الاسرائيلي.
أما سياسيا فإن " السلام الاقتصادي" الذي ينادي به رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يتحقق إلا بزيادة التبعية الفلسطينية لـ"إسرائيل" من خلال اقتصاد فلسطيني وهمي(رخاء مادي تحت السيطرة) ، أي بالاعتماد على العمالة الفلسطينية والمشاريع الاقتصادية المشتركة مع الجانب الإسرائيلي كبديل عن اقتصاد فلسطيني حقيقي يؤسس لقرار فلسطيني مستقل.
من ناحية أخرى فإن " التسهيلات " الإسرائيلية تعتبر بمثابة " تنفيس" عن الشعب الفلسطيني المقهور والمضغوط في ظل توقعات إسرائيلية بأن الضفة الغربية توشك على الانفجار والدخول في انتفاضة ثالثة ولذلك كانت غالبية التصاريح لزيارة المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 تخص فئة الشباب الفلسطيني الذين توجهوا على شواطئ يافا المحتلة للاستمتاع بهوائها وجمال بحرها دون الالتفات إلى الكارثة التي حلت بها وبهم أو إلى المغتصبين اليهود الذين طردوا الشعب الفلسطيني من وطنه، واختزلوا أمنيات بعض شبابه في زيارة يافا والقدس أو العمل أجيرا لدى المحتل لتجذير احتلاله.

2012-08-25