الأربعاء 2/6/1446 هـ الموافق 04/12/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
على مشارف تشكيل الحكومة الجديدة !!!...رامي الغف

 

 بعد ماراثون طويل وشاق من المفاوضات والنقاشات الساخنه والاجتماعات واللقاءات الشبه يومية بين ممثلي حركتي فتح وحماس، سيتم الإعلان قريبا عن تشكيل حكومة وحده وطنية فلسطينية وبمشاركة الكل الفلسطيني، والسؤال القديم الجديد والمتداول في الشارع الفلسطيني، يا ترى ما المطلوب من أية حكومة جديدة ؟ وبالتأكيد هناك العشرات من المطالب بل المئات من الأمنيات ولكن هناك مطالب ضرورية ومهمة خاصة في ظل هذا الوضع المأساوي الذي يعانيه وطننا الفلسطيني، فقد أصبح شعبنا منهك ونفسيته متعبة، فقد نهشه الفقر وخنقه الحصار واستهدفه العدوان وقتله الاستبداد وأنهكه الانتظار والاحتلال وأتعبه الطغيان والاستبداد وأرهقته قسوة الحياة بجفاف الانقسام الذي سلط عليه فأذاقه كل صنوف العذاب والهوان والاستخفاف بالحياة البشرية، هذا الشعب الذي جرب الحكومات تلو الحكومات ومر بحلقة متصلة من العذاب وبعاصفة هوجاء ألقي في صميمها لتقلبه في أعنف حركة عرفتها أمة أو شعب من العبثية واللامسؤولية.

شعبنا أزكمت أنوفه رائحة الدم، وتحمل مشاق 8 سنوات من عمر الانقسام الذي احدث شرخا في مشروعه الوطني بعد إصابته بضربة موجعة، إضافة إلى العدوان الإسرائيلي المستمر عليه، الذي استهدف شجره وحجره وأبناءه، يحلم بمستقبل مشرق ومزهر لأبنائه تحت لواء حكومة نزيهة تمثل الكل الفلسطيني.

لقد آن الأوان لنا أن نضع النقاط على الحروف، ونسمي المسميات بأسمائها الحقيقية بدون تزليف أو نفاق أو خداع، لقد آن الأوان أن نبعد سكاكين الانقسام عن وطننا ونبعد المنافقين والأفاقين والمنتفعين عن رقاب جماهيرنا، لقد آن الأوان أن ننهض بوطننا ونقولها بأعلى صوتنا، أن فلسطين لم تمت فما زالت صامدة شامخة، على الرغم من كل طعنات الغدر من الفاسدين والمنافقين واللصوص.

قال السيد المسيح عليه السلام " وإذا فسد الملح فبماذا يملح؟ " أرى أنه لم يعد معقولاً أن تجري متابعة شئون وطننا وشعبنا بالكيفية الجارية حالياً، فهناك تراكم غير معقول لعدد من المشكلات الخاصة بالمواطن الفلسطيني والتي من ابرزها الدمار الكبير في البيوت والمنازل والحصار المفروض عليه منذ تسعه اعوام ناهيك عن الانقطاع اليومي للكهرباء وقلة الخدمات وانتشار الأمراض وخاصة السرطان، وهناك مناطق ومحافظات كثيرة لا تجد ماءً صالحاً للشرب، ناهيك عن مشاكل الإعمار والتدخلات الخارجية من هذا وذاك.

رغم أن الحديث عن حكومة مثالية هو ضرب من الأحلام ولكن يبقى المثال هو المثال الذي يطمح له شعبنا ويسعى إليه، فنحن نرغب في حكومة قوية ملكوتية متآخية التكوين تحب شعبها وتخاف على مصالحة وتحقق مطالبه وتتمنى السعادة والأمان لهم وان تتعاون فيما بينها ومع كل القوى الأخرى الشريفة في الوطن من أجل أن تحقق طموحات شعبنا وأن توفر له الخدمات بحيث يشعر المواطن أن حقوقه مصانة وكرامته محفوظة وذلك عندما يطمئن أن الرجل المناسب في المكان المناسب.

ومن هنا نقول ليس امام الحكومة الجديدة هذه إلا ان تنجح، وذلك لأربعة اسباب مهمة، وهي
اولا: فبعد مرور ثمان سنوات على الإنقسام، سوف لن يجد شعبنا ما يبررون به فشلها اذا فشلت او قصرت او اخفقت، فمن المفترض ان يكون الجميع قد تعلموا من التجربة وطوروا بها افكارهم وعقلياتهم وادواتهم، ما يساعدهم على تحقيق النجاح المرتقب.

ثانيا: ان كل من هو تحت قبة المجلس التشريعي، من فصائل وحركات وكتل واحزاب تشترك فيها، ولذلك فان فشلها يعني فشل كل هذه الفصائل والاحزاب والكتل، ما سيوجه الى مصداقيتها ضربة في الصميم، بل والى كل العملية السياسية، ولهذا السبب اقول، اذا فشلت الحكومة فستفشل كل هذه الاحزاب والكتل، ما يدخل الوطن الفلسطيني في دوامة الإنقسامات والتشرذمات مره أخرى.

ثالثا: انها تشكلت حسب المقاسات التي توافق عليها الجميع، بما فيهم رئيس الوزراء والوزراء، ولذلك فليس فيهم من يمكنه ان يبرر الفشل اذا ما حصل.

رابعا: كما ان الظروف السياسية والامنية والخارجية تطورت وأصبحنا اصدقاء واشقاء للعديد من الدول الاوروبية والامريكية والروسية واليابانية والاسيوية والأفريقية والتي اعترفت بنا كدولة لها كامل السيادة، كذلك القرارات الدولية التي نفذت وحصولنا على عضوية المجالس والمنظمات الدولية وعضو مراقب في الامم المتحدة، ما يساهم في تحسين الظروف الاقتصادية والمالية والتنموية والسياسية بدرجة كبيرة، ينبغي توظيفها والاستفادة منها من اجل النجاح.

ان مصير العملية السياسية برمتها مرتبط بمصير هذه الحكومة، بل ان مصير مستقبل فلسطين برمته مرتبط الى حد كبير، بمصير هذه الحكومة، ولذلك فانها لا تمتلك خيارا الا ان تنجح لتنجح معها العملية السياسية ولتنجح التجربة الديمقراطية ولينجح الوطن الفلسطيني الجديد، الذي سيتحول بهذا النجاح الى نموذج يحتذى، بعد ان راهن الجميع على فشله خوفا من عدوى الديمقراطية.

أن أمام أي حكومة صعوبات كبيرة وخطرة، ولكن ليس لها خيار غير خيار النصر والوصول بطموحات شعبنا الى بر الامان، ففلسطين فلسطيننا ومسؤولية بناء دولتها والحفاظ عليها مسؤوليتنا جميعاً، مسؤولية الجميع الشرعية والأخلاقية والوطنية والتاريخية ولا مجال للتنصل من ذلك.

نحن نثق أن صمود فلسطين وقيادتها وجماهيرها سينتصر، ولكن الحراك والتغير والتعاون من الجميع سيختصر الكثير من التضحيات وسيساهم في اختصار الوقت وتعزيز النتائج. نتمنى للجماهير وللقيادة وللدولة الفلسطينية غدا أفضل وحياة سعيدة ونظاما مستقرا يسوده العدل ويعم فيه السلام.

آخر الكلام: على قادة وساسة فصائلنا وأحزابنا وكتلنا السياسية تبديل النهج والأسلوب من اجل الوطن والشعب، ولتكن المرحلة القادمة لهم هو مصلحة فلسطين فوق كل اعتبار.

*إعلامي وباحث سياسي

2016-02-06