وأفكّر فيكَ بعمقْ
كأنْ أجعل للسماء مرايا
ونوافذَ شوقْ
أفكر قلت كثيرا
وأعلّق لهفتي الحارقة
على مشجب التوق
أفكّر في الورد خشية الدمع
في الانتظار الغافي على كف الصّمت
في سحنة الكون كلّما اكتمل العشق
أفكر قلت كثيرا
بعمق
أفكّر فيك
كخطّاف حطّ على كستناء القلب
أخضّب منقاره بما تيسّر منّي
حتّى إذا صادف موسمه المطر
عَشِقْ
أفكّر فيك عندما
يسترسل الوقت في الغناء
وحين تحدّثني النّايات كثيرا عنك
عن حياتنا الموجوعه الإيقاع
تلك المعزوفة الشّبيهة بألوان
الشَّفَقْ
تلك المعزوفة خارج اللّحن
كأضغاث عود امتلأ جرابه بالحزن
كلّما هيّأ الأسماع للطرب
شرِقْ
كلّما فكّرت فيك بعمق
قلّما يفلح الوقت في الصّمت
وأنا المسكونة أبدا بالفقد
أملأ الكون شتاتا كثير الصّخب
إلى حدّ الشَّبَقْ
أفكّر قلت بعمق
في عزلتي البعيدة عنّي
والقريبة منك
أسدل جفون الانكسار
عن كل النجوم التي هوت
وأنتظر كي تَأْتَلِقْ
أفكّر في البقاء هناك
حيث فتحت لي زهرة المستحيل
وناولتني من شذاك
ألقْ
لا شيء بدا يومها مستحيلا
لا شيء سوى هواك
ضحكتك لمرأى
عينيك المرحتين
لمستك الندية تدنو في لهف
ورفق
هناك كنت في متناول القلب و وحرقة الذّاكرة
ثمّ ماذا هناك ...؟
تشظى الخيال يومها
كنت كساحر
كلّما نفض قبّعته تطاير منها سرب أحلام
نَزِقْ
كلّما فكّرت فيك
بعمق
أعدّل من شأن الورق
أنحدر من زمن لا محدود
أتوحّد بصداي
أوقّع لحنا كلّما اتسعت خارطة الكلام
غَرِقْ
أسكب جام انصهاري في متعة عشوائيّة الحبر
فيولد "نيرون"
بينما يتكهّن آخر العشّاق
بطقس شَبِقْ
أفكّر فيك
وأنت حيث اللا أنت منك
تدسّ كم سماء بظنّي المهووس بك
تلهم أسراب النجوم الماردة مزيد التشرنق في الغياب
كأنّي أراك
ألمس تلك اليد العذبة الوطء على خدّ الحلم
تلك اليد المسافرة في المعنى كأرخبيلات
ترعى الكون حتى آخر الرّمقْ
أفكّر فيك بعمق
وهذا الليل كخزّاف عجوز
كلّما اعتصر كبد السّماء
تكلّس القاع
واستنفر الحلم
وكلما حرّك ساقيه حول دفّتي القدر
تشكّل زمن باهت ليس فيه هدب يأتلق
أفكّر فيك حدّ الجنون
وأنت الذّائب فيّ كريح
تلوّح لي بأسمال وجد
ترسم شارة مجهولة الأصابع
كغيمة ملّت الزحام
كحنين خارج أهازيج العودة
لا وقت للكلمات كي تأخذ
شكل رصاصة عنقودية الانشطار
وتردد كن حيث أنت .أَفِقْ...
أفكّر فيك بعمق يلهب الصّمت
كقبضة من نار
تلوك ألسنة الشوق
تعلك أحاسيسك المنهارة
فإذا بك كومة من رماد
عَبِقْ
أفكّر فيك
كلّما أبصرت الجبل
من كوّة الوقت
ترسّخ لديّ انتماء غريب
هذا الجبل كم يشبهك
في صمته يشبهك
في تفاصيله العنيدة يشبهك
في تطرّفه أيضا ...كم يشبهك
صار الجبل شبهك الوحيد
وصرت أنا انتماءك الغريب
كإسفنجة من الأوجاع المؤدلجة الارتفاع
لكنني لا أشبهك
سأرسم حلما
نَفَق
أفكر فيك
كلما خطّت أنفاسك مجرّة حولي
كان للوقع غير هذا الوقع
يرتئي الفرح فلسفة جديدة
كلّما اقتربت
صَدَقْ
الشاعرة خيرة خلف الله –قابس –تونس