الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الدبلوماسية الفلسطينية تتهاوى !!!...م . زهير الشاعر

يبدو من المشهد الفلسطيني الحالي بأن الدبلوماسية الفلسطينية لم تعد في يد من يمثل واجهتها حيث أنه لوحظ في الأونة الأخيرة إبتعاد رياض المالكي عن التصريحات حول القضايا ذات الوزن الثقيل والإكتفاء بالتحدث حول الفرعيات التي لا تؤثر بالشأن الفلسطيني كثيراً كغيرها من القضايا الملحة ذات الصلة بالعلاقات الدولية  وضرورة المحافظة على الأصدقاء بغض النظر عن علاقاتهم الدبلوماسية مع الجانب الإسرائيلي، وكان ذلك واضحاً من خلال ردود الفعل حول زيارة الرئيس الكيني أهورور كيناتا إلى الحرم القدسي وإلتقائه بطلاب كينين في مستوطنة "جاليا" الواقعة قرب البحر الميت في أغوار الضفة الغربية خلال زيارته إلى إسرائيل وإلتقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي في القدس وتوقيع العدد من الإتفاقيات التي تهم الجانبين في قضايا المياه والزراعة كما بحثوا قضايا مشتركة تدل على علاقات متقدمة ومتميزة بين البلدين وذلك حول قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب والتعاون الثنائي في مجالات الفضاء الإلكتروني والطاقة والزراعة والمياه والري والصحة العامة حسب ما جاء في البيان الرسمي حول الزيارة، بالمقابل قام الرئيس الكيني بإلغاء زيارته إلى رام الله ولربما عند عودته يقذف في وجه السفير الفلسطيني الغير مقيم في كينيا بعد إستدعائه إلى نيروبي ورقة قطع العلاقات مع فلسطين بعد طريقة المعالجة المتسرعة التي عبر عنها د. صائب عريقات ود. حنان عشرواي إحجاجاً على مواقف الرئيس الكيني خلال زيارته، متناسين بذلك بأن النواح والتهديد في هذا الزمن أصبح لا يعد وسيلة دبلوماسية مؤثرة تعيد الأمور إلى مجاريها بعد أن تقع الخطيئة!، وأن الأولى هو مراجعة النفس عن التقصير الذي حصل وأدى إلى هذه النتيجة التي تعد بمثابة فضيحة ومحاسبة المسؤول عن ذلك!.                               

لا شك بأن قرار الرئيس الكيني أهورو بإلغاء زيارته التي قيل بأنها كانت مقررة مسبقاً إلى رام الله أثناء تواجده في المنطقة يعد صفعة قوية في وجه القيادة الفلسطينية وإهانة للشعب الفلسطيني يجب عدم المرور عنها مر الكرام بل يجب البحث في مسببتها والعمل على إستدراك طرق العلاج لأخذ العبرة بدلاً من الصراخ والتهديد والوعيد في سياق مسرحية هزلية للتغطية على التقصير والفشل تشير إلى حالة الوهن والضعف التي تعصف بالدبلوماسية الفلسطينية وراعيها  وحجم التقصير ولربما التواطؤ المقصود في تمرير مثل هذه الزيارات الفريدة والتي تعد الأولى من نوعها للمنطقة لرئيس هذه الدولة العضو في حركة عدم الإنحياز بدون الإستفادة منها في سياق العلاقات الدولية التي بنتها فلسطين عبر التاريخ ، ولكن يبدو كونها ليس الأولى أن هناك نهج مبرمج لهدم هذه العلاقات بهدوء حسب الدولة ومكانتها على الخارطة الدولية!.                         

السؤال هنا لماذا طالبت د. حنان عشراوي منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية "باتخاذ موقف رافض لمثل هذه التصرفات، كما طالبتهم بأن ينفذوا خطوات مساءلة لتصويب هذا الوضع الخاطئ الذي قام به الرئيس الكيني حسب تعبيرها، ألم يكن من الأجدر بها أن تطالب بمسائلة وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي تسبب بهذا الإخفاق في تجيير هذه الزيارة لتكون متوازنة في الهدف والغاية والعلاقة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي؟!، أليس الأجدر بها أيضاً أن تطالب بإستجواب سفير فلسطين الغير مقيم في العاصمة الكينية نيروبي نصري أبو جيش على تقصيره إتجاه عدم تزويد القيادة الفلسطينية ببرنامج  زيارة الرئيس الكيني للمنطقة قبل وصوله إليها؟!، أو لربما الكشف عن إهمال توصياته لوزارة الخارجية بهذا الشأن، حتى لو كان ما أشيع حول رفض السلطات الإسرائيلية  الموافقة على طلب الرئيس الكيني زيارة رام الله للقاء الرئيس عبّاس، متذرعةً بأن "الطلب قُدِّم في اللحظة الأخيرة" ، صحيحاً!، وأنا هنا أستبعد صحة ذلك!، فالأجدر لوم النفس على التقصير قبل لوم الأخرين على سلوكهم في سياق بحثهم عن مصالحهم!.                                                                                                                  

كما أنني أستغرب هنا الموقف الذي صدر عن د. صائب عريقات حول هذه الزيارة والذي  عبر فيه عن استهجانه البالغ من تصريحات الرئيس الكيني كيناتا حول سعيه لفتح علاقات دبلوماسية جديدة بين أفريقيا وإسرائيل، وتصرف دولة مثل كينيا، تجمعها علاقات صداقة تاريخية مع فلسطين وشعبها، بدعم الاحتلال وتكريسها لعلاقاتها مع نظام استعماره غير القانوني، وكأنه مغيب عن الواقع أو يتحدث عن حالة غير معلومة  حيث أن التواجد الدبلوماسي الفلسطيني في الواقع في نيروبي هو شكلي وشبه معدم من خلال سفير غير مقيم في حين أن  بيان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر بوضوح عن قوة العلاقة بين كينيا وإسرائيل حين قال "أيها السيد الرئيس، يسرّني استقبالك في أورشليم القدس حيث تقوم حالياً بأول زيارة لك لإسرائيل بصفتك رئيساً لكينيا، وتتمتع إسرائيل وكينيا بعلاقات رائعة قائمة على الشراكة التي تمتد لأكثر من نصف قرن، وكان والدك جومو كينياتا الأب المؤسس للشعب الكيني قاد كفاحه لنيل استقلاله، كما أنه كان مهندس بناء الصداقة بين إسرائيل وكينيا، تلك الصداقة التي تمثلت بصورة دراماتيكية قبل 40 عاماً في المساعدة التي قدمها لإسرائيل عند عملية اقتحامها لـ"مطار" عنتيبي "الأوغندي" من أجل تحرير الرهائن المختطفين الإسرائيليين، وكان هذا الأمر قد ترك بصمته العميقة في إسرائيل حيث يدين شعب إسرائيل بالشكر "للدولة الكينية" على هذا الأمر وإنني أدين بالشكر لها على ذلك"، لذلك لا ندري هنا إن كان د. صائب عريقات يعرف ذلك أو إطلع عليه من الأصل؟!، وما هو الدافع من تصدره للمشهد بدلاً من رأس الدبلوماسية الفلسطينية رياض المالكي ؟!، والذي أثبتت الكثير من المجريات الدبلوماسية الفلسطينية في الأونة الأخيرة فشله الذريع في مكانه وبأن المنصب الذي يشغله  بات أكبر من إمكانياته المحصورة على ما يبدو في أمريكا اللاتينية التي يعيش على ما يبدو حالة  من العشق وغيره معها!، والتي أصبح واضحاً أيضاً أن هناك خسائر متلاحقة في الطريق على مستوى العلاقات التاريخية لفلسطين مع دولها!.                       

  لذلك أرى أن ما أثير حول زيارة الرئيس الكيني للمنطقة يمثل فضيحة دبلوماسية فلسطينية ثقيلة تستدعي إعادة النظر بالإستمرار في لعب الدور الذي يغطي على الفشل القائم  للحفاظ علي بقاء فاشل ولربما متواطئ كونه وديعاً في السمع والطاعة لأن الدبلوماسية بهذا الشكل لا يمكن أن تجلب مكاسب كما نلاحظ بل ستستمر متهاوية لأن الكذب حباله قصيرة!، فعالجوا أخطائكم بدلاً من ملاحقة الأخرين الذين باتوا يجدون من أفعالكم بأن مصالحهم في غيركم!.                                                                                                    

تنويه : بعد فضيحة إغتيال المواطن الفلسطيني عمر النايف في قلب سفارة فلسطين في العاصمة البلغارية صوفيا بعد أن لجأ إليها ، في تقديري أنه أصبح واجباً أن تتنحى الوجوه الكالحة وأن يتم إقالة وزير الخارجية رياض المالكي من منصبه وتحويله للتحقيق وفوراً كونه المسؤول الأول عن هذه الفضيحة.                     

2016-02-26