الجمعة 14/10/1444 هـ الموافق 05/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عودوا إلى مدارسكم ، فالإنقسام عار على جبيننا !!...م . زهير الشاعر

توقفت كثيراً عند حديث الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو يتحدث عن أزمة المعلمين الذي قال فيه "إننا مكلفون بأن ننصف المعلمين وأن نقدم لهم ما يستحقونه من دعم ومساعدة في كل المجالات، وحريصون دائما على أن يعيش المعلم بكرامة، وأن نحفظ كرامة هذا المعلم الذي يحفظ مستقبلنا ومستقبل أولادنا"، فوجدت نفسي فجأة منفعلاً وأصفق وأقول برافو أيها المعلم إنه نصر الصبر ، برافو أيها الملعم الذي كسرت هذه الفوقية وبدأت تمردغها بالتراب لتنزلها صاغرة عن الشجرة التي تسلقتها على أكتاف أبناء شعبها الذي أذلته، حيث أنه يبدو أن الرئيس لم يكن يعي حجم التحديات التي تواجه حكمه بل كان يخدع نفسه ويصدق بأن أحوال الناس على أحسن ما يرام ، وأن الظلم الذي يتعرض إليه هؤلاء يأتي تحت القول الذي يحلو له أن يردده للسكارى والمخمورين والذين يتحدون إرادة الله بفجور من زواره وهو "يا ما في السجن مظاليم" متناسياً مقولة تاريخية تقول بأن الظم لا يولد ثورة ولا رد ولكن الشعور بالظلم والقهر يولد الثورة والرد، ولا أظن أن شعبنا منذ خمسين عاماً قضى جلها تحت الإحتلال حتى اليوم شعر أو يشعر بأكثر من هذا الظلم وهذا القهر الذي داس كرامته وتغول على تطلعاته وأحلام أبنائه بطريقة وقحة لم تعد مقبولة في هذا التاريخ المعاصر، لذلك كان عليه أن يتوقع بأن الخصوم يزدادون عددا وأن مصداقيتهم بدأت تترسخ في وجدان الناس أكثر وأكثر وقربهم من بعضهم بأهدافهم النبيلة بات واضحاً وتوافقهم على الخلاص من هذا الظلم وهذه العربدة وهذا التغول وهذا الإنحراف السلوكي أصبح وثيقة شرف يلتزم بها الجميع من الذين يتوقون للحرية والخلاص لتنير لهم ولشعبهم طريق طالما إنتظروه وهو التحرر من الخوف والعبودية والإنصياع لهمجية القمع وتكميم الأفواه وقطع الأرزاق والتعدي على لقمة العيش، فبدأ التحدي الذي أربك جلاديهم يأتي أكله من خلال حراك المعلمين الذين قرروا إن لم يتحقق لهم نتائج ما طالبوا به وبشكل عاجل تعيد لهذا المعلم كرامته ولباقي أبناء الشعب حقوقهم على أسس من العدالة وفي سياق إحترام القانون، فإن الشعب سيتخذ زمام المبادرة ولن يترك المعلم لوحده بل سيدخل معركة التحدي والخلاص كالطوفان لكنس هذه المنظومة الأيلة للسقوط والفاقدة للمصداقية والمتلصصة  على مقدرات الشعب والمتعدية على كرامة أبنائه وشرف بناته.      

نعم لقد حان الوقت لهذا الرئيس وحاشيته أن يعلم بأنه منتهي الولاية وفاقد الشرعية وما عليه إلا التنحي والخروج لأن شعبنا الأن لا يريد حلول مأزق بل يريد حلول جذرية تحاسب الفاسد وتعيد الحقوق وتلاحق المجرم ، يريد رئيساً يكون منه وإليه يعرف شوارع نابلس وجنين ورام الله وطولكرم لا رئيساً لمقاطعة في مدينة ، يريد رئيساً لا يخشى الذهاب إلى غزة وخانيونس ورفح ليحنو على أطفالهم ونسائهم وشيوخهم ليخفف ألامهم بعد حروب همجية إستباحتهم ، يريد رئيساً يفرض عدالة لا يقسم مناصب لحاشيته ويوزع أبنائهم وبناتهم على مؤسسات في مراكز لا يستحقونها على حساب الأكفاء والشرفاء والوطنين من أبناء شعبه، يريد رئيساً يشعر بألامه وأماله وأوجاعه وتطلعاته ويحرص على مستقبل أبنائه، يريد رئيساً يقدر حاجة نساء شعبه وأطفالهم لا أن يحرمهم من دوائهم وحليبهم وتعليمهم لأن مزاجه أعوج لا يؤمن بالإحتواء ومنطق الكبار بل بالإنتقام وتوسيع الخصومة وخراب البيوت، يريد رئيساً يحترم تعهداته لا أن يطلق مناشدات فارغة لم يعد لها مكان، يريد رئيساً فاعلاً وصاحب موقف لا صاحب أقوال!!.                                                           

هنا وفي تقديري لا أحد يريد من المعلمين أن يبقوا مضربين والطلاب متضررين ولكن يجب أن يعلم هذا الرئيس ومنظومته بأن شعبنا كفر به وبسياساته وبتدخل أولاده وتغول رجالاته وتمسكه بأفراد مشبوهين يفرضهم على شعبنا وهم مبنوذين ومرفوضين وطنياً وشعبياًّ!!.                                                        

فعن أي إنقسام يتحدث الرئيس وهو صانعه وراعيه ؟!، فهل تذكر هذا اليوم بأنه عار على جبينه بعد ثلاث حروب مدمرة على غزة ترملت فيها النساء وتيتم فيها الأطفال وهدمت فيها البيوت وكسرت فيها النفوس وفككت فيها الروابط الإجتماعية وجعل الوطن حزيناً كئيباً فقيراً وحول أبناء شعبه إلى متسولين!!.              إن كان الرئيس محمود عباس صادقاً فعلاً في مناشدته هذه فليتساءل معنا حول إن كان يستطيع أن يصلح ما كسره ، فهل يستطيع أن يحاسب فاسد أو أن يلاحق ذاعر أو أن يقف شجاعاً بخطاب عام ليقول أنه قد أخفق وأنه لم يحقق أماني شعبه بل كان سبباً في تفسخه وإنقسامه ، لذلك قرر بأن يفسح المجال أمام غيره ويرعى ذلك بنفسه ويعلن موعداً ملزماً بالإنتخابات العامة لفرز قيادة مؤهلة وشرعية ومقتدرة ؟! أم أن مناشدته ما هي إلا تكتيك الضعفاء لمواجهة الطوفان وإحتوائه قبل بدايته التي باتت حتمية؟!.                                        

سيادة الرئيس ، لقد خذلت شعبك وقبلت بالخديعة ممن خدعوك ، تركت أحلام ابناء شعبك ومستقبل أبنائهم تستباح على أيدي رجال عصابة كان الجميع يظنون بأنهم رجال دولة!!! .                                          

سيادة الرئيس لا أظن أن تكون القلوب راغبة بإطاعة مناشدتكم أو الأذان صاغية لسماعها بالرغم من أن الجميع يدرك بأن ذلك على حساب الطلاب الأبرياء!.                                                                   

أيضاً سيادة الرئيس ، شعبنا يريد أفعال لا أقوال ، فإن كنتم أدركتم بأن الإنقسام هو عار والجميع باتوا يعرفون ذلك ، لكن للاسف أن الحقيقة تقول أن هذا العار هو على جبينكم لوحدكم، لأن شعبنا متماسك وقيادتكم متففكة وسجل التاريخ في صفحاتكم عار الإنقسام الذي لن تستطيع أي مبادرات أو مناشدات مسحها  إلا إن قررتم أن يكون عنوان ما تبقى من مرحلة لكم هو "حكمة الكبار" التي تليق بمكانة الرئيس، تعود من خلالها لمظلة أبناء شعبكم وتخرجوا كبار بكرامة تصون لكم تاريخ يحكي عنه ويتباهى به أحفادكم!! ، غير ذلك فالألم كبير ويعتصر القلوب والناس مجروحة والجميع ينتظرون الخلاص لا ينتظرون مناشدات!!.

2016-03-02