الدوحة / وكالات / بعد استشهاد الأسير الفلسطيني السابق عمر النايف في ظروف غامضة داخل حرم السفارة الفلسطينية في بلغاريا في 26 فبراير/شباط الماضي، وضعت السفارة الواقعة في حي لوزنتس بصوفيا وطاقمها المكون من 12 شخصا تحت المجهر.
وبات غالبية هؤلاء -خصوصا أصحاب القرار منهم- موضع أكثر من اتهام، أقلها التقاعس عن تقديم حماية لعمر، هو في أشد الحاجة إليها، حسبما أظهرت وقائع الاغتيال، ثم ما رددته رانيا النايف أرملة عمر حول تهديد موظفين له، لم تسمِّهم، ومطالبته بمغادرة المقر، الذي اعتقد أنه سيكون ملجأه الآمن من ملاحقة "إسرائيل".
غير أن حديث رانيا النايف على أهميته لم يكن الموقف الوحيد الذي شهدته الأيام الـ72 التي أمضاها عمر لاجئا في السفارة قبل أن يعثر عليه صبيحة الجمعة ووجه دام في الفناء الخلفي، حسبما أفاد أكثر من مصدر مواكب لقضية لجوء عمر.
نصائح متضاربة
فمنذ ورود نبأ مذكرة الاعتقال "الإسرائيلية" إلى صوفيا في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي استعرض الأسير السابق خياراته مع أصدقائه المقربين في الجالية، حسبما أفاد مصدر في الجالية. وتلقى نصائح متضاربة، لكنه أخذ بنصيحة اللجوء إلى السفارة التي أسداها له اثنان هما (ن.خ) ومسؤول الأمن بالسفارة (م.ز)، وهو صديق مقرب من عمر.
لكن هذه الخطوة لم تبق ضمن نطاقها المحلي بسبب الرمزية التي تمثلها قضية النايف، والضجة التي أثارها بيان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يتهم السفير "أحمد المذبوح" بالضغط عليه لإخراجه.
لذا شكل الرئيس محمود عباس، حسب مصدر في الجالية الفلسطينية، ما يمكن اعتباره خلية أزمة من ستة أشخاص، هم موظفون في الخارجية و2 من المخابرات وخبيران قانونيان لمتابعة القضية وإيجاد مخرج لها.
وقالت مصادر متطابقة للجزيرة نت إن "الوفد اعتبر مقرالسفارة "ساقطًا أمنيًا". وقال مصدر في الجالية الفلسطينية إن "الوفد نصح عمر "بالخروج"، وأشار مصدر ثان إلى "عرض بتهريبه بناء على نصيحة من المخابرات البلغارية"، لكن عمر رفض.
وقد تأكدت هذه المعلومات أمس بتصريح للمتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمة للجزيرة في برنامج "ما وراء الخبر"، حيث قال إن" عباس أكد أثناء اجتماعه مع رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف في رام الله الأسبوع الماضي "على ثلاث نقاط أساسية، أولها عدم تسليمه إلى "إسرائيل" وعدم اعتقاله وتوفير الحماية له، ومحاولة حل المشكلة قانونيا، إلى جانب محاولة على أعلى مستوى لنقله إلى دولة لا يوجد بينها وبين "إسرائيل" اتفاق تسليم".
منع المحامين
أما عن كيفية تعامل السفير مع النايف فيقول مصدر مواكب للقضية إن" السفير المذبوح كان يمنع المحامين الذين يزورون السفارة من اللقاء مع عمر، وكان هو من يلتقي بهم".
وأضاف المصدر أن "صحفية غربية تدعى "شولاميت" أتت من عاصمة أوروبية وبقيت يوما واحدا في صوفيا وغادرت عائدة دون أن تتمكن من دخول السفارة. ويضيف المصدر أن "هناك صحفية هرّبت خلسة من السفير والتقت عمر، وعندما أحس بوجودها أرسل جماعته حتى لا يدور الحديث(معها) بحرية".
أما موقف مدير الأمن في السفارة فيبدو مثيرا للاستهجان لانعدام دوره بحماية النايف قبل حضور الوفد الأمني من رام الله وبعده.
ناهيك عن فضيحة غياب كاميرات المراقبة حول السفارة.
واللافت أيضا -حسب مصادر متطابقة- هو سفر (م.ز) إلى تركيا قبل يوم من اغتيال النايف، وعودته منها بعد وقوع الاغتيال.