السبت 29/4/1446 هـ الموافق 02/11/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الرئيس محمود عباس : هل من قرارات تصحيحية ؟!.....م . زهير الشاعر

بالأمس وصلتني رسالة على شكل بيان لم يتسنى لي التأكد من صحتها ولكنها تشير إلى توقيع خمس مؤسسات تمثل الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية على هذا البيان ، وهي التحالف الفلسطيني الديمقراطي ، مركز النهضة الثقافي ، إتحاد مسلمي أمريكا ، شبكة الجالية الفلسطينية الأمريكية ،تحالف الجمعيات الفلسطينية الأمريكية، وما لفت نظري في هذا البيان نقطتين :                                                   

الأولى تتعلق بمطالبة السلطة الفلسطينية بإقالة  ومحاكمة وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي والسفير أحمد المذبوح  بسبب أنهما متورطين في مقتل مواطن فلسطيني في سفارة فلسطين في العاصمة البلغارية صوفيا حسب ما يشير البيان من خلال عدم توفير الحماية له حسب الأصول المعمول بها في مثل هذه الحالات.                                                                                                              

الثانية  تحدثت بشكل واضح عن تحذير شديد اللهجة للسلطة  الفلسطينية، أنه في حال عدم الإستجابة لمطالب هذه المؤسسات في مدة أقصاها شهر ومحاكمة من تم ذكرهم في البيان المذكور فإن الجالية الفلسطينية بأغلبية مؤسساتها وجميع مسؤوليها في الولايات المتحدة الأمريكية ستتخذ موقفاً يتمثل في وقف التعامل مع السفارة الفلسطينية في واشنطن والقائمين عليها ومقاطعتهم بشكل كامل.                                         

كما وصلتني رسائل أخرى من الكثير من الدبلوماسيين الفلسطينين الذين يعتقدون بأن وجود رياض المالكي على رأس وزارة الخارجية قد تسبب بإساءة بالغة للسياسة الفلسطينية بشكل عام  وشوه صورة الدبلوماسي الفلسطيني بشكل خاص، لذلك هم عبروا عن سخطهم البالغ وبأنه فاض بهم الكيل وأصبحوا يتحدثون بإنفعال شديد حول ضرورة توحيد الجهود ورفع الصوت من أجل إقالة رياض المالكي.                                

لو عدنا للأمس القريب حيث مشهد خروج عشرات الألاف من المعلمين الذين يبحثون عن حقوقهم وكرامتهم فجاءوا مجتمعين من كل مدن الضفة تحدوا حواجز شديدة التعقيد  والكثير  منهم سلكوا الجبال الوعرة والطرق الرملية بإرادة صلبة للوصول إلى المكان الذي يجمعهم لرفع صوتهم عالياً ليقولوا لا للإستمرار في هذا النهج المهين.                                                                                                    

لذلك يرى المتابعين للمشهد الفلسطيني وخاصة فيما يتعلق بهذه التوجهات والأحداث وتنظيمها  وترابطها ، بأن هناك حالة من السخط العام تنذر بقرب حدوث ثورة ضد منظومة السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس ، حيث أنه لا يمكن تجاهل هذه الاضرابات المستمرة والتي أدت إلى شبه شلل شبه كامل  في المسيرة التعليمية ، وزاد الأمر تعقيداً الفوقية التي تتعاطى مع هذه الأحداث والإفتقار للحكمة وعدم التمتع بالقدرة على كيفية إحتوائها قبل تراكمها وزيادة حدتها خاصة أنها مشروعة تطالب بحقوق مهضومة وكرامة مهدورة بسبب فساد منظومة إطمأنت في تغولها على حقوق الناس إلى صمتهم وصبرهم،  ولم تكن تتوقع بأنها ستواجه رفضاً عارماً لأفعالها وغطرستها وظلمها يقول لا للفساد مهما كلف الثمن ولا لعصابات المال ولا لسياسة التهميش وتكميم الأفواه.                                                                                

أيضاً لا أحد يستطيع أن يتجاهل أن هناك حالة غليان تشهدها المدن الفلسطينية هذه الأيام بالتزامن مع ذلك، حيث أنه قد وصل الأمر لحد خروج الشباب الفلسطيني بيافطات تطالب بالرحيل فوراً عن الحكم ، في ظل فقدان الأمل وإنسداد الأفق السياسي وإنعدام الثقة بالمستقبل طالما بقيت منظومة الرئيس محمود عباس على حالها تحت حكم الفرد وما ترتب عليها من قمع ومصادرة للحريات وتكميم للأفواه، مما خلق معاناة كبيرة على كل الأصعدة وأزمات متتالية تزيد لا تنقص أصبحت تهدد المجتمع الفلسطيني بشكل عام .               

أيضاً يشير المشهد بأن خصوم الرئيس محمود عباس يزدادون عدداً وشراسة في تحديه بسبب سياساته الغير حكيمة في إحتوائهم، وتتوافق رؤيتهم حول الخلاص من مرحلته التي باتت تمثل عبئاً على الجميع ، مما خلق حالة من الترقب والمتابعة للحالة الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي أضعفت من قيمة أي جهد يصب في صالح القضية لا بل جعلته خاوي الهدف والمضمون، فلم يتبقى في جعبة الرئيس ما يقدمه لشعبه على الساحة الداخلية التي أهملها على مدى سنوات حكمه، ولم يعد له حظوظ في أن يجلب حلول أو أي تقدم على الساحة الدولية والإقليمية.                                                                                            

لذلك يبدو أنه لم يتبقى أمام الرئيس محمود عباس إلا التاريخ ليكتب فيه بعض المجد أو أن يصر على السير قدماً في طريقه الفاشل البائس الذي لم يجلب له أي إنتصار أو مكانة بين أبناء شعبه ، وهذا سيأخذه إلى طريق السقوط والإنكسار، وهذا لا يتمناه أي عاقل لرجل في سن الثمانين، وبالتالي فالأمر لم يعد يحتمل المراوغات والإعتماد على الألة الأمنية المطلقة، بل يجب على الرئيس عباس أن يساعد نفسه من خلال النزول عن الشجرة ، لأن الخصومة تفرض حالة من ضرورة إبتكار أساليب تتماهى مع محاذير المرحلة وتحصن من القدرة على الإختراق حتى لو أستخدمت أساليب شديدة القذارة في الخصومة، لذلك لن تكون ناجعة ولن يكون هناك أصوب من إتخاذ قرارات تصحيحية تمتص حدة الغضب وتقلل من شحنتها وتوجه تفاعل المواطن مع قضايا التلاقي حول المصلحة الوطنية العامة  بدلاً من الإصرار على السير في طريق الصدام.                                                                                                              

السؤال الملح هنا ، هل سيتخذ الرئيس محمود عباس القرار الصائب بإصدار حزمة قرارات تصحيحية  تتناسب مع ما سبق من وصف للحالة ، أصبحت الساحة الفلسطينية متعطشة إليها أم أنه سيستمر بالمكابرة والإستمرار في السير بطريق الإنتحار السياسي كرئيس يعتبر نفسه فوق المسائلة وفوق القانون أو فوق أي خلاف أو فوق أي تحدٍ لسياساته أو حتى أي إعتبار، وبالتالي لن يستطيع أحد أن يقدر ما هي النتيجة إن إشتعلت النيران!!.  

2016-03-09