السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
رسائل بن قردان...فادي عيد

كشفت لنا احداث بن قردان المؤسفة بالشقيقة التونسية عن زوايا عديده تجاه تحرك و توجه الارهابيين الفارين من ليبيا الى دول الجوار خاصة الغرب الليبي كتونس و الجزائر فقد تكون تونس و الجزائر الاكثر عرضة لخطر التنظيمات الارهابية بليبيا عن مصر بحكم تواجد الجيش الوطني الليبي بشرق ليبيا اي مع الحدود مع مصر فى ظل تقدمه الملحوظ على الارض بالفترة الاخيرة .

بداية تلك ليست العمليات الاولى التى يقوم بها تنظيم داعش خارج حدود دولته الارهابية المزعومة سواء بالعراق و الشام او بليبيا و بتأكيد جميعنا يتذكر التفجيرات التى طالت اشقائنا بالخليج العربي قبل ان نرى تفجيرات باريس و غيرها و لكن جميع تلك العمليات الارهابية كانت تتلخص فى عمليات تفخيخ و وزرع عبوات ناسفة بمحيط به كثافة بشرية كاستاد باريس او مساجد دول الخليج، و لكن فى تونس اختلف الامر تماما و تحول لمواجهات مباشرة بين الارهابيين و رجال الشرطة و الجيش التونسي وجها لوجه فى مشهد لخص مفهوم حرب الشوارع و العصابات، و هنا يجب ان نقف دقيقة امام ذلك المشهد و كيفية تسلل الارهابيين من الحدود الليبية و الدخول الى بن قردان و تنفيذ تلك العملية بذلك الشكل ( حرب الشوارع ) على مدار ايام و فى شكل تمركز هولاء الارهابيين فى بن قردان يتجلى لنا ان هناك تواطئ من بعض سكان بن قردان مع هولاء الارهابيين، و يجب الا ننسى ان الجنوب التونسي اصولي  الهوى و كثيرا ما كانت التيارات السلفية به تلوح بطلب الانفصال عن الدولة التونسية، كما أن الجنوب التونسي كان و لا زال معضلة امام الباجي القائد السبسي بسبب زيادة نفوذ تلك التيارات و الافكار الاصولية بالجنوب .

 

فأدق مسمى لما حدث بتونس بالايام الماضية هو محاولة أقتطاع بن قردان من تونس و اعلانها امارة اسلامية جديدة، و هنا يجب الا يكتفي الجوار الليبي و فى مقدمتهم الجزائر ثم مصر بالمشاهدة فقط لما يحدث فى بن قردان، فذلك قد يكون شكل العمليات الجديدة للمليشيات الهاربة من جحور الصحاري الليبية بدول الجوار بفعل الضربات الجوية عليها او رغبة منها فى توسيع عملياتها بشمال افريقيا و دول الساحل، خاصة و ان ما بداخل غرداية و غيرها من الولايات الجزائرية لا يختلف بكثير عن ما بداخل بن قردان  .

 

و من المؤكد ان تلك الحادثة ستعجل من سرعة الحكومة التونسية فى أنهاء الجدار العازل على الحدود مع ليبيا و تكثيف الجزائر للدوريات الامنية على طول الشريط الحدودي مع ليبيا، اما مصر فجاء الرد مسبقا على لسان القائد الاعلى للقوات المسلحة الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال مكالمة هاتفية اجراها مع احد البرامج الحوارية و اشار فيها بشكل مباشر الى استعداد الجيش المصري لاي سيناريو قادم من الحدود الليبية، و ان الجيش المصري حاضر على طول الشريط الحدودى مع ليبيا و مستعد مسبقا لاي خطوة غشيمة من هولاء الارهابيون .

 

حقيقة الامر تلك كانت رسائل حادثة بن قردان لتونس و لدول الجوار الليبي و ربما لدول المنطقة كلها و جنوب أوربا فى ظل تواجد داعش على بعد 300 كم من سواحل اوربا، و قد تكون تونس امام عاصفة جديدة و لكن هى صامدة كجبالها، و قد تكون بصدد معاقبة على توجه خارجي ما لم يرضي هوى داعمي الارهاب بأقليم الشرق الاوسط، و لكن كلنا ثقة فى أن رجال الجيش و الشرطة التونسية سيسحقون هولاء الجرذان كما صرح الباجي السبسي بقاعة العمليات المركزية بثكنة العوينة، فاذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يواجه القدر .
 

فادى عيد

الباحث السياسي و المحلل الاستراتيجي

[email protected]

 

2016-03-12