نشرت صحيفة “معاريف” الاسرائيلي مقالا للكاتب “جاكي خوجي” قال فيبه أنه بعد أن تبين أن المتطرفين هم الذين يحاربون النظام، قررت إسرائيل أن الأسد هو الأفضل لها، لكنها استمرت في الشكوى من علاقته مع حزب الله وإيران.
وأضاف أنه لن يعترف أي سياسي إسرائيلي أو ضابط عسكري، بفم ملآن، أن بقاء الأسد يشكل بالنسبة لإسرائيل طوق النجاة، وأنه كان علينا أن نصلي من أجل بقائه منذ شتاء 2011، حيث تنبأ الجميع تقريبا أنه سينهار. وأنه يجب علينا أن نشكر نصر الله مرتين. مرة لأنه ساهم بدماء أبنائه من أجل منع انهيار النظام في دمشق. ومرة لأنه سحقهم في معارك صعبة ووجه كل إمكانياته إلى الساحة السورية.
وقال إنه بعد مرور خمس سنوات على الحرب السورية التي لا تبدو نهايتها في الأفق، لكن ذروتها أصبحت على ما يبدو وراءنا، يجب علينا أن نشكر الإيرانيين أيضا الذين ساهموا بالأموال والسلاح من أجل كبح المليشيات السنية وعلى رأسها داعش. ويجب علينا أيضا أن نشكر بوتين لأنه وقف إلى جانب دمشق على طول الطريق.
ورأى أن هذا التحالف المؤيد لسوريا أبعد إمكانية وجود المنظمات الجهادية المتطرفة عن الحدود، حيث كان يمكن أن تتحول إلى كابوس بالنسبة لسكان كتسرين ورمات مغشميم والونيه هبشان وبعد ذلك طبرية أيضا.
ومنذ اللحظة الأولى، كما كتب، ورغم أن الأمر لم يكن علنيا، دعمت موسكو الأسد. دافع روسيا كان واضحا، فدمشق هي قلعة التأثير الأخيرة في العالم العربي بالنسبة لروسيا. وعلى أراضيها يوجد الميناء الوحيد الذي تستطيع أن ترسو فيه السفن الروسية، وهي أيضا السوق الأساسية في الشرق الأوسط للسلاح الروسي، والحليف التاريخي للاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة.
قدم بوتين للأسد السلاح طول فترة الحرب وبذلك أنقذه عمليا. واستخدم الفيتو ثلاث مرات وأنقذه في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من القرارات ضده، منها قرار الخروج إلى عملية عسكرية تشبه ما حدث للقذافي في ليبيا.
وبعد مرور خمس سنوات على الحرب تحسن تأييد روسيا لدمشق، حيث قررت روسيا قبل نصف سنة إرسال جيشها للعمل في سوريا. الظروف الميدانية فرضت ذلك، وساهمت روسيا بشكل كبير في إنقاذ الأسد. وترتبط دوافعها أيضا بالسائل الأسود، لكنها لاحظت فرصة كسر التمرد، وفقا لما أورده الكاتب الإسرائيلي.
السعودية دخلت في أزمة إثر حربها في اليمن وتورطت دون أن تسجل الانتصار. وفي المقابل تراجعت أسعار النفط وأضرت بخزينة الرياض. ولاحظ بوتين فرصة إنزال السعودية عن الشجرة العالية وقام بإرسال سلاح الجو الروسي لقصف الثوار، وبذلك أسهم في تقليل الخطر الذي هدد النفط: دخول لاعب جديد إلى الساحة، لا يهتم كثيرا بالقوانين، كما رأى الكاتب.
وموسكو التي هي من أكبر مصدري النفط في العالم، بدأت العملية العسكرية بالقصف المركز على قوافل النفط المتوجهة إلى تركيا وقصف آبار النفط التي سيطر عليها داعش. وفق ما ترجمه خالد حسن.
وبعد ثمانية أشهر، سيغادر باراك اوباما منصبه بعد ولايتين كرئيس للولايات المتحدة. وإذا صمد الأسد حتى ذلك الحين، فيمكن إرسال الزهور إلى البيت الأبيض، وفقا لتعبير المحلل الإسرائيلي.
فبعد أن أسقطت الولايات المتحدة صدام حسين في العراق وزرعت الفوضى والكارثة في بلاده. وبعد تأييدها العملية العسكرية في ليبيا التي انتهت بإسقاط القذافي وتمزيق الدولة. لعبت واشنطن في سوريا دور البالغ المسؤول.
لقد فعلت ذلك أحيانا من وراء الكواليس، لكن في حالة واحدة على الأقل نجا الأسد من خطر كبير كان يمكن أن يقضي عليه. في سبتمبر 2013 اتفقتا واشنطن وموسكو على تفكيك السلاح الكيميائي في سوريا. وقبل الاتفاق كان لدى الإدارة الأمريكية خطة لقصف المواقع العسكرية في سوريا. كانت الخطة جاهزة والسفن الحربية انطلقت في طريقها. لكن في اللحظة الأخيرة قرر رئيس الولايات المتحدة الذهاب في الطريق الدبلوماسية.
خلال السنتين اللتين سبقتا ذلك السبت المصيري، يقول الكاتب، كان الأمريكيون عاملا كابحا من وراء الكواليس. السعودية التي تعتمد على الأمريكيين في مجال السلاح، أرادت إعطاء “جيش سوريا الحر” صواريخ متقدمة لإسقاط الطائرات المقاتلة، حيث عمل سلاح الجو السوري في حينه وسجل انجازات كثيرة.
وكتب أن إزالة التفوق الجوي كانت ستغير قواعد اللعب، لكن واشنطن استخدمت الفيتو ضد هذا الأمر.
وقد اعتادت إسرائيل على انتقاد الرئيس أوباما بسبب ضعف سياسته الخارجية. وبشكل فعلي، فإن الرئيس الأمريكي قد خدم إسرائيل من الناحية الإستراتيجية مرتين أو ثلاث على الأقل، كما يقول الكاتب:
ففي الموضوع الفلسطيني، سمح لحكومة نتنياهو أن تفعل ما تشاء ولم يفرض عليها أي اتفاق. وفي الساحة السورية ساعد على إعفاء الأسد من نهاية مريرة، وبذلك منع وجود “الإرهاب” على بوابة إسرائيل.
وفي الثالثة، سيثبت التاريخ سيثبت فائدة اوباما لإسرائيل في موضوع الاتفاق الإيراني. وستقول السنين إذا كان الاتفاق قد أضعف السعودية حينما أعاد عدوتها إلى أسرة الشعوب، فإن الإجابات لا توجد لدى اللاعبين الرئيسين أنفسهم، بل ترتبط بالتطورات وبالتفاعلات الداخلية التي ستنتج عن الاتفاق في السنوات القريبة.