الأربعاء 12/4/1446 هـ الموافق 16/10/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
في زمن ' أخصمك آه أسيبك لا ' / أو النصّ الجنين ... فوزي الديماسي

 
نصّ مفتوح على رياح متعدّدة / رسالة إلى أبي العلاء المعرّي 

أسمع هدير دمعك في محبسيك ، وآهات حرفك بين جنبيك ، أسمع قهقهات بائعات الهوى على قارعة مدادك المغدور ، وعقلك الجريح في سماء عاقر يهدهد أرضا جرداء ، أسمع فحيح الخبز المغمّس بماء حيرتك بين ثنايا حلمك الفقير ، وأشاهد بعين بصيرتي عبرات الورد في صحراء الذئاب المحيطة بكلماتك المنبعثة من بين شقوق شجنك ، أسمع ضحك الملوك في بساتين الفراغ ، وهذا قرطاسك المبحوح في زمن طفيليات الدروب يلوّح بهزيل الأمنيات في وجه الفجر .
ركبت الصراط مضطرب الفؤاد ، شاحب الخطوات ، موجّها بعض حرفي شطر واحاتك ، وتحسّست الطريق إلى وجهك المفتوح على باحة الأسئلة ، لعلّني أدرك مرافئ الدهشة في شرفاتك ، فجاءني صوتك من هناك ، من وراء جنّاتهم الموبوءة ضبابيّ الملاحم ، يبكي ويستبكي ، يبكي أبا مصلوب الأحلام على باب مدائنهم المزركشة بفحيح قينة ، وآهات الليالي الوردية تحثّ فيهم أبجديات النديم ، وعلى حافة لسانك تراقص أنثى سراويلهم المحمومة الليل عارية إلاّ من غبارالشهيق والنهيق والفحيح .
أسمع تفجّعك ...
ريح السفح تعصف بعميق رؤاك ...
حدائقك المنهوبة وليمة لمخالب النسيان ...
طلبتك في مرايا الحروف ، فما أدركت خطاك ، طلبتك في مئذنة البلد وناقوس القرية ، في صلوات الشيوخ ، في البيوت العتيقة ، ما أدركت صدى صوتك في جماجمهم النخرة . سأبحث عنك في وجه الله النائم بهدوء الأطفال بين جنبي ، في ضحكات الصبايا قرب بئر الثرثرة الحالمة ، في فجر قريتي المسبيّة ، في دمعة أمّي المغلولة بسلاسل عروشهم الخراب ، في دمع وردة فقدت طريقها إلى أريجها ، سأبحث عنك في البيداء ، في صهيل خيول الهباء ، في عمائم شيوخهم السكارى في بلاط الانحدار ، على جبين طفل ينام ملء موته على شاطئ الخيانة .وأقف بوجهي التائه في مساحات سؤالك ، أقف أمام مرآة مدائنهم ، فأجدني بلا ملامح ، بلا تضاريس ، بلا بوصلة ، وهواجس الترحال في حبرك الممتدّ في عروقي تعصف بي بحثا عن صوتك ليرسمني سكينة على أرض مستقرّة في عرض المداد ، أتفحّص ضعفي ، وأتلو نرجسيتي الجريحة على تفاصيل المرايا الغائبة ، لعلّني أدركني غناء صفيلا ، فيقهقه الدرب بسخرية سوداء من وراء جبال حيرتي ، ويردّني إلى أمواج المحاولة ، فألملم وهمي وأبجدية أسئلتي ، وألوذ بحلم صوتك مرة أخرى لعلّني أدركك أدركني

 

2016-03-30