مقولات زمن النكبة
شكلت نكبة فلسطين محطة سوداء في التاريخ الحديث للشعب الفلسطيني، فمن ناحية تم طردهم من وطنهم وأرضهم وجردوا من أملاكهم وبيوتهم، ومن جهة ثانية شردوا في بقاع الأرض لمواجهة كافة أصناف المعاناة والويلات.
وصفها المؤرخ عارف العارف بنكبة اصابت العرب والمسلمين خلال حقبة من الزمن لم ينكبوا بمثلها لقرون خلت وإضافة للطرد والتشرد وفقدان فلذات الاكباد قال " اصبنا فوق هذا بكرامتنا فى الصميم ، و المفكر قسطنطين ازريق أطلق عليها اسم النكبة من خلال كتابته حول محنة العرب قائلا :" ليست هزيمة العرب في فلسطين بالنكسة البسيطة، او بالشر الهين العابر، وانما هي نكبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى، ومحنة من اشد ما ابتلي به العرب في تاريخهم الطويل، على ما فيه محن ومآس ".
و في مقدمة «طريق الخلاص» كتب جورج حنا الطبيب اللبناني الذي مارس الكتابة والسياسة من خلال انتمائه الى حركة انصار السلم يقول: "المعركة التي خسرناها، ليست، في نظرنا، المعركة الفاصلة، والكارثة التي حلت بنا، ليست بالكارثة التي تغلق علينا ابواب الرجاء، هذا اذا جندنا قوانا كلها، في نضال طويل وشاق، واذا اقلعنا عن سياسة الارتجال والاستهتار، هذه السياسة التي جرّت بنا الى هوة عميقة، والتي اذا استمرت كتبت على دنيا العرب الذل والهوان"
وفي مقدمة «بعد النكبة» يصف قدرى طوقان ما حدث بقوله: "كان التراجع امام الاعداء وكانت الكارثة التي اصابت العرب اجمعين في شرفهم وكرامتهم وكيانهم... واوشكت الهزة ان تقضي على الكيان... وان لم يتداركها العرب بالحكمة والتنظيم والعمل فستكون من عوامل زوالهم ومحوهم كأمة من الأمم" ، أما موسى العلمي الذي ادى ادواراً مهمة في الحركة الوطنية الفلسطينية، وشارك في الوفد الفلسطيني الى مؤتمر لندن سنة 1939 الذي صدر عنه الكتاب الابيض، كتب في مقدمة «عبرة فلسطين» قائلاً: "لقد كان المسبب الاول للكارثة الانكليز، فهم الذين وعدوا اليهود بفلسطين (وعد بلفور 1917)، وجعلوا لهم فيها «وطناً قومياً». ثم فتحوا لهم ابوابها، وبسطوا لهم من رعايتهم وحمايتهم ما مكّنهم من ان يستوطنوا فيها ويكثروا. وفي حماية الحراب البريطانية نشأت المستعمرات اليهودية وانتشرت، وطغى سيل الهجرة اليهودية. وتحت جناح الانتداب البريطاني افرخ الارهاب اليهودي وترعرع، وعلى ايدي الانكليز تدرّب وتمرّس، حتى آل الى قوة عسكرية منظمة. وفي غضون ذلك منعنا الانكليز من ان نتسلح، واغمضوا اعينهم عن تسلح اليهود، حتى اذا وقف البناء اليهودي الذي اقاموه على رجليه، واشتد ساعده اخلوا لهم الميدان وحلوا بيننا وبينهم، ونحن عزل وهم مسلحون، ثم انسحبوا، وادعوا الحياد».
واضاف العلمي: «الانكليز هم المسبب الاول للكارثة، وعليهم وزرها، يشاركهم فيه الاميركيون والروس. هذا امر مفروغ منه، لكننا على كل حال وجدنا انفسنا امام اليهود وجهاً لوجه، ودخلنا واياهم في معركة لتقرير المصير. وبالرغم عما فعل الانكليز والاميركيون والروس، فقد كان في مقدورنا ان نربح المعركة وان ننتصر».
ويرى بعض الكتاب والمحللين، أن مصطلح نكبة يعبر عن الكوارث الناجمة عن الظروف والعوامل الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والأعاصير، بينما نكبة فلسطين كانت عملية تطهير عرقي وتدمير وطرد لشعب أعزل وإحلال شعب آخر مكانه، حيث جاءت نتاجاً لمخططات عسكرية بفعل الإنسان وتواطؤ الدول، فقد عبرت أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير حتى احتلال ما تبقى من أراضي فلسطين في عام 1967 عن مأساة كبرى للشعب الفلسطيني
وصفها شاعرنا محمود درويش بالابيات التالية :
كنا طيبين وسُذَّجاً. قلنا: البلادُ بلادُنا
قلبُ الخريطة لن تصاب بأيَّ داءٍ خارجيٍّ.
والسماء كريمة معنا، ولا نتكلم الفصحي معاً
الا لماماً: في مواعيد الصلاة، وفي ليالي القَدْر.
حاضُرنا يسامرنا: معاً نحيا، وماضينا يُسلّينا:
اذا احتجتم إليّ رجعتُ . كنا طيبين وحالمين
فلم نر الغدَ يسرق الماضي.. طريدَتَهُ، ويرحلُ
(كان حاضرنا يُرَبِّي القمح واليقطين قبل هنيهة،
ويُرقِّصُ الوادي)
وفى وصفه للخيانة التى تعرض لها شعبنا قال :
(لا قطار هناك، لا أحد سينتظر القطار)
بلادنا قَلْبُ الخريطة. قلبها المثقوبُ مثل القرش
في سوق الحديد. وآخر الركاب من احدي
جهات الشام حتي مصر لم يرجع ليدفع اجرة
القناص عن عمل اضافيٍّ كما يتوقع الغرباء.
لم يرجع ولم يحمل شهادة موته وحياته معه
لكي يتبين الفقهاء في علم القيامة أين موقعه
من الفردوس. كم كنا ملائكة وحمقي حين
صدقنا البيارق والخيول، وحين آمنّا بأن جناح
نسر سوف يرفعنا الى الأعلى!
حقائـق وأرقـام
أكد تقرير صادر عن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء بمناسبة ذكرى النكبة قبل أعوام أن نكبة عام 1948 تمثلت باحتلال ما يزيد على ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية وتدمير 531 تجمعا سكانيا وطرد وتشريد حوالي 85% من السكان الفلسطينيين .
لقد أدى هذا الطرد للجوء أكثر من 900 ألف فلسطيني خارج وطنهم ليقيموا في الدول العربية المجاورة وكافة أرجاء العالم وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين عام 1948 وذلك في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية.
وأوضح تقرير الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء بداية العام 2016 أن المعطيات الإحصائية تظهر أن عدد الفلسطينيين عام 1948 بلغ 1.4 مليون نسمة في حين قدر عدد الفلسطينيين نهاية 2015 فـي العالم حوالي 12.37 مليون فلسطيني ، اى تضاعفوا ما يقارب التسع مرات .
أما فيما يتعلق بالفلسطينيين المقيمين ما بين النهر والبحر فلفت إلى أن إجمالي عدد الفلسطينيين المقيمين في فلسطين التاريخية بلغ نهاية عام 2015 حوالي 6.22 مليون نسمة 4.75مليون فـي دولة فلسطين، وحوالى 1.47 مليون فلسطيني داخل الخط الاخضرمقابل ما يقارب 5.46 مليون في الدول العربية ونحو 685 ألف في الدول الأجنبية.
وكانت التقديرات الاحصائية للعام 2007 توقعت ان هناك نحو 5.5 مليون يهودي، وأنه سيتساوى عدد الفلسطينيين واليهود ما بين النهر والبحر بحلول عام 2016. وقد جاءت تقديرات نهاية العام 2015 و2014 الاسرائيلية مقاربة للتوقعات فعدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية حوالي 6.22 مليون نهاية عام 2015، في حين بلغ عدد اليهود 6.22 مليون بناء على تقديرات دائرة الإحصاءات الإسرائيلية نهاية عام 2014، ومن المتوقع ان يبلغ عددهم 6.34 مليون مع نهاية عام 2015، وفي تقدير جديد للإحصاء اللإسرائيلي نُشرت في مايو 2016 بلغ عدد اليهود في إسرائيل (6.377000) نسمة بما نسبته 74.8% وهو يكاد يتساوى مع التقديرات الفلسطينية للزيادة في أعدادهم في إسرائيل بينما اختلفت الإحصاءات الإسرائيلية عن الفلسطينية في تقدير الفلسطينيين داخل الخط الأخضر حيث وصل تعدادهم إلى (1.771000) نسمة بما نسبته 20.8% فيما بلغت القوميات الأخرى (374000) نسمة بما نسبته 4.4% ووصل بذلك الإجماع السكاني في إسرائيل إلى (8.522000) نسمة الفلسطينية، وسيتساوى عدد السكان العرب واليهود قبل نهاية عام 2017. وستصبح نسبة السكان اليهود حوالي 49.4% من السكان وذلك بحلول نهاية عام 2020 حيث سيصل عددهم إلى نحو 6.96 مليون يهودي مقابل 37.1 مليون عربي.
ويعود ذلك الارتفاع الى ان خصوبة الفلسطينيين أعلى من خصوبة اليهود فقد بلغ معدل الخصوبة الكلي للمرأة الفلسطينية في إسرائيل 3.2 مولوداً وذلك للعام 2014، مقابل 3.1 مولوداً لكل امرأة في إسرائيل، وبلغ متوسط حجم الأسرة الفلسطينية في إسرائيل 4.7 أفراد، وبلغ معدل المواليد الخام حوالي 23.8 مولوداً لكل 1000 من السكان، فالمجتمع الفلسطيني في إسرائيل مجتمع فتي فقد بلغت نسبة الأفراد دون الخامسة عشرة من العمر حوالي 34.8%، مقابل حوالي 4.2% للأفراد 65 سنة فأكثر للعام 2014 .
هذا فيما تشير معطيات الخصوبة الى انخفاضها فى الضفة والقطاع الا انها تبقى اعلى منها فى اسرائيل فقد انخفض معدل الخصوبة الكلي خلال الفترة 2011-2013 إلى 4.1 مولوداً مقارنة مع 6.0 مواليد عام 1997؛ 3.7 مولوداً في الضفة الغربية و4.5 مولوداً في قطاع غزة.
قدر عدد السكان في دولة فلسطين بحوالي 4.75 مليون فرداً؛ حوالي 2.90 مليون في الضفة الغربية و1.85 مليون في قطاع غزة. وبلغت نسبة السكان اللاجئين نحو 42.8% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في دولة فلسطين؛ بواقع 27.1% في الضفة الغربية و67.3% في قطاع غزة بواقع 19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.فيما وصل تعدادهم خارج فلسطين 6.145000 ومعظمهم لاجئين وبالتالى يقارب اللاجئين الفلسطينيين فى الخارج نسبة ال 49.7% ومع اللاجئين فى فلسطين من الضفة والقطاع يصبح المتوسط لتعدادهم من مجموع الفلسطينيين جميعاً بما فيهم الفلسطينيون داخل الخط الأخضر اكثر من 68% يعيش حوالي ثلثهم في 59 مخيماً ولا يشمل تعداد اللاجئين المذكور من تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية حرب حزيران 1967 'حسب تعريف وكالة الغوث للاجئين' ولا يشمل أيضا الفلسطينيين الذين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967 على خلفية الحرب والذين لم يكونوا لاجئين أصلا. وهذه النسب تمثل الحد الأدنى من الزيادة السنوية للاجئين، وإذا تم الأخذ بالاعتبار اللاجئين غير المسجلين وحسب تقديرات الوكالة ذاتها يصبح عدد اللاجئين بعد 68 عاما على النكبة يزيد عن نصف الفلسطينيين في العالم .
وقد قدر عدد السكان الفلسطينيين الذين لم يغادروا وطنهم عام 1948 بحوالي 154 ألف مواطنا، في حين يقدر عددهم في الذكرى الثامنة و الستون للنكبة حوالي 1.4مليون نسمة بنسبة جنس بلغت حوالي 103.7 ذكرا لكل مائة أنثى، ومتوسط حجم الأسرة 4.7 فردا. وبلغت نسبة الأفراد أقل من 15 سنة حوالي 40.2% من مجموع هؤلاء الفلسطينيين مقابل 3.2% منهم تبلغ أعمارهم 65 سنة فأكثر، مما يشير إلى أن هذا المجتمع فتيا كامتداد طبيعي للمجتمع الفلسطيني عامة .
من ناحية أخرى تشير نتائج التعداد الى ان معدلات المواليد والوفيات الخام تتجه نحو الانخفاض فقد بلغ معدل المواليد الخام في العام 2015 في فلسطين 31.9 مولوداً لكل 1000 من السكان؛ 29.0 مولوداً في الضفة الغربية و36.3 مولوداً في قطاع غزة. ومن المتوقع أن ينخفض هذا المعدل ليصل إلى 29.0 عام 2020. كما بلغ معدلات الوفيات الخام المقدرة في العام 2015 في فلسطين 3.6 حالة وفاة لكل 1000 من السكان؛ 3.7 في الضفة الغربية و3.4 في قطاع غزة، ومن المتوقع أن تنخفض هذه المعدلات لتصل إلى 3.4 عام 2020.
في المقابل تشير التقديرات أن عشية يوم النكبة الفلسطينية ال 68، سيصل عدد الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، 7.6 مليون نسمة، منهم 6.4 مليون يهودي وقد كان عدد السكان اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أول عام للنكبة الفلسطينية 806 ألف نسمة فقط، أما الآن، بعد 68 عاما ، فقد ارتفع عدد السكان اليهود بأكثر من 8 أضعاف، بفضل النمو الطبيعي وموجات الهجرة الكبرى.
ويشير تقرير لوكالة وفا الفلسطينية أن 72% من الإسرائيليون هم من مواليد البلاد، و55% منهم باتوا جيلاً إسرائيلياً ثانيا منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، فيما كان 35% فقط من الإسرائيليين من مواليد فلسطين المحتلة في عام 1948.
كما أنه ومع قيام الكيان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948، لم تكن سوي مدينة محتلة واحدة بها أكثر من مائة ألف نسمة من اليهود، وهي "تل أبيب"، أما اليوم فتوجد 17 مدينة كبرى محتلة (أكثر من مائة ألف يهودي)، خمسة منها مع أكثر من 200 ألف نسمة من اليهود، وهي مدينة القدس، تل أبيب، حيفا، ريشون لتسيون وأسدود المحتلات.
كما بلغ مجموع المواقع الاستيطانية في الضفة الغربية 474 مستوطنة حتى اواسط عام 2015 184 مستوطنة، 171 بؤرة استيطانية، 26 موقع استيطاني، 93 مبني مستولى عليه كليا او جزئيا.
كما ذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة بلغ 536,932 مستوطنًا في نهاية عام 2011، مقارنة بـ 523,939 في نهاية عام 2010، أي بنسبة نمو مقدارها 1.3%.
وكان نحو 375 ألف مستوطن يعيشون في بداية عام 2014 في مناطق 'C' الضفة الغربية، وتشكل هذه المناطق حوالي ستين بالمئة من أراضي الضفة الغربية، وتخضع لسيطرة إسرائيل التامة، وتوجد في هذه المناطق غالبية المستوطنات التي يعتبرها المجتمع الدولي غير شرعية.
وهذا العدد من المستوطنين يمثل زيادة قدرها 4,2% مقارنة بعام 2013، ويعيش نحو 300 ألف فلسطيني في منطقة 'C' بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) ويعود الاختلاف فى الاحصاء الى عدم تتضمن الإحصاءات الاسرائيلية 200 ألف إسرائيلي يعيشون في عشرة أحياء استيطانية في القدس الشرقية المحتلة منذ عام 1967 بمعنى ان اعداد المستوطنين حاليا يجاوزوا حاجز ال 600 ألف مستوطن . فعدد المستوطنين في الضفة الغربية باستثناء القدس وفقا لآخر احصاء قد اصبح407 الف مستوطن وهذا يوضح الزيادة المتسارعة فى الاستيطان والتغول الاسرائيلى الناتج عن تدمير امكانيات اى حل عادل للقضية الفلسطينية .
*** مركز عبدالله الحورانى للدراسات والتوثيق